بالأمس قرأتُ خبرًا في الصحف عن مشكلة عجز في ميزانية العلاج المجاني كشفت عنه وزارة الصحة ولاية الخرطوم تجاوز مبلغ ال (3) ملايين جنيه في الفترة من يناير وحتى أغسطس من العام الجاري في وقت بلغت فيه مديونية المستشفيات (9) ملايين جنيه، شاكية من توقف دعم ديوان الزكاة منذ مايو من العام الماضي. وأقرَّ مدير الطب العلاجي د. (بابكر محمد علي) بتردي الخدمة بالمؤسسات الصحية بالخرطوم، وأرجع ذلك للتكدس الكبير وازدحام المرضى بالمستشفيات وخاصة من الولايات؛ مما سبب ضغطاً كبيراً فاق الربط المحدد بفارق كبير، مؤكداً أن معدل التردد على المستشفيات وصل (236383) مريضاً بتكلفة حقيقية تجاوزت مبلغ (5) ملايين جنيه مقارنة بالميزانية المخصصة التي تفوق ال (3) ملايين جنيه بقليل. وتقدِّم الولاية دعماً شهرياً يفوق مليون جنيه، والحكومة الاتحادية تدعم بأكثر من (2) مليون جنيه شاملة حصة المستشفيات الاتحادية التي آلت للولاية، فيما يدفع ديوان الزكاة (50) ألف جنيه، منوّهاً إلى توقف الدعم الأخير منذ ثلاثة أعوام، كاشفاً عن جملة من التحديات تواجه برنامج العلاج المجاني الذي قال إنه لا يغطي كل الخدمات (فلا يزال المواطن يدفع لمقابلة تكاليف الخدمات خارج المجانية).. (وفي ذات اليوم قادتني الصدفة للدخول مساء إلى إحدى المستشفيات الطرفية وقابلني جار لنا يسكن ذات الحي يحمل بناته الاثنين مريضتين وعندما سلمت عليه وسألته إن شاء الله خير وكفارة وسلامتكم قبل أن يجيبني عن أسئلتي قال لي عليك الله يا أستاذة اكتبوا لينا في نقص الدواء الخاص بالتأمين؛ لأننا تعبنا وأي دواء يكتب في الروشتة ناس الصيدلية يقولوا مافي مما يضطرنا لشرائه من الخارج بسعر أعلى يفوق إمكاناتنا المالية، وأحيانا نرجع من الصيدلية على أعقابنا؛ لأننا لا نملك ثمن الدواء)، هذان المشهدان عند قراءة الخبر صباحًا وسماع الشكوى المرة من عدم توفر الدواء في المساء يقودان لطرح عدد من الأسئلة المتعلقة بالجانب الصحي، ذو المشكلات والتعقيدات التي لا تحسب أو تحصى، فإذا كانت وزارة الصحة بالولاية تشكو في الصحف قلة ميزانيتها وتوقف الدعم لأكثر من (3) أعوام فماذا يفعل المواطن؟ الذي أجبرته الظروف على تلقي الخدمة الصحية (بقروش) بدلاً عن مجانية العلاج التي كانت شعارًا مرفوعًا ذات يوم وماذا يفعل حين تضيق به ذات اليد ولا يجد في جيبه ما يقابل ثمن دواء كان من المفروض أن يحصل عليه بربع القيمة من خلال بطاقة التأمين الصحي والتي خصصت لمجانية العلاج تخفيفًا على المواطن ولكن انقلبت الآية وأصبحت البطاقة بقدرة قادر عبئًا إضافيًا تحملها وتحمل ما تجره عليك من أموال واجبة السداد لقيمة الدواء خارج منظومة التأمين، وأحيانًا يضطر عدد كبير من الناس للانتظار ساعات وساعات من أجل اكتمال إجراءات العلاج بالبطاقة داخل المراكز والمستشفيات ويتكدسون بأعداد كبيرة لأوقات طويلة ولا مراعاة لكبار السن أو الحالات الحرجة في انتظار دورهم لمقابلة الطبيب.. والمشتركون في خدمة التأمين ملزمون بتلقي الخدمة بمراكز ومستشفيات تبعد عن مناطق سكنهم فلماذا لا تضاف مستشفيات ومراكز أخرى لتقدم خدمات التأمين الصحي للمواطنين وأن لا تصبح حصريًا فقط على الأطراف دون العاصمة بحيث تسهل العلاج لطالبيه. الأطباء والخريجون الجدد لا توجد إمكانية لاستيعابهم في المجال لزيادة الكادر العامل؟ سؤال أخير بالرغم من أن العلاج بالبطاقة بربع القيمة يسدد المواطن القيمة كاملة وربما أضعاف أضعاف قيمتها الحقيقية بالصيدليات التجارية بحجة أن الدواء خارج التأمين نريد إجابة؟.