صاحب الفخامة هو الشعب السورى وليس رئيسه !! جعفر عبدالمطلب [email protected] كنت في دمشق في أغسطس من العام الماضي في إجازة سنوية برفقة أسرتي .لأول مرة أزور مدينة دمشق الفيحاء ، التى كنت أعتقد أن زيارتى لها تأخرت كثيرا ، بعد الزيارة المجهضة قبل سنوات طويلة برفقة الصديق الراحل الأستاذ محجوب كرار . ما أن وصلنا سهل البقاع وأصبحنا علي مرمي حجر من مصب نهر الكلب ، أعادتنا السلطات الأمنية الي بيروت بحجة إندلاع الصراع الفلسطينى في سهل البقاع حينها ، وكان الصراع آنذاك ما يزال طازجاً .مجرد أن عدنا أدراجنا بيروت ، حتي عوضتنا الصدف السعيدة تلك الزيارة بأفضل منها ، حيث شاءت الصدف أن نلتقي الشاعر الكبير محمد علي شمس الدين وكان معنا الصديق مختار عجوبة حينها . أعد لنا الرجل وليمة عشاء فاخرة في بيته الراقي بإحدى ضواحي بيروت .بقدر ما كان العشاء فخيما بقدر ما كان المساء مطرزا بشعر وحديث ذو شجون زاد علي العشاء فخامة . اعود الي دمشق التي زرتها للمرة الأولي .كنا وقوفا بالعشرات في صف يتحرك ولا يتحرك أمام العشرات من \" كاونتر \" الجوازات البرية للحصول علي تأشيرة الزيارة الي بيروت .لم نصدق أننا وصلنا الي حضرة الضابط ، فأذا به يدخل في خلاف حاد مع سائح عراقي ، حتي رفع صوته في وجهه بالفاظ لاتليق ! ما أن رد عليه العراقي من أجل كبرياءه المجروح ، حتي حلف الضابط بأغلظ الإيمان أنه لن يواصل العمل ! ثم أشعل سيجارة ومضي الي حاله وسط دهشة العشرات الذين كانوا يزحفون أمامه . تقدمت من زميل له أساله بمنتهي التهذيب والأدب ، قلت له : ما ذا نفعل وزميلك قد مضي الي سبيله ! طبعاً لم أشأ أن أسأل عن المشرف علي \" الكاونتر \" بغرض الشكوي لاسمح الله ! قال لي : عليكم بالإنتظار ... يبدو أن للضباط مناديب يندسون في الصالة . فقد إقترب منى أحدهم وقال لي : يبدو أنك علي عجل قلت له :لدي حجز في أحد فنادق بيروت سأفقده جراء هذا التأخير .أخذني من يدي في إتجاه \" الكاونتر \" الخاص بالدبلوماسيين . قلت له : معذرة أنا لست دبلوماسياً ،قال لي : ماعليك تعال معي ولكن ضع في كل جواز مائة ليرة أي والله ! كانت المرة الأولى التي أتعاطى فيها رذيلة الرشوة في حياتي ! .ربما ينطبق علينا( فقه الضرورة) الذي يدير به الدكتور نافع شؤون البلاد والعباد في السودان !قصصت هذه الواقعة على سائق التاكسي ، وقد كان شاباً مثقفاً يمارس العمل فى التاكسى كعمل إضافي . قال لى : العاملون في الأجهزة الأمنية علي الإمتداد السوري ،هم فقط من طائفة العلويين وليس غيرهم ، الناس تعرفهم جيداً وتتبرأ منهم علي مستوى الحياة الإجتماعية أي أنهم منبوذون ! تذكرت كل ذلك وغيره وأنا أتابع يومياً ما يحدث للشعب السورى الشقيق .القتل اليومي بالعشرات وتارة بالمئات ، والشعوب العربية ومثلها الحكومات في صمت معيب ومفضوح ! أين الوحدة العربية التي كانت تحدثنا عنها دروس الجغرافية والتاريخ والتربية الوطنية ونحن طلاب المحلة الوسطي والثانوية !، تقول لنا أن الأمة العربية جسم واحد إذا أشتكى من الألم تداعت له سائر الأعضاء بالحمى والسهر . لم تخرج تظاهرة عربية واحدة تندد بما يحدث في سوريا ما عدا يتيمة في قاهرة الثورة ! إن ما يحدث في سوريا وما يتعرض له الشعب السوري علي إمتداد الجغرافية السورية أمر مأساوى.نظام يقتل شعبه بمثل هذه القسوة والبشاعة وسط صمت دولي وأقليمي ( ماعدا تركيا ) وعربي مشين لايليق الضمير الإنساني . ما عدا موقف عمرو موسي الذي كان شجاعا حين ما إنتقد ما يجري في سوريا علانية ، ولكن الرجل إنتهت ولايته كيف تصف الفضائيات ووكالات الأنباء علي إختلافها ما يحدث في سوريا بأنه إفراط في إستخدام القوة ! ما ذا يعنى هذا الإختياء خلف اللغة ! أن ما يحدث للشعب السوري الشقيق هو القتل والتقتيل والسحل وحرق القري والمدن وتعذيب الثورا العزل وإعتقالهم وسوقهم الي أما كن لن يعودو منها الي الحياة سالمين .رغم كل ذلك وأبواق الإعلام السوري الرسمي ما تزال تخاطب الرئيس بشار الأسد \" بفخامة الرئيس \" ! أى فخامة لرئيس يقتل شعبة بمثل هذه الوحشية والبشاعة لمجرد أن يبقى في السلطة ! ألم يشاهد هذا البشار كيف كان مصير حسني مبارك بالأمس ! ممدداً علي سرير بالكاد يسمع سؤال قاضيه ! صاحب الفخامة هو شعب سوريا الشجاع الجسور الذي ظل يقدم الشهداء والشهيدات يوميا بالعشرات بل بالمئات من أجل أن يزيح من علي كاهله حمولة القهر والعبودية والذل لنصف قرن من زمن الهوان والإستبداد . صاحب الفخامة هم الشعب السوري وليس رئيسه !!