متى يفهم زعماءنا العباقرة..؟ الطيب الزين [email protected] ماهي إلا أيام، حتى تحل علينا، الذكرى السادسةوالخمسين، لإستقلال السودان، في عام 1956. ومازالت أمال وتطلعات الشعب السوداني مصلوبة تحت أقدام، زعمائه العباقرة الذين نجحوا بإمتياز، لا ينافسهم فيه، سوى زعماء الدول الفاشلة، الذين يتاجرون بشعارات الدين، في كل من الصومال وأفغانستان، وإيران والعراق، وغزة، وجنوب لبنان. والزعماء المقصودين ليسوا هم، زعماء الغفلة الجاثمين على صدر الشعب السوداني، منذ 1989، فحسب، بل كل من شاركهم في السلطة، من أمثال، نهار ومسار والدقير وموسى والسيسي وكل جوقة الإنتهازيين الصغار، وأخيراً، أبناء الزعيمين التقليديين الصادق المهدي، ومحمد عثمان المرغني، اللذان توجا نضالهماً، الذي لم يرى الشعب له اثراً، او يذق له طعماً بدخولهما بيت الطاعة. ولكل منهما ذرائعه ومبرراته، ولعل أوضح، المبررات، هي الحفاظ على المصلحة الوطنية.. وكم هي مسكينة الوحدة الوطنية هذه، التي يمتطى ظهرها كل خائن للوطن والشعب.! ألم اقل لكم، أن زعماءنا عباقرة زمانهم..؟ وإلا ما هي المصلحة الوطنية هذه ..؟ التي يحدثنا عنها زعماءنا العباقرة هؤلاء..؟ في زمان الإنقاذ الاغبر هذا.. الذي تعيش فيه العظمة والتفاهة في ذات واحدة..! العظمة في اللسان، والتفاهة في الفعل والسلوك.. وهكذا العقل الذي يقود الى الجنون، والاخلاق، الى الفجور..! ستة وخمسون عاماً ظلت عقولنا وأمالنا وتطلعاتنا واشواقنا مصلوبة، تحت أقدام هؤلاء الزعماء، الذين عجزوا، عن أن يفهموا، كيف تبنى الدول، ويتحقق الإستقرار، زعماءنا العباقرة، ظلوا يبيعوننا الأوهام والشعارات التي لم تشبع جائعاً، أو تروي عطشانا، أو تكسي عرياناً، أو تزل ظلماً ولا ظلاماً.. عجزهم هذا، هو الذي جعلهما بعد نصف قرن وأكثر، يباركان كلاً على طريقه، لأبنه أن يضع يده، في يد الدكتاتور، ذابح الديمقراطية من الوريد الى الوريد في 1989. سبحان الله..! الى هذا الحد هما رخيصان على نفسيهما..؟ أم الرخيصة، هي تضحيات شعبنا، التي أثمرت الديمقراطية، التي لا ندعي أنها بلا عيوب، أو أنها عسلاَ صافياً جاهزاً لكل من يريد أن يلحس، بل هي جهد وعطاء متواصل، يبذله الجميع، لبناء صرح الوطن، الذي يسع الجميع، ويحفظ ويصون الحريات والحقوق المدنية، ويكفل التعددية السياسية، والمشاركة الواسعة لكل الشعب بكل فئاته، وأحترام الرأي والرأي الآخر، للتوفيق بين المصالح الخاصة للأفراد والجماعات، من إجل الصالح العام بالطرق والوسائل السلمية، وتمكين الشعب من مراقبة ومحاسبة الحكومة إن أخطأت. هذه هي الديمقراطية التي سقط من إجلها الشهداء في ثورة إكتوبر وإنتفاضة مارس أبريل1985 تحقيقاً لتطلعات شعبنا العظيم...؟ إلى هذا الحد، هي بلا قيمة عندكم أمال وتطلعات شعبنا..؟ لذلك ذهبتما مهرولان بحثاً عن السلطة والمال..؟ ألم تسألا نفسيكما، أين أنتما من الاغلبية الواقفة على الجانب الآخر من الضفة..؟ لماذا تصران دوما على أن تظلا قريبين من القصر حيث الكرسي والمال..؟ الى هذا الحد أصبحتما، بلا بصرأو بصيرة..؟ وبالتالي غابت عنكما رؤية الاشياء كما هي..؟ أن الاشياء واضحة، لمن يريد أن يراها كما هي، بلا أقنعة او رتوش، أو مبررات زائفة، وحقيقة الواقع المٌرة، لا يغير منها، إنكار البعض لها، بل، ستظل شاهدة على بشاعة الواقع بكل تفاصيله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية. أين أنتما من سمو العقل والروح وصحوة الضمير..؟ أين انتما من القيم والاخلاق..؟ أين أنتما، من معأناة الفقراء، أين أنتما، من الأطفال المحرومين من العلم ، أين أنتما من النساء بائعات الشاي من اجل لقمة عيش لأسرهن..؟ وكبار السن الذين لا معيل لهم، والمرضى الذين لا يتوفرون على قيمة الدواء، أين أنتما من عذابات اليتامى، والآرامل..؟ هل مشاركتكما، لنظام خرب ودمر وأعدم وقتل وشرد الملايين من أبناء الشعب، فيها إستجابة لمصلحة وطنية..؟ كم تصبح القيم رخيصة بل لاقيمة، حينما يموت الضمير..؟ أن مشاركتكما لنظام عمق من الأزمة الوطنية، وجعلها قابلة للإنفجار وبشكل خطير وفي أي لحظة، لن تزيد الأمور إلا بلة على بلتها، لأنها تلحق الضرر البالغ بالقضية الوطنية وقيم الاخاء الوطني، التي تحتم الإعتراف بفشل التجربة السياسية السودانية خلال سنوات الإستقلال الماضية ولاسيما في عهد الانقاذ الحالي، ولعل أبرز نتائجها هو إنفصال الجنوب، وإستمرارية ظروف الفشل، المتمثلة في إستمرارية نظام الانقاذ القابض على السلطة والثروة بلا شرعية من الشعب. فالأحرى بكما أن تقفا في صف الشعب وإن لم تكونا في مقدمته، دفاعاً عن خيار شعبنا الذي لاحياد عنه، مهما طال درب النضال، فحتماً الشعب السوداني المعلم، قادر على كسر طوق الحلقة المفرغة التي ظلت تدور داخل دوامتها المظلمة بلادنا، دون تحقيق أدنى قدر من النجاح، في شق الطريق نحو الإستقرار والتقدم، الذي يتطلب الاهتمام بالعلم والثقافة، وتسهيل سبل الحياة، وتقوية وسائط الصناعة والاختراع، والاهتمام بالزراعة والرعي،، كما شدى الراحل المقيم مصطفى سيد احمد:( بتحويل الرواكيب الصغيرة الى مدن، والحبيبة تغني لينا، لا هموم تسكن دوربنا، ولا يلاقينا الخطر) نعم لا يلاقينا الخطر، وإن لاقنا سنتغلب عليه، بالقضاء على أسباب الفقر والتخلف والظلم، والتعدي والتغول والاحتواء والتكويش، وكل هذا لن يتحقق إلا في ظل الحرية والديمقراطية، ودولة القانون والعدالة والتنمية الشاملة المحروسة من الشعب..! وليس بمشاركة ذابحي الحرية والديمقراطية، هل تفهمان اما تنتظران دقات الساعة الخامسة والعشرين..؟ الطيب الزين