.. [email protected] منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي . وبعد أن كنس سماسرة الجبهة الاسلامية ما تبقى في خزائن نظام مايو من خيوط العنكبوت ، وجففوا الأسواق من كل سلعة حتي التي يسكن أحشاءها السوس ، وقد أمضوا سنوات السبعينيات الثلاث الأخيرة في غسل دماغ المشير نميري مما يرونه بقايا دنس السياسات الأشتراكية وتهيئته لعهد خلافته التي ستعيد للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أمجادهم التي قبرت في غرناطة الأندلس وغابت بقايا شمسها في أستانة العثمانين ! فكان لابد لهم من بقرة حلوب أخرى يبدأون بفرض ( جزية ) العهد الجديد عليها ، فلم يجدوا لقمة سائغة ولا كفارا أو خوارج ينطبق عليهم ذلك الشرط الا المغتربون جزاء على عدم وطنيتهم ونقص دينهم وقد دفعاهما الى الهجرة هربا من خيرات الوطن الوافرة بالعدل الجبهجي في بقايا الحكم المايوي والمقسمة بالتساوي والقسطاس الشرعي دون تحيز أو تفرقة ، ورغم ذلك تركها المغتربون بجحود وتعفف للاجئين من دول الجوار المنعمة ونازحي الأطراف المترفة وأغتربوا بطرا وطمعا في اقتسام العيش مع أهل بلاد المهجر الغلابة ! بدأت تمثيلية الحوافز مقرونة بسداد الضرائب كجزرة ترغيب ، فيما كانت عصا الحرمان من تاشيرة الخروج وتجديد الجوازات للترهيب وكل ذلك دون سند قانوني يجبر انسانا ترك وظيفته بالبلاد الى الأبد ولا ضمانات لعودته اليها ولا تقوم الحكومة تجاهه باية التزامات تؤمن حياته ان قدر له و رجع سالما أو تتكفل باسرته ان هو راح في حق الله ! المغتربون فيهم من كانت تدفعه حميته الوطنية فتحمس للوقوف الى جانب البلد في عثرتها والبعض لدوافع تنظيمية بايحاء من أهل القبلة الذين يحركون ماكينة الحكم نحو اهدافهم البعيدة قالوا سمعا وطاعة ، والبعض من قبيل نظرية خادم الفكي لم يجدوا بدا من الاذعان ، فالمسألة في النهاية كانت ( سيك سيك معلق فيك ) ! حتى الطيب مصطفي طبق فيهم نظرية ضريبة الاعلام التي جعلت سقراط يتململ في مرقده ، لأن حكمته لم تلهمه فلسفة توازيها ، وترفع من مكانته التي استولى عليها أبو الشهيد! مع ان المغتربين المصريين على سبيل المثال لا المقارنة والذين وفرت لهم حكومتهم كل الضمانات من حفظ الوظائف واستمرار الترقيات الى مابعد العودة بموجب عقود اجازات اثناء الاغتراب وخلافه ، وحينما ارادت حكومتهم فرض مجرد زيادة رسوم سنوية محدودة مقابل ذلك الاجراء فاعتبروه نوعا من الهمبتة ورفعوا قضية ضد دولتهم كسبوها على رؤوس الأشهاد بحكم قضائي نظيف! الان وبعد أن تمكن الكيزان من خم كل مكتسبات سنوات البترول الراحل جنوبا وحولوا أوراقها الخضراء الى حساباتهم في كل بنوك السحت والربا التي يحذرون العامة من التعاطي معها لحرمتها القاطعة الا على جماعتهم المعصومة ! هاهو بنك السودان المركزى يحاول أن يمد لسان الاستخفاف من جديد ويطلب من المغتربين تحويل ما اسماه استهزاء بمدخراتهم عبر البنوك بالعملة الصعبة جدا عليهم ، ظنا من أدارة البنك التي تتقاضى رواتبا ومميزات بالمليارات ، اننا لا زلنا نعيش في زمن (طيبة الذكر الغربة ) في نسختها القديمة من تعليم مجاني وصحة عليها بوسة من تمنيات الشفاء على مهلك ! ولعل البنك المركزي لا يعلم اننا قد شفينا تماما من اعراض غربتنا التي كانت ترطيبة واصبحنا الان في مؤخرة صف خطّاب الحسناوات اللائي كن ينظرن الينا من باب العشم كفئة كان لها علو الكعب في القلوب الناعمة ! مثلما شفينا أيضا من هبل تصديق الخداع بان ما كنا نقدمه بيميننا عن طيب خاطر أو اجبار لخزائن بلادنا وتنميتها وفك ضيقتها ، بعد ان تيقنا متأخرين انه كان يؤخذ بيسار الذين كانوا معدمين فصاروا شيوخا من أهل الأطيان باعتبارهم خيار الأمة الذين أخرجهم الله أوصايا على حياة الناس، وتراجع المغتربون الى موقع أفقر الطبقات ولم يعودوا من رواد اسواق ريال .. دولار .. دينار .. درهم ..شيك سياحي : مثلما لم يعد لديهم المروءة أوحتى القدرة للوقوف في صفوف البنوك ، الا اللهم بنوك الدم لمداوة فقر لأجساد ، وهذا ايضا بالحساب ! شفاهم الله وردهم لايجاد ذراع من الدبلان وشبرا في ارض السودان المتبقية قبل أن يفرض الكيزان على أهله ضريبة تكفين و دفن ميت لأنه أختار طائعا أن يموت قبل يومه!