بالمنطق إسحاق وصرخة (أواخر اللّيل )!! صلاح الدين عووضة [email protected] * هاتفني نفرٌ من أهلي النّوبيين البارحة غاضبين مما كتبه إسحاق أحمد فضل الله في زاويته ب(الإنتباهة) .. * فقد كتب صاحب (آخر اللّيل) يقول إن هناك مخططاً مرسوماً لهدم السّودان يُشارك فيه نوبيون من شمال وجنوب الوادي عبر التّخطيط لإنشاء دولة خاصّة بهم .. * وكان أشد المهاتفين هؤلاء غضباً (بلدياتنا) سيد من عبري .. * وقال سيد هذا في غمرة غضبه : (إحنا خلاص قِرفنا من العرب ديل) .. * ولكن من قال لقريبنا سيّد إن هؤلاء الذين (قرف) منهم هم عرب ؟! .. * فخلال لقاء جمعني مرة بكلَّ من الطّيب مصطفى وإسحاق فضل الله قالا لي متسائِلَين وهما يُسائلان من خلالي النّوبيين كافة : (من قال لكم أنّكم لستم عرباً ؟! ، أنتم عرب و\"نص وعشرة\" وإن أبيتم) .. * فقلتُ لهما بدوري بصيغة التّساؤل نفسه :(ومن قال لكما لستم نوبين مستعربين ؟! ، أنتم كذلك و\"نص وعشرة\" وإن أبيتم .. * فالسودانيون جميعاً عدا قلة هم نوبيون في الأصل (خضعوا) للإستعراب بدرجات متفاوتة .. * ألم تر يا اسحاق إلى الفراعنة النوبين كيف تركوا آثاراً تدل عليهم في كثير من بقاع السّودان من معابد وتماثيل (وطرابيز) وإهرامات .. * فليست العروبة هي عروبة اللّسان كما يظن إسحاق وابن مصطفى وإنما هي عروبة العِرق .. * ويكفي دليلاً على قولنا أن يذهب صاحب (آخر الليل) إلى سوق عكاظ ليطرح بضاعته العروبية في (وضح النّهار!!) ليرى إن كانوا يرونه (ليلاً !!) أم (نهاراً !!) .. * وفي برنامج تلفزيوني قبل أيام أشار بعض شعراء الشّايقية إلى أن حوالى (40%) من مفردات لهجة بني شايق هي نوبية أصيلة .. * وكذلك الأمر بالنّسبة لكثير من لهجات قبائل السّودان المختلفة .. * ولسنا في حاجة إلى أن نُعيد ما ذكرناه كثيراً عن اعتدد بالنّفس لمن يعتز ب(أصله) إزاء أيّ استعلاء عرقي خارجي نحونا من تلقاء (العرب !!) .. * فالنُّوبيون جميعاً وكُلّ مُعتّد بأصله النّوبي من أبناء السّودان اجمعين (مُحصَّنون !!) من مثل هذه الاستعلاءات ؛ لأنهم لا يرون أنّ هنالك من هم أفضل منهم (عِرقاً) و(أصلاً !!) و(حضارةً) .. * ولكن حين يرى النّوبيون أن هنالك من لا يكتفي ببيع (أصله) من أجل شراء (ماركات عرق عروبيّة !!) مستحيلة .. * حين يرون أنّ هنالك من لا يكتفي بذلك وإنّما يسعى لمحو وجودهم النّوبي ذاته فإن الإحساس بالخطر يدفعهم تلقائياً إلى بحث سُبل الدّفاع عن النّفس) .. * والإحساس هذا يتنامى باضطراد خلال عهد (المشروع العروبي الإسلاموي) لتصحبح مشاريع السّدود والتّوطين والنّزوح وأحاديث إسحاق وحسين خوجلي شيئاً أشبه بمرابطة الحوثيين والهكسوس والأشوريين على التّخوم في زمن مضى .. * وهذا (بالضّبط) ما حذرنا منه في كلمة لنا بعنوان (صوت النّوبة) قبل سنوات خلت .. * فقد قلنا إنّ على أصحاب سياسة فرض (الاستعراب) بالقوة أن ينتبهوا إلى همهمات احتجاجيّة نوبيّة توشك أن تضحى (صوتاً داوياً) يُطالب ب(فرز العيشة) عن المستعربين .. * قلنا ذلك عبر كلمة نُشرت (إلكترونياً) بعد حجب نشرها (ورقياً) .. * ف(المُتعوربون) لا يُحبون نصائح (منعرج اللِّوى) إلى أن يستبينوا النُّصح ضُحى الغد .. * فكذلك فعلوا قبيل استفحال كثيرٍ من أزمات بلادنا ومنها أزمة دارفور .. * وحين يستبينون النّصح هذا لا يراجعون (مخططاتهم !!) من أجل (إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإنما يصرخون محذرين من (المخططات !!) .. * تماماً مثلما يفعل إسحاق الآن في (آخر اللّيل !!!!) . الجريدة