أمام حشد الفقراء والمساكين وقف السادن البائن يتحدث عن التكافل وقوت العاملين ، وعن تخصيص الأوقاف الدينية لصالح الفقراء ، ولم ينس أن يقول للسامعين أن حكومته تستعين بالأتراك من أجل بناء ( فرن ) لإنتاج مليون رغيفة في اليوم ، وتحاشي الحديث عن سعر الرغيفة التركية . وطفق في الحديث عن قليلي الإيمان الذين يشكون من الجوع ، باعتبار أن الغني والفقر أمر رباني – علي حد قوله – وأن كل شخص لا بد أن يرضي بالمقسوم وألا يتظاهر في مدني والخرطوم . وعندما ( انبري ) له أحد الغلابة الواقفين في الشمس الحارة بالقول أن ثراء التنابلة سببه الفساد ، وسأله عن سر المليارات العديدة التي حصل عليها وهو ( حتة مسؤول في ولاية فقيرة ) ، هاج وماج السادن ، و( جدع ) قناع التبتل والزهد وصاح في الحضور ( هووي يا معارضة كل زول يصوم قدر قروشو ) واسترسل في الحديث قائلاً ( الماهيتو 600 جنيه في الشهر ياكل بي عشرين في اليوم ) ، والبصرف 300 ياكل بي عشرة جنيه في اليوم ، والماعندو التكتح يصوم الدهر أو يمشي المقابر . فصاح فيه الغلبان ( هووي يا سادن تعرف كيلو اللحمة بي كم ، وكيلو السكر أو الطماطم بي كم ؟ ) ثم استرسل في الحديث قائلاً أن معظم العمال وذوي الدخل المحدود يتقاضون 300 جنيه في الشهر ، يعني في اليوم 10 جنيه ، وطالما كان الصوم حسب القروش فالعشرة جنيه تساوي طلب فول و( جك آبري ) فهل يمكن لأسرة كاملة أن تفطر بصحن فول ورغيفة واحدة ؟ ولو حبفطروا سلطة ، العشرة جنيه بتساوي 4 حبات طماطم بدون عيش أو زيت أو شطة . ولو قالوا سلطة روب ، العجورة الواحدة بي 3 جنيه ، وكاس الزبادي بي 4 ، يعني كل زول ( معلقة ) ويبلعها بي موية . وصاح بعض الواقفين في السادن ( ياشيخنا بتفطر بي كم ؟ ) ، وناس تانين علي الطرف الشمالي من ( الميدان ) هتفوا ( الشعب يريد اسقاط النظام ) . وهنا مال أحدهم علي أذن السادن ، وهمس له بكلام (سر) ، فلملم أوراقه ونزل من المنصة سريعا ، وبنفس السرعة ركب العربة المظللة التي انطلقت بسرعة ( شوماخر ) . وبين صفارات النجدة خلفه ، والمواتر أمامه سأل السادن سائقه الخصوصي ( حجزت الخروف المشوي والسلطات والتحلية ؟) فأجابه الأخير ( كلو تمام يا فندم ، وما نسينا المعلوم عشان تهضم كويس ) . الميدان