عيساوي: البيضة والحجر    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل اثنين من سائقيه وإصابة ثلاثة من موظفيه في السودان    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سودانيون من الزمن الجميل ..وهموم سودانية
نشر في الراكوبة يوم 06 - 10 - 2011


غرس الوطن
سودانيون من الزمن الجميل ..وهموم سودانية «1-2»
أم سلمة الصادق المهدي
في صباح يوم الأربعاء الموافق 21 سبتمبر 2011 المنصرم عقدت الجمعية السودانية لحماية البيئة بالاشتراك مع الشبكة السودانية لتغير المناخ محاضرة مهمة عن التحولات المناخية في مقر الدراسات البيئية بالخرطوم قدمها بروفسور حسين آدم سليمان رئيس الجمعية السودانية للإرصاد الجوي.
تناول بروفسور حسين آدم موضوع محاضرته في مقدمة وأربعة محاور هي: الانحباس الحراري،مؤشرات التحولات المناخية، الحلول المطروحة والخطر الداهم الذي يواجه العالم من جراء تلك التحولات إن لم يستشعر الناس ذلك الخطر ويعملوا على التقليل من آثاره .
أوضح البروف في المقدمة الفرق بين التحولات المناخية «وتعني التغييرات الجذرية» والتغيرات المناخية«تغيير متذبذب من فترة الى أخرى» والفرق بين المناخ «متوسط الحالة الجوية على المدى البعيد»والطقس «الحالة الجوية من يوم ليوم ،من شهر لشهر أو من سنة لسنة» وتحدث عن عدد الأقاليم المناخية في العالم حسب تقسيم العلامة بن خلدون وعن مدى اهتمام العالم بالتحولات المناخية وقد دلّ على ذلك الاهتمام تكوين منظمة الارصاد العالمية« WMO »،التي تعد من أنجح منظمات الأمم المتحدة نظرا للتعاون الفاعل بين كل أعضائها وقد اتضح للمجمو?ة الدولية للتحولات المناخية «المجموعة التي أنشأتها المنظمة» أن هناك علاقة طردية تصاعدية بين ازدياد ثاني أكسيد الكربون وارتفاع درجة الحرارة- الشيء الذي أدى الى ظاهرة الانحباس الحراري أو ما يعرف بأثر البيوت المحمية«Green House Effect» و أورد البروف في استعراضه نماذج للمؤشرات التي تدل على حدوث الانحباس الحراري مثل ارتفاع درجة حرارة الكون ،ازدياد عدد الأعاصير المدارية كالهاريكن في أمريكا والتايفون في اليابان وغيرها. ثم دلف الى الحلول التي يقدمها كباحث في المجال للخروج من ذلك النفق المظلم ، وقد حصر تلك?الحلول في ضرورة التقليل من الانبعاث الحراري وتقليل كمية ثاني أكسيد الكربون، وكلاهما ينتجان من تزايد النشاط الصناعي المكثف لمقابلة النمط الاستهلاكي غير المرشد الذي يمثل اتجاها عاما في عالم اليوم ، وقد كشف بروف حسين عن أنه من الأجدى للعالم :تقليل الاستهلاك، وتأتي أمريكا كأكبر دولة مستهلكة حيث يساوي استهلاك 300 مليون امريكي ما يستهلكه 6 بلايين نسمة من دول العالم الثالث! وهو يرى لذلك أن خفض استهلاك الدول الصناعية للنصف فقط يوازي خفض عدد سكان العالم الى الثلث - والأخير هو الحل الذي تفضله الدول الصنا?ية تغليبا لمصالحها الاقتصادية وخضوعا لسيطرة الشركات الربحية المهيمنة على مراكز اتخاذ القرار فيها، خاصة وأن تلك الدول الصناعية هي التي تقوم بتمويل المنظمة الدولية فتكون لها اليد العليا في فرض السياسات التي تراها والتي تحقق مصالحها ومصالح الشركات الربحية في الاندفاع الصناعي دون قيود و دون اعتبار لمصالح دول العالم الثالث أو الأخطار المترتبة .
