[email protected] ظلت النظرة التقليدية والسائدة في المجتمعات العربية عامة والمجتمع السوداني على وجه الخصوص تجاه الفتاة منذ نعومة أظفارها هي أنها أنثى يجب تأهيلها نفسياً وبدنياً للزواج بكل السبل وإعدادها لكي تنتقل إلى بيت الزوجية ثم تنجب البنين والبنات .. ولذلك يظل شبح العنوسة هو الهاجس الذي يؤرق بال الآباء والأمهات ويقض مضاجعهم، فالفتاة في عين المجتمع تظل ناقصة مهما تعلمت ومهما أبدعت وتفوقت في المجال العلمي الأكاديمي أو العملي، ولا تكتمل شخصيتها إلا بوجود زوج .. أي زوج .. ويظل المجتمع يطاردها بالسؤال التقليدي: أها ما خطبوك ؟ أها ما عرستي ؟ .. ثم بعد أن تتزوج: أها ما بقيتوا ثلاثة ؟ للأسف الشديد نجد أن المجتمع يستمر في قسوته وأحكامه الجائرة فينظر إلى العوانس نظرة شفقة، وإلى المطلقات نظرة ريبة وشك، ولا يطمئن إلى المرأة إلا إذا كانت متزوجة، وفي كثير من الأحيان يشترط وجود زوجها إلى جوارها. كل هذا وذاك يدفع الفتاة في كثير من الأحيان إلى اتخاذ قرارات خاطئة قد تكلفها سعادتها أو حياتها كلها، وذلك بالقبول بأول طارق يطرق بابها دون أن تسأل أو تتحقق عنه .. قد يكون ملتزماً كان أو فاسقاً، شاباً كان أو عجوزاً كهلاً، متعلماً كان أو جاهلاً .. المهم أنه رجل .. ولذلك نجد المثل الذي يقول: "ضل راجل ولا ضل حيطة" ينتشر في جميع الدول العربية لفظاً ومعنى وتطبيقاً.. وفي كثير من الأحيان يبرز الزواج العرفي كحل أخير يائس تلجأ إليه الفتاة ظناً منها أنها به ستتخلص من وصمة العنوسة ، ولو بعيدًا عن عين المجتمع واعترافه. ومع تزايد هذه الضغوط النفسية على الفتاة وأسرتها، ومع قلة فرص الزواج في وقتنا الحاضر، ظهر مفهوم (راجل المرا) وأصبح أغنية تردده في حفلات الزواج فتيات في عمر الزهور، وانفتحت شهية كبار السن للدخول إلى عوالم الزوجة الثانية والثالثة والرابعة بدعوى الحد من العنوسة وتقليل نسبتها في المجتمع دون أية ضوابط أو أحكام من فارق السن، أو الاستطاعة المادية أو الجسدية.. المجتمع السوداني يشهد اليوم انفتاحاً كبيراً على الثقافات الأخرى بفضل ثورة التكنولوجيا ، وتغيرت كثير من المفاهيم والعادات والتقاليد ، إلا أن المجتمع في حاجة إلى ثورة أكبر لكسر نظرته تجاه المرأة ، لأن الفتاة التي تلقي بشهادتها خلف ظهرها وتسلم قيادها للمجتمع - يشكل حياتها كما يشاء هو لا كما تشاء هي – لا تستفيد من تجربتها في تنشئة بناتها، بل تسير على نفس خطوات أمها، وتدور في نفس دائرتها المغلقة مع ابنتها بعد أن تصبح هي أماً .. http://www.youtube.com/watch?v=_S4GdwZDFcY وللحديث بقية إن شاء الله ..