[email protected] السنة التي سنها العسكر فيما يخص الانقلابات هي كما يفعل اللص .. الخروج مبكراً يوم الجمعة والناس نيام .. ومن يلحق مايكرفون الإذاعة فقد نجح بانقلابه أو سرقته التي خطط لها بليل.. والناس في غفلة من أمرهم أو قل خدر إثر سهرة خميسية كيفما تكون .. وقد كان آنذاك المذياع رفيقاً لكل السودانيين.. ويبدأ الأمر بالمرشات العسكرية .. وبعد قليل سنذيع عليكم بيان هام .. ويأتي البيان الأول والذي ينبأ بقيام ثورة عسكرية .. (انقلاب طبعاً) وأن نفراً من العسكر الذين حملوا رؤوسهم في أكفهم قد قاموا بحركة لإنقاذ الشعب والبلاد من الطغمة الباغية التي أكلت قوت الشعب. وتتوالى البيانات، ويعطل الدستور والأحزاب والنقابات، ويخرج الشعب الذي اكتوى من حكامه والذي سيكتوي أكثر من حكامه الجدد إلى الشوارع يهتفون بالعسكر والحاكم الجديد .. سواء كان عريفاً أو عقيداً أو عميداً سيان .. حينها يتوقف حال البلاد تماماً ولا حديث إلا عن هذه الحركة الثورية .. أما الانقلابات في عهد الإنقاذ الميمون فهي ممنوعة أو مستحيلة نسبة لتأمين الجيش من أصحاب الأهواء بتسريح الرتب العليا والضباط غير الملتزمين والذين يعرفونهم ويضمرون لهم كل الحقد. والدليل على ذلك انقلاب قوش والانقلابات الوهمية ، فأنت يتم اعتقالك حسب النوايا .. فهؤلاء مكشوف عنهم الحجاب .. فلا تضمر في نفسك حقداً عليهم فأنت دون شك مكشوف ومفضوح ومجرور إلى أوكار الأمن في الكلاكلات .. والجبرات .. والصحافات والثورات بل حتى في بلاد الواق واق فلا تجعل من نفسك ملطشة لهؤلاء وكن هادئ البال أبيض السريرة، فأنت هنا في السليم. وكما يقول المثل المصري (اللي يخاف من العفريت يطلعلو). بالطبع هذا النظام سيتآكل من الداخل لأن الشعب المسكين في حالة خوف وتوهان ويأس مريع لا يخرجه منه إلا الشديد القوي .. والشديد القوي خلاص وصل إلى مداه، والانقلابات كما عودنا العسكر مستمرة ولن تتوقف إلا مع نجاح إذاعة البيان الأول، ودقي يا مزيكه.