الفيسبوك موقع التواصل الاجتماعي الاشهر في العالم , ساهم بشكل ما في اندلاع الثورات في عدد من الدول المجاوره . سهولة الاستخدام ادت الي وصوله الي معظم فئات المجتمع و ساهمت في انتشاره بسرعة البرق ,و ذلك كنتاج طبيعي للثورة التكنلوجيه التي اجتحات العالم في السنوات الاخيره . اصبح الانترنت بشكل عام و الفيسبوك بشكل خاص من اهم الوسائل الشخصيه التي غناء عنها . وضعية الفيسبوك المميزه و تاثيره المباشر علي المجتمعات جعل منه اداءة تثقفيه هامه جدا , مما حدا بالسياسيين الي استخدامه كوسيلة للتوعيه و نشر الافكار و البرامج السياسية الخاصة باحزابهم , وصولا الي استخدامه كاداءة فاعله لمعارضة الانظمة الديكتاتورية و الشمولية فب بلدانهم , من خلال تعبئة الجماهير و حثهم علي اسقاط هذه الانظمة , نجح الفيسبوك بشكل مقدر في خروج عدد من شعوب منطقة الشرق الاوسط ضد انظمتهم الحاكمه و اسقاطها. شهدت هذه المنطقة تحولات سياسية كبرى في السنوات الاخيرة تمثلت في سقوط بعض الانظمة الديكتاتورية التي عمرت من السنيين ( عددا طولا ). سقط نظام زين العابدين في تونس . ثم تبعه نظام حسني مبارك في مصر . ثم نظام القذافي في ليبيا . و مازلت تشهد بعض دول المنطقة حراك سياسي و معارك نضارية قد تؤدي الي سقوط المزيد من هذه الانظمة . بعض التساؤلات تطرح نفسها عند مقارنة ما حدث في هذه الدول و ما يحدث في السودان حاليا . * ما هو تاثير الفيسبوك علي مسيرة الثورة السودانيه ؟ * ما هي الاسباب التي ادت الي عدم نجاح الثورة السودانية في اسقاط النظام الحاكم حتي الان ؟ * هل مازال الخيار السلمي الشعبي , هو رهان قوى المعارضة في اسقاط النظام ؟ # مدخل للاجابة علي هذه التساؤلات : ( ينص قانون نيوتن الثالث علي :ان لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار و مضاد له في الاتجاه ). اعلم تماما ان معظم السودانيين لا يحبذون كل ما له علاقة الفيزياء و الرياضيات , فالامر متعلق بالتركيبة النفسية الخاصة بنا كسودانيين , نحن شعب يميل الي الفكاهة و المرح و عدم الجدية و نتعامل مع العقل علي انه اداءة للحفظ اكثر من كونه اداءة للتفكير و الفهم , علي ما اعتقد ان الامر مرتبط ايضا بنوع التربية الاكاديمية و المناهج الدراسية عموما ( مجبرا اخاك لا بطل ) في الاستعانة بقوانين الفيزياء و الرياضيات في هذا المقال . نص القانون علي وجود فعل و رد فعل , بالامكان اسقاط هذا القانون علي المنظومة الحركية السياسية علي واقع الفيسبوك ( العالم الافتراضي ). بحيث يمكن اعتبار ان الفعل هو القوى المعارضة بجميع مسمياتها ( احزاب سياسية , منظمات مجتمع مدن , نشطاء سياسيين ...... الخ )و رد الفعل هو النظام الحاكم متمثل في اجهزته الامنيه , وهي بالطبع الجهات ذات الاختصاص فيما يتعلق بقضايا امن و تامين النظام الحاكم وضمان استمراريته . تساوي هاتين القوتين ( الفعل - رد الفعل ) ادى الي سكون المنظومة الحركية السياسية علي مستوى الواقع الحقيقي و علي مستوى الواقع الافتراضي ( الفيسبوك ). ادراكا من النظام الحاكم بخطورة الوافد الجديد ( الفيسبوك )في زعزعت امنه و هز اركان عرشه الذي استوى عليه قرابة ربع قرن من الزمان , و علمه التام بدور هذا الوافد الجديد في اسقاط عدد من الانظمة المجاوره ( لو حلقوا لاخوك بل راسك ). عمل النظام الحاكم في السودان علي دراسة كل ما يتعلق بالفيسبوك و معرفة مكامن القوه و نقاط الضعف , و بناءا علي ذلك و بناءا علي دراسة الحالات السابقة لسقوط الانظمة المجاورة , كلف النظام جهاز امنه و مخابراته اللاوطني بوضع الخطط و التكتيكات لابطال المفعول الثوري للفيسبوك . كلنا يعلم دهاء و خبث جهاز الامن و المخابرات في ادارة مثل هذه العمليات . * امثلة لبعض و خطط و تدابير جهاز الامن و المخابرات : _ جند الجهاز عدد كبير من الشباب العاطل عن العمل , لغزو الفيسبوك تحت مسمي ( الجهاد الالكتروني ) و الذي اطلق الثوار فيما بعد علي هولاء الغزات اسم ( الجداد الاكتروني ). كان الهدف من افراد ( الجهاد الالكتروني ) التخزيل , التخويف و تشوية سمعة النشطاء السياسيين , و ذلك من خلال نشرهم و توزيعهم علي كل الصفحات و المجموعات المعارضة , باسماء و حسابات وهمية . عمل ( الجداد الالكتروني ) علي تكذيب كل ما ينشر علي المجموعات من اخبار الحراك الثوري في السودان . كما عمل ايضا علي نشر الاخبار التي تثير الهلع و الخوف في قلوب المشتركيين في هذه المجموعات . عمل ( الجداد الالكتروني )علي تشوية سمعة النشطاء السياسيين من خلال التشكيك في وطنيتهم تارة و تارة من خلال نسبهم الي النظام الحاكم ( كوادر غواصات ), كما استخدموا اقذر الاساليب لتشوية سمعة الناشطات السياسيات بوصفهن باقذر و اتفه الصفات . *انشاء مجموعات و صفحات وهمية باسم المعارضة السودانية , لنشر اخبار كاذبة عن حركة و تنقلات الثوار و وجهتهم القادمة , مما خلق حالة من البلبلة في اوساط من كانوا في نيتهم الخروج الي الشوارع لدعم الثورة و الثوار . - اما فيما يختص في الطرف الاخر الفعل (قوى المعارضة) فنجد الاتي: *تعامل الثوار والنشطاء السياسيين مع الفيسبوك بشكل عفوي دون وضع اعتبار لخطط و تكتيكات الطرف الاخر(جهاز الامن والمخابرات),ودون وضع اعتبار لنفسية المