العصب السابع فاجعة تربوية..! شمائل النور تعازينا الحرى للأسرة المكلومة في وفاة ابنها محمد، الذي فارق الحياة يوم أول من أمس نتيجة عقاب مدرسي، هو الخبر الأكثر إيلاماً أمس، نقلته بعض الصحف، تلميذ بمرحلة الأساس عاد مع أسرته من ليبيا بعد \"25\" عاماً من الاغتراب كما أوردت \"أخبار اليوم\"، التحق بمدرسة في أمدرمان.. ومن لم يمت برصاص كتائب القذافي مات بالسوط، هذا الطالب مات أول من أمس نتيجة عقاب مدرسي بعد أن أكمل شهراً وهو في حالة غياب للوعي بعد تعرضه للضرب المبرح من معلمه بالمدرسة، شُرح الجثمان، تم القبض على المعلم وتم تعديل الاتهام إلى المادة \"130\" من القانون الجنائي.. لا شك أن الواقعة تمثل كارثة بكل المقاييس، نعم، المعلم لم يكن يقصد أن يموّت هذا الطالب من الضرب المبرّح، لكن الطالب مات نتيجة الضرب المبرح، كيف نتعامل أخلاقياً وتربوياً وقانونياً مع هذه المعادلة.. هذه الواقعة الخطيرة على الإطلاق، تستوجب انتفاضة تربوية فيما يخص العقاب المدرسي، نعم العقاب مطلوب بل هو مُكمل لعملية التحفيز لضمان نتائج إيجابية، وهذا ليس حوله اختلاف، لكن أساليبه وطرقه تختلف وتتنوع بحسب الخطأ الذي يقع فيه الطلاب، الحرمان من الحصص، عقاب، تكليف الطالب بأعمال ليست من واجبه، عقاب، إخضاع الطالب إلى مجالس محاسبة وتأنيبه وتحسيسه بالذنب، عقاب، كل هذه طرق وأساليب عقاب أثبتت نتائج إيجابية في الدراسات النفسية الحديثة، لكن العقاب البدني المتعنف والذي يصل إلى درجة مفارقة الحياة، فهذا ليس نوعاً من العقاب، هذه جريمة كاملة. التحقيقات لا زالت تجري في هذه الواقعة المريرة، وحتى تكتمل كل الحقائق المتعلقة بالحالة الصحية للطالب قبل وقوع العقاب، والتأكد بشكل قاطع ما إن كان سبب انهيار المخ الذي حدث للطالب هو بسبب الضرب أم هناك أسباباً أخرى تزامنت مع هذا العقاب المبرح، مثلاً، لكن المعطيات أمامنا، تُشير إلى كارثة تربوية، لا بد من الوقوف عندها بجدية، العقاب المدرسي لا يقل أهمية من إعادة النظر في المناهج التربوية، خصوصاً إذا كان العقاب نهايته تسليم أرواح التلاميذ إلى بارئها، هذه عملية انتفت عنها صفة تربية وتعليم، كنا ننعي بشدة حال المناهج والحشو الذي تحويه الكتب التي أثقلت ظهور الطلاب، لكن أتت كارثة إنسانية أخطر من المناهج. نهاية العام الماضي نظمت وزارة التربية وبعض المنظمات ورشة ضخمة بعنوان بدائل العنف، مضمونها النهوض لوقف العقاب البدني في المدارس، تفاءل الجميع بهذه الورشة وحسبناها بداية انطلاقة وعي بخطورة العقاب البدني، لكن يبدو أن الورشة كانت في واد والمدارس في واد آخر، العقاب البدني لم يتوقف، بل الظاهر أنه يتطور بشكل يومي، وكلما زاد غبن المعلم من تأخر صرف راتبه، دنت آجال الطلاب، هذه الواقعة يجب أن تخرج فيها وزارة التعليم العام، بعد أن تم تعديلها من تربية وتعليم، وتقف بجد على الوضع الراهن بالمدارس، إنها مؤشر خطير لسلوك معلمين قد لا تراه الوزارة ولا أولياء الأمور، لكن الجميع الآن يتفاجأ بالنتائج الكارثية، هذه ليست أزمة مدرسة واحدة ولا معلم واحد، هذه أزمة تربية وتعليم. التيار