يبدو أن المؤتمر الوطني لن يحرك ساكناً لمعالجة أزمات البلاد المستفحلة؛ لأنه غارقٌ في نشوة السلطة التي لم يفق منها بعد بالرغم من مرور (24) عاماً على اختطاف الإنقاذ للنظام الديمقراطي في يونيو 89، وحينما نشير إلى أن الوطني ليس مشغولاً بقضايا البلاد والعباد لا نكاية فيه بل هو عين الحقيقة، والشاهد على ذلك هو استعداد المؤتمر الوطني للانتخابات المقبلة في وقت مازالت كل قضايا السودان المعلقة مع دولة الجنوب ترواح مكانها، والأزمات محتقنة، والقوى السياسية المعارضة بشقيها المدني والعسكري في حالة شد وجذب مع الحكومة، وكل الأشياء في السودان تشير إلى أن لا جديد في الحالة السودانية بشأن الحلول المطلوبة للأزمة منذ انفصال الجنوب، بل في صباح كل يوم جديد تزداد الأزمات تعقيداً بسبب سياسية العناد والانفراد التي يمارسها الحزب الحاكم بامتياز، لا أحد ينافسه في هذا النهج الإقصائي للقوى السياسية الأخرى ومكونات المجتمع السوداني بكافة ألوان طيفه. الحديث عن انتخابات في ظل فورة الأزمات، والدعوة لقيامها بدعوى أنها عملية سياسية لولوج أبواب الديمقراطية عبر الانتخابات في ظل الحروب، لا شك في أنها (هرطقة) سياسية، ومكر إنقاذي لإطالة عمر النظام القائم.. هناك سؤال جوهري.. كيف تقام الانتخابات في ظل الحرب القائمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ودارفور، أم الدعوة إليها محاولة للقفز فوق الواقع ، والهروب من المعالجة الجذرية لمشاكل الوطن التي أرهقته المحن.. أم الوطني يحاول تجاوز الواقع الذي يفرض عليه حلول تتطلب منه دفع استحقاقات وهو لا يملك القدرة على فك الارتباط بينه والسيطرة الكاملة على مفاصل البلاد وشؤونها مع أن تجربته في الحكم أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأنه أعاد البلاد إلى القاع، وما عاد السودان أرض المليون ميل، ولا شعبه الشعب الذي يملك القدرة على التسامح بعد أن تفتقت جراحاتها بالحروب، والانهيار الأخلاقي الذي جرَّ البلاد إلى براثين الفساد الإداري، والمالي والسياسي. كيف نتحدث عن الانتخابات ومازال الصراع بين الحكومة والمعارضة محتدماً بشدة حول لجنة الدستور، هل حقاً كل الأزمات في السودان تمت معالجتها ولم يتبق لنا إلا إجراء الانتخابات؟!!، وهل البيئة السياسية اليوم صالحة لقيام انتخابات نزيهة وشفافة مبرأة من الممارسات الفاسدة والتزوير، واستغلال أموال الدولة في حملات الحزب الحاكم الانتخابية، وهل مفوضية الانتخابات جادة حينما اتصلت على الأحزاب للحديث عن السجل الانتخابي، أم أنها تسعى مع الحزب الحاكم لإلهاء الشعب عن القضايا التي تتعلق بمعاشه، والغريب في قضية الانتخابات أن هناك منظمات دولية بدأت تحزم أمتعتها للوصول إلى السودان لمتابعة عملية الانتخابات.. والسؤال المحوري هل المجتمع الدولي (غشيم)، الكل يمكن أن يفسر محاولات الحزب الحاكم ومراوغته للقوى السياسية عبر الانتخابات ولكن ما الذي يجعل المجتمع الدولي ومنظماته على قناعة بأن الأوضاع في السودان قابلة لقيام انتخابات؟!!!!. بلا انحناء فاطمة غزالي [email protected] الجريدة