مجذوب محمد عبدالرحيم [email protected] في جلسة جمعتني مع عدد من الاخوة السودانين في مكان اقامتنا في دولة المهجر تحدثنا كثيرا في السياسة وخلال النقاش تداخل احد الاخوة الحاضرين وبدأ حديثه بعبارة (انا بكره السياسة ) ولكن لي وجهة نظر بسيطة قلنا له نسمعها فقال اذا انت رجل مقتدر ولك ولد اعطيته حرية مطلقة ومال ولم تراقبه في تصرفاته ولا في دراسته فان النتيجة الحتمية هي فشل هذا الولد في دراسته وفي حياته بل وفساد اخلاقه وليته يقف عند هذا الحد بل يفسد غيره معه طالما توفرت له المادة والحرية المطلقة دون رقابة عليه من احد ولكم ان تسحبوا هذا المثال على السياسة والساسة عندنا وهل الاجهزة الرقابية المتمثلة في البرلمان القومى وبرلمانات الولايات قائمة بدورها كاملا وهل صدرت عنها اي توصيات لاعفاء وزير او اي جهة قصرت في اداء عملها منذ ان وصلت هذه الحكومة الي سدة الحكم؟بكل تاكيد لا لم يحدث ولن يحدث فالبرلمان عندنا من باب حفظ ماء الوجه ابتدع لنا شيئا اسماه توصية غير ملزمة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ اذا ماالفائدة منها اذا كانت غير ملزمة فليس لها معنى ولكن كما قلنا من باب حفظ ماء الوجه. لكم تمنيت ان يكون نواب الشعب قدر التحدي وعظم المسئولية وحساسية المرحلة الهامة والمنعطف التاريخي الثاني الاخطر بعد ان تخطينا المنعرج الاول الخطير بذهاب الجنوب بخيره وشره ومازال الحال كما كان عليه من قبل لا الحرب توقفت ولاشئ تبدل سوى ان السودان اصبح دولتين غصبا عنا شئنا ام ابينا ومازال الاستنفار والدعم والقصف وكل مظاهر الحرب ماثلة للعيان.وخلال النقاش قال احد الحاضرين لا يعقل ان ياتي حزب بنائب في البرلمان ويتخطى هذا النائب حدوده او ينتقد اداء الحكومة او يطلب سحب الثقة من اي وزير بل ربما كان الاشخاص المسموح لهم بالتداخل خلال مناقشة اي موضوع معروفين قبل بداية الجلسة بل حتى مداخلتهم تحدد لهم فمجالس بهذا المستوى لن تقدم ولن تؤخر وعدم فعالية مجالسنا سواء في البرلمان القومي او برلمانات الولايات ناتجة من ان عضويتها تمثل حزب سياسي واحد سواء كانوا منتخبين او تم تعينهم فلايمكن ان يسبب اي نائب مشاكل لنفسه ويخلق لنفسه عداء مع الحزب الحاكم لان النائب تهمه في المقام الاول مصلحته الخاصة وامتيازاته ومخصصاته فكل ما عليه فعله اما ان ينام اثناء الجلسة او يهز رأسه موافقا او يرفع يده مؤيدا هذا هو المطلوب منه خلال تواجده داخل قبة البرلمان حتى يعاد انتخابه لفترة برلمانية اخرى. ومن الاشياء الغريبة في السياسة في بلدنا ان الحزب الحاكم لديه قدرة هائلة في تلميع اي شخص من داخل عضويته وان يلمع نجمه بسرعة فائقة والامثلة على ذلك كثيرة فهناك اشخاص كانوا غير معروفين حتى لعضوية المؤتمر الوطني انفسهم ولكن بسرعة الضوء تقلدوا مناصب رفيعة في الدولة ومن جانب اخر فان الحزب لديه نفس القدرة ليذهب بريق اي فرد من عضويته ان اراد ذلك ويجعله نسيا منسيا بين عشية وضحاها وايضا الامثلة على ذلك كثيرة فهناك كوادر للمؤتمر الوطني كانت تحظى بمكانة وتتقلد ايضا مناصب رفيعة اصبحوا من الماضي بل حتى لن يستطيعوا ان ينافسوا اي منافس لهم في دائرة جغرافية كمرشح للحزب الحاكم فبعد ان كاونوا في الامس القريب يتفوقون على اخرين في دوائرهم اصبحوا الان لا ينالوا اصواتا تبلغ عدد اصابع اليد الواحدة فمعايير الديمقراطية الحقيقة والانتخابات النزيهة لا تقبل هذه المعادلة لانها من طرف واحد يصعب بل يستحيل حلها ولذك تكون النتيجة مبهمة وغير معروفة وهذا هو حال السياسة عندنا لم نعد نفهم شيئا فالحكومة ووزورائها ومن خلفهم نواب الشعب يتحدثون عن انجازات لم نشاهد منها واحدا ويتحدثون عن وعود لم ينفذوا منها واحدا وعن معاناة يريدون ان يرفعوها عن شعبهم ولكنها صارت اضخم واثقل من ان يستطيعوا رفعا فتراكمات ثلاثة وعشرين سنة اضعفت قواهم فانهار كل شئ ولكم في اقتصاد البلد اكبر دليل وفي سعر صرف الجنيه مقابل العملات الاخرى دليل اخر فلذك لم يجدوا بدا من مضاعفتها وزيادتها (اذا غلبتك حزمتك تنقر زيدها)( ارجو الا يكون المثل عصي الفهم على السادة القراء) فكان ان وافق نوابنا على رفع الدعم عن المحروقات ولا استبعد في القريب العاجل ان يوافقوا على الغاء مجانية التعليم الاساسي والعلاج في اقسام الحوادث فلا توجد اي خدمات اخرى تقدمها الدولة لمواطنها دون مقابل باستثناء التعليم الاساسي والعلاج في اقسام الحوداث ان كان هناك فعلا علاج مجاني يقدم. والواضح لنا طوال ثلاثة وعشرين عاما ان كل النواب الذين تعاقبوا على المجلس الوطني لم يناقشوا يوما واحدا اشياء تهم الناس مثل التعليم والصحة ولم يطالبوا يوما واحدا بالا يتحمل المواطن السوداني البسيط اخطاء وفشل سياسات الدولة الاقتصادية ولكنهم يرفعون مسائل مستعجلة ليناقشها البرلمان(حفلة شرين كمثال) فبالله عليكم هؤلاء نواب ينتظر منهم الشعب السوداني تصحيحا للمسار وتقويما للاعوجاج الواضح في سياسات الدولة خاصة تلك التي تتعلق بحياة الناس اليومية ومايتعلق باخفاقات وزراء كثر لم يضيفوا شيئا لوزارتهم بل كانوا خصما عليها ومرت احداث كثيرة كانت تستوجب المحاسبة والمسائلة بل حتى الاقالة ولكنها مرت مرور الكرام عندنا فلا نتظر من اي مسئول عندنا ان يعترف بفشله ويتنحى باختياره ولا ننتظر من نوابنا ان يسحبوا الثقة من اي مسئول فاشل ومااكثرهم هذه هي ملامح الديمقراطية الحقيقة التي نعرفها ونسمع باحداثها في العالم من حولنا وما استقالة وزير النقل المصري ومدير السكك الحديدية الي دليل واضح انهم يعترفون بالتقصير والفشل وهم على استعداد للتحقيق معهم لانهم مواطنين في النهاية يطالهم القانون كغيرهم من عامة الشعب فكم حوادث عندنا راح ضحيتها العشرات من ابناء شعبنا تسبب فيها الاهمال وعدم اداء الامانة كما ينبغي سواء في طرق المرور السريع او المستشفيات او حتى الاعتداءات التي تحدث سواء من الحركات المسلحة او من طيران العدو الاسرائيلي فتامين الناس هي مهمة الدولة ومن اختصاص وزراء اخفقوا في حفظ سلامة المواطنين ومازالوا يستقبلون ويودعون ويسافرون ويعودون وكل ذلك باسم السودان ومن اجل خدمة شعبه المغلوب على امره والله المستعان وعليه التكلان.