في ختام محاضرته القيمة ذكر بروف حسين أن الارتفاع في درجة حرارة الكون خطره الحقيقي يكمن في أن تفقد الكرة الأرضية توازنها الذي عليه استقرارها بسبب اختلال الطاقة الهائلة المتمثلة في تحول بخار الماء الى قطرات ماء وهي طاقة تعادل طاقة مئات القنابل الهيدروجينية. وفي معرض الحديث نوقشت العلاقة بين دول العالم الثالث والغرب ووجوب السعي من جانبنا-كدول عالم ثالث الى علاقات عادلة تحقق التعاون بين الشمال الغني والجنوب الفقير لضمان بيئة صحيحة و توازن الكرة الأرضية والذي يعني فقدانه ضياع الكون بأكمله ان لم تدركنا ال?ناية الالهية ونعقلها في الوقت المناسب.
وموضوع المحاضرة مع أهميته المفصلية في زمن صارت فيه المشاكل من صنع الانسان مضرة بالبيئة بشكل مخيف ومهددا كبيرا لبقاء الجنس البشري نفسه، بما يستوجب ربما تغطية أشمل لمحاورالمحاضرة تفصيلا ، لكني سأكتفي بهذا القدر اعترافا مني بأن مقصدي الأول من الحج الى مباني الدراسات البيئية في ذلك اليوم كان في المقام الأول لاستعادة ذكريات فترة مضيئة من الحياة الطالبية ومعرفة ما فعل الدهر وواقعنا المهلك بأستاذنا الجليل .وفي ذلك ليعذرني القراء الكرام ان رأوا اقحاما لهم في ذكريات خاصة ولا شك سيشاركني ذات الشعور العرفا?ي كل من سبق له أن التقى ببروفسور حسين آدم وعرفه أو سعد بالتلمذة على يديه أو عرف شكل الروابط المتميزة بين أساتذة وطلاب جامعة الجزيرة ومجتمع جامعة الجزيرة.
و حتى لا نغمط الناس أشياءهم فدكتور حسين مع تميزه وتفرده ولكنه ليس وحده المستحق للذكر والتقدير فقد كان للكوكبة الممتازة من الأساتذة الأجلاء في جامعة الجزيرة في الثمانينات - وهم من أسسها مثل ذلك الاستحقاق .
جامعة الجزيرة مثلما أخبرنا بروفسور جحا عميد كلية الزراعة وتنمية المجتمع «في الثمانينات»في أول يوم وطأت فيه أقدامنا قاعات الدرس في كلية الزراعة بالنشيشيبة -بعد انقضاء السنة الأولى الاعدادية: أن فلسفة كلية الزراعة بل فلسفة كل كليات جامعة الجزيرة الأساس هي توجيه محصلة الدراسات العلمية لكي تصب في فائدة المجتمع، وكما هو معروف فإن العلم الذي لا يفيد المجتمع ويظل حبيس الكتب وأضابير المختبرات لا فائدة منه وهذا الفهم نجده مجسدا في الوصف القرآني الدقيق «كالحمار يحمل أسفارا» أو بتعبير مثلنا السوداني ثاقب الن?ر : «القلم ما بزيل بلم!».
ولجامعة الجزيرة ميزات أخريات فالعلاقة بين طلبتها وأساتذتهم تتداخل بشكل غريب قل توافره في سواها من جامعات ، فهي مزيج بين علاقة رأسية أساسها الاحترام وأفقية بطانتها الدفء والحميمية ولأن العلاقات الأفقية والرأسية تقوم على أسس متباينة فان ضبطها بتوازن غير مخل كان من عبقريات ما تميزت به تلك الجامعة في عهدنا على الأقل لأن التعميم غير وارد اليوم بسبب ما اعترى جسد الوطن كله من أدواء وعلات « من الليلة ديك التي تعرفونها » !
أول انطباع تركه بروف حسين آدم في محاضرته الأولى لنا ، لم يزل طازجا كأنما حدث بالأمس ، وقد كانت تلك المحاضرة ضمن كورس البيوكلايموتولوجي الذي يدرس لطلاب الزراعة في الفصل الدراسي الثالث. في تلك المحاضرة الأولى دخل د.حسين آدم الى القاعة في الزمن المحدد بالضبط وبعد التحية عرفنا بنفسه وعن تخصصه بانجليزية لا تعرف الرجرجة ومظهر مهندم وقامة منصوبة في غاية الانضباط طلب منا تعريفه بأسمائنا ومعلومات عن أسباب اختيارنا لدراسة الزراعة . ولدهشة الجميع حفظ د.حسين آدم في لحظتها عن ظهر قلب، كل أسماء ناس دفعتنا ا?افة لما زودناه به من معلومات ، وقد كان عدد الطلاب والطالبات في الدفعة«الثالثة كلية الزراعة» يزيد على الأربعين! كان ذلك أداء لا ينمحي من الذاكرة. .
ثم التقيناه مرة أخرى في كورس ال«Irrigation & Water Management» أو ادارة الموارد المائية ،في الفصل الدراسي الخامس على ما أذكر مما أعطانا مزيدا من الفرص الذهبية للاستزادة من علمه وعمق معرفته.
كان ذلك منذ 25 سنة،لكن ما زال أستاذنا يثير ذات الانطباع الذي تركه عندنا في أول محاضرة، طبعا ما عدا أن الرأس قد اشتعل شيبا ..
مثَل د.حسين آدم وزملاؤه من أساتذة جامعة الجزيرة في الثمانينات النسخة طبق الأصل لمواصفات الأستاذ الجامعي الذي لا يفيد فقط في النواحي الأكاديمية بل يمثل لطلبته قدوة يحتذى بها في الانضباط والسلوك التربوي القويم.. والقدوة أو ال Role Image من آليات التنشئة الاجتماعية المهمة وقد ثبت وفقا لدراسات علمية محترمة أن القدوة وتمثل الدور تعدان من أهم الآليات التي يعتمد عليها في قيادة التغيير في أنماط السلوك وتبني السلوك السوي.
للبحث عن مزيد من المعلومات عن بروفسور حسين وجدت مقالا كتبه الأستاذ عبد العزيز حسن البصير في ديسمبر/2010 في جريدة الرائد من ثلاث حلقات على صفحة من ذاكرة الوطن يتناول سيرته الذاتية أول ما لفت نظري أن الكاتب ابتدر مقاله للتعريف عن البروف بذكر قبيلة البروف كجزء أساسي من التعريف فترحمت على زمن كنا فيه قد عوفينا أو أوشكنا على التعافي من أدواء القبلية وجهالاتها ولم نكن نهتم بها بدليل أني لم أعرف القبيلة التي ينتمي اليها البروف أبدا في أثناء الدراسة ولم ينتقص ذلك من تقديري له شيئا وكنا نكتفي بأن الجنس?سوداني! «أنا هنا لا ألوم الكاتب فقد صارت القبلية نعرة ترعاها الدولة رسميا فوقعنا في فخها للأسف» لكن المقال في جزئيه الأول والثاني احتوى على تاريخ الدكتور الأكاديمي ولم أعثر على الحلقة الأخيرة ، وهو يعكس فكرة رائدة للتوثيق لقامات سودانية شامخة لا بد من رد بعض الجميل لها في مختلف المجالات ،والاعتراف بأفضالها وأورد الآتي من مقال البصير:
ولد بروفيسور حسين آدم في عام 1945 - وحدة طابت - محلية الحصاحيصا.
بدأ حياته العلمية بمدرسة الفريجاب الصغرى «1951-1955م»وقد كان طالبا نابغا منذ العام الدراسي الأول شديد الذكاء والإدراك -
التحق بمدرسة المسلمية الوسطى في الفترة مابين «1956 - 1959» .
درس الثانوي بمدني الثانوية وقد سبب عدم دخوله لحنتوب حزنا له ،وما زال يذكر حديث بعض الرجال في قريته عندما رأوه بعد ظهور نتائج القبول ««ها .. ود سليمان مانجح .. كان نجح كان ودوه حنتوب !!» فحنتوب كانت مدرسة الشطار. ولم تكن تنقصه الشطارة لكن تم اختياره من الأستاذ «هاشم ضيف الله» ناظر مدرسة مدني الثانوية وقد كان يختار لمدرسته من العقود أوسطها، فاختاره لتميزه الأكاديمي اضافة لنشاطه الرياضي كلاعب لكرة القدم.وفي عام 1963م جلس الطالب حسين آدم لامتحان الشهادة السودانية وقد استطاع أن ينجح بتفوق ويحرز مرتبة ?«تاسع» السودان. والتحق بجامعة الخرطوم «1963 حتى 1965م»، و تم قبول «حسين سليمان آدم» بجامعة الخرطوم - بكلية العلوم قسم الرياضيات والفيزياء، ودرس بها لمدة سنتين. ثم تم ترشيحه بعد تفوقه في الامتحانات لتكملة دراسة البكلاريوس بانجلترا - جامعة ردينق Reading «1965 - 1968م»- وقد تحصل على الدرجة الأولى «First Class» في امتحان البكلاريوس وكان هو الطالب الوحيد من بين 35 طالبا وطالبة في تخصص الفيزياء والرياضيات. وخلال فترة دراسته بجامعة ريدنق لعب في فريق كرة القدم بالجامعة، ولعب في دوري الجامعات الإنجليزي.«انتهى».
وبحسب النظام في الجامعات الانجليزية فان من يحرز المركز الأول يعفى من الماجستير ويعطى منحة لتحضير الدكتوراة مباشرة وقد كانت رسالته عن الاحتياجات المائية للمحاصيل في جامعة ريدنغ في عام 1971، سابقا لدفعته بخمس سنوات .
عمل منذ 1974 ولمدة 4 سنوات في مشروع الجزيرة في مجال حساب الاحتياجات المائية للنباتات .
كان من مؤسسي جامعة الجزيرة في 1979م،
1986 -1992 عمل مع الفاو في غانا وموزمبيق ضمن مشروع الانذار المبكر.
نال درجة الأستاذية «البروفيسور شيب» في عام 1993 م.
عمل محاضرا بجامعة الجزيرة وبعد أن تخلص أحد مديري الجامعات في هذا الزمان من 16 بروفيسور مرة واحدة من جامعة الجزيرة للصالح العام استقال من منصبه احتجاجا على ذلك التصرف الأهوج ثم عاد مرة أخرى لقاعات التدريس بعد تغير تلك الادارة وأسس معهد ادارة الري بجامعة الجزيرة في 1994 وصار عميدا للمعهد حتى 2007م.
عندما وصل لسن الستين أقيل عن ادارة المعهد الذي أسسه من الصفر بحجة قانون غبي يقضي بأن من وصل سن الستين لا تسند اليه مناصب ادارية! وعندما رفض له اكمال الخطة التي وضعها للمعهد استقال مرة أخرى من الجامعة .
عمل في كلية كمبيوتر مان نائبا لعميد الشؤون الأكاديمية لمدة ستة أشهر ثم في جامعة السودان المفتوحة مستشارا للشؤون العلمية لمدة 6سنوات وهو الآن مستشار للشؤون العلمية والدراسات العليا والبحث العلمي لكلية ود مدني الأهلية مع عميدها صديقه وزميله البروفيسور عصام البوشي..
له عدد من الأوراق العلمية المنشورة وشارك في تقديم العديد من الندوات والمحاضرات العلمية وأشرف على 100 طالب ماجستير و10 طلاب دكتوراة يعملون في مختلف المشاريع المروية في السودان والجامعات السودانية .
وعلى جانب آخر، هو رئيس الجمعية السودانية للارصاد الجوي ،وفي اطار نشاط تلك الجمعية أتحفنا بتلك المحاضرة الثرة ، وقد تسنى لنا نحن طلبته ،فرصة طيبة للتمتع بصحبته زمانا اضافيا عندما لبى مشكورا دعوة الغداء التي قدمها له طلابه بصحبة بعض زملائه من جمعية الارصاد في نفس يوم الأربعاء 21 /سبتمبر.
كان البروف يزين صدر المائدة محفوفا بمحبة تلامذته والعارفين بفضله من زملاء فمضى يحدثنا عما لحق بجامعة الجزيرة من سوء ادارة وتردي مثل غيرها من الجامعات السودانية ومواضيع شتى منها بعض الطرائف وذكر أنه ابتعث ليتخصص في الارصاد الجوي ولكنه لم يجد نفسه فيه فطلب من مشرفه الأكاديمي في جامعة ريدنغ أن يكتب لمشرفه في الخرطوم عن ذلك فكتب الخواجة :مع أن السيد حسين آدم أحرز الترتيب الأول لكنه في مسألة الارصاد الجوي لا يرجى منه! «Mr. Adam is hope less in Whether forecasting!» و المفارقة أنه ابتعث لدراسة الارصاد ?لجوي ولكنه لم يشتغل في مجاله بل اختار مجال الري وادارة المياه للتخصص مما جعل مشرفه في السودان ضاربا أخماس في أسداس، وقد كان متأكدا من أنه أوشك على الحصول على عبقري في المجال المذكور .و حكى أنه ذات يوم حدد ميعاد نزول الأمطار لبعض أهله المزارعين وقد صدف أن التحديد كان دقيقا جدا ونزلت الأمطار في الموعد الذي حدده مما جعلهم «يزورون في ود سليمان» ولكنه قال انه لم يفعلها مرة أخرى أبدا!
ولأن البروف من مواطني الحصاحيصا في الجزيرة مقر مشروع الجزيرة ،نما وترعرع في الجزيرة عمل في الحقل منذ عمر سبع سنوات وأجرى كل العمليات الفلاحية في تلك السن المبكرة وكانت دراسته الأكاديمية في ادارة الموارد المائية وقد اشتغل في ادارة المشروع كجزء من مسيرته العملية ،فلم يكن مستغربا أن شجون الحديث سرعان ما انتهت به الى واحد من الهموم السودانية الأصيلة والمحطات التي لا يمكن لمثله أن يغادرها دون ابداء تحسر ولوعة - كانت تلك هي الوقفة اللازمة عند التدهور المريع الذي أصاب مشروع الجزيرة - المشروع الذي كثيرا م? وصف في الأدبيات السودانية بأنه «جمل الشيل» للاقتصاد السوداني وهو وصف يدل على محاولة سودانية جادة لأنسنة المشروع - تعظيما له وطبعه بأوصاف سودانية خالصة تمتدح من يحمل هم الجماعة ويقوم على أمرهم فتصفه بأنه جمل الشيل ..
تأتي قيمة شهادة بروف حسين عن مشروع الجزيرة - فوقا للسيرة الذاتية الوضيئة أعلاه من كونه كان عضوا أصيلا في لجنة دراسات الإصلاح المؤسسي لمشروع الجزيرة بصفته عميدا لمعهد إدارة المياه والري بجامعة الجزيرة «في تلك الفترة» وقد كان رئيسا ً للجنة الفرعية للشؤون الزراعية والري التابعة للجنة دراسات الاصلاح المؤسسي برئاسة الدكتور تاج السر مصطفى وتتكون لجنة الاصلاح المؤسسي من ثلاث لجان فرعية أخرى هي: هوية المشروع- التمويل والتسويق . القيمة الأخرى لتلك الشهادة تأتي من معرفتنا التي لا يطولها الشك عن أمانته ا?علمية وحياديته السياسية وانحيازه الأوحد للوطن وللحق .
بدأ أستاذنا الجليل الحديث عن شجون وشؤون المشروع -المقتول عمدا بأن وضع كلتا يديه على رأسه وقال :حسبي الله ونعم الوكيل ثم استمر في بث شكواه وحزنه للحضور بأسى حقيقي.
لم تكن تلك المرة الأولى التي أشهد فيها أو أسمع عن متحدث عن هذا المشروع العملاق تختلط فيها دموعه مع الكلمات فقد روت شقيقتي د.مريم كيف أن الامام الصادق أجهش في البكاء عندما كان يتحدث في ورشة عن مشروع الجزيرة عقدها حزب الأمة لمناقشة قانون 2005 م، ثم ما شهدته بأم عيني من خراب عميم طال كل أنحاء المشروع التي مررنا عليها ضمن الوفد الذي صحب الحبيب الامام الصادق في أثناء طوافه في الاقليم الأوسط إبان انتخابات ابريل 2010 في سياق الدعاية الانتخابية لحملته الرئاسية.
تلك المشاهدات و الانفجارات العاطفية لمن أعرف جلدهم وحدبهم على الوطن دفعتني لمزيد من البحث حول هذا المشروع الذي مثل لفترة ممتدة قلب السودان النابض وعنوان نجاحه وفلاحه . فلما أخذت في البحث وجمع المعلومات - مثلهم: بكيت كما يبكي الوليد !
وفي الاسبوع القادم بإذن الله ،سأتحدث عن ذلك الخراب المتعمد الذي يدمي قلب كل من تتكشف له أبعاده وأشكاله وفي نهاية هذا الجزء من الهموم السودانية أتهول مثلما فعل أستاذي الجليل «ود سليمان» وأقول :حسبنا الله ونعم الوكيل!
وسلمتم
الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.