[email protected] الكل يتذكر حقبة الديمقراطية الثالثة برئاسة الصادق المهدي بل ما زال المشاهد حيّة للذين عاشوا وعاصروا تلك الحقبة من تاريخ بلد المليون ميل مربع والأحداث أكثر إثارةً وتوهجاً في الأيام الأخيرة من عمر حكومة المهدي وذلك لتقدم المعارضة الجنوبية علي حساب دولة السودان وحصر أنفاسها بسقوط مدينة تلو الأخري ومن قبل إنشغال المهدي بتعويضاته الشخصية وتعويضات آل بيته من مال العشب السوداني وليس من مال الذين ظلموه وأوضعوه السجون سنين عددا ،لهذه الأسباب وأخري كثيرة ليس هذا المقال مكان لحصرها سئم الجيش السوداني ومعه الشعب الحكم تحت عباءة المهدي مما أدي إلي قيام عدة إنقلابات عسكرية علّها تُنقذ الشعب السوداني من المهازل والعهن حيث نادي الشعب السوداني وقتها العذاب ولا الأحزاب ولكن تلك الإنقلابات العسكرية لم تكتب لها نجاح إلا هذه الأخيرة التي أتي في ذالكم الليل البهيم 29 يونيو من العام 1989م فألتف حولها الشعب بغض النظر من هاؤلاء علّهم يجدون رهباناً ماهراً يبحر بهم إلي بر الأمان. فهل وجدوا ذلك الرهبان؟ لك أنت أن تجيب أخي القارئ بنعم أو لا ولكنني أتحاشي كلتاهما (نعم ، لا) وأتناول حديثي في نقاط. ذكرنا في بداية مقالنا هذا أن الشعب إلتف حول الأنقاذ في بدايته حتي التمكين وهذه الفترة عشر سنين أو يزيد. ونستطيع أن نقول بملء الفم أن الشعب السوداني كله وقف مع حكومته أنذاك بدمه وعرقه وروحه مدافعاً ومعضداً للأنقاذ حيث هنالك النفرات العسكرية إلي الجنوب (لا نقول جهاد لأن الشيخ أنكر ذلك) عمليات سيف العبور لواء بدر الكبري اليرموك القادسية عثمان دقنة عبد الله الصحيني وكثير الكثير. من منّا لم يفقد عزيزاً من ذوي الرحم أو صهراً أوصديقاً مقرباً وذلك من أجل السودان أولاً وتمكين الفئة الحاكمة ثانياً من حيث ندري أو لا ندري لأن الجميع يظنون حينها هاؤلاء أُناس من عالم آخر جاؤوا ليغيروا وجه السودان من البؤس إلي النضارة ليكون حالهم كما قال تعالي (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) وكان هذا حلمنا وحلم كل الشعب وأيضاً من الجانب الأخر عمليات حفر ترعتي الرهد والكنانة بسواعد الشعب والتنازل عن إستحقاقات السكر لبناء الطريق القاري (الإنقاذ الغربي) والكثير من التضحيات . مع هذا الوفاء والإنقياد التام من الشعب لبرامج الدولة إلا أن الجانب الآخر كان مهموماً ومشغولاً بخصصة الشركات العامة والإعفاءات الجماعية من الخدمة المدينة لتمكين فئة معينة دون أخري وتفتيت الشعب السوداني إلي قبائل وأقاليم حيث تعقد البيعات القبلية والجهوية والإثنية للإمام مما أدي إلي تصدعات في جسم الشعب السوداني وأخيراً إنشطار الفئة الحاكمة نفسها إلي شعبي ووطني لعدم إحتمال وعاء السلطة بين نقيضين( التوسعة وبسط السلطة والإحتكار ومركزية السلطة) تلك الأمور جعل الشعب السوداني يقف علي أبعاد مختلفة من الإنقاذ منهم من حاضن ومنهم من أخذ موقف أبن عمر وأنكفي علي نفسه ومنهم من خاصم وفاجر في الخصومة وأخذ البندقية لإرتياد السلطة بالقوة. فهذا جانب الوحدة الوطنية. أما من الناحية الإقتصادية حقيقة أن هنالك مدن صناعية وأخري تجارية قامت في عهد الأنقاذ وأن هنالك تزايد في البنيان سواءً كان مؤسسات حكومية أو عقارات لأفراد، وطرق معبدة في إتجهات شتي وبترول وهذا أمر عادي لا بد أن تتحرك الدولة والناس إلي الأفضل إلا لما ملكت الحكومة صلاحية البقاء في الحكم عقدين فالجانب المهم هو هموم الناس ومعاشهم اليومي. فاليوم مستوي دخل الفرد في السودان (طبعاً السوداني الشمالي) خارج عن نطاق القياس ومستوي المعيشة غير معلوم فإذا أردنا أن نعرف كيف يعيش الموظف السوداني من ذو الدرجات الكبيرة بناء علي راتبه فلا نسطيع إلا أن نقول (الله كريم المعيش الله )لأن راتبه ينتهي في الإحتياجات الضرورية أكرر الضرورية لعشرة أيام علي الأكثر ومن أين له أن يغطي باقي أيامه ال35يوماً( لا تستغربوا شهر بعض الموظفين 45 أو حتي 50 يوماً). أما سعر العملة فحدث ولا حرج في الدوائر الرسمية الدولار يساوي 3جنيهات وفي السوق الموازي أو قل الأسود 6جنيهات أو يزيد. والأهم مما تقدم كله التعليم ومخرجاته والخدمة المدينة لأن في هذا مستقبل البلد ويقاس به الشعوب من حيث التقدم والحضارة (بالعلم والمال يبني الناس ملكهم *** وليس بالجهل والفقر)، إلي أين وصلنا نحن اليوم وفي أيّ محطة من المحطات يرسو سفينتنا اليوم؟؟ جامعاتنا تدرس تاريخ العلم وليس هنالك بحث علمي حقيقي أقول لكم وصدقوني كلية من كليات الزراعة لا تملك مزرعة ولا آليات زراعية مثل (التركترات والحاصدات ) وأقسام للإنتاج الجيواني لا تملك شيئاً حتي الدجاج إذن كيف تدرس العملي وكيف ينال الطالب الخريج من هذه الكليات شهادة مرتبة الشرف مع التقديرات المختلفة, وهو لا يحسن أن يمسك بالبوتين أو الجراية أو الكدنقا أو أي آلة من آلات الزراعة وخريج الإنتاج الحيواني لا يعرف أ للعنزة ثديان أم أربعة أحسن نخلي البلطجة ونمشي عديل. أما الخدمة المدينة حدث ولا حرج أول مرة نسمع ونري الموظف من الدرجة التاسعة يكون رئيساً للموظف من الدرجة الخامسة أو الثالثة ، عندنا السلطة تنساب من أعلي إلي الأدني كالماء ،ولكن الناس ديل عملوا للسلطة موتورات رافعة ترفع من تحت للفوق. ونحن لا نريد أن نسمي حتي نحرج الناس ولكن يبدو أن هذا هو الواقع وفي بعض الولايات وزراء لا يحملون شهادات سودانية تعين علي إعتبار قبلي والبلد يعج بالمتخصصين في المجالات المختلفة من أين يأتي الشعور بالرضي الوظيفي للإنسان المؤهل ويري الأدني منه يمتطي سيارات فارهة ويتطاول في البنيات ليس من جهده الخاص ولكن من مال الشعب السوداني. هذا قليل من كثر ولك أن تجد الإجابة للسؤال الذي تقدم في صدر المقال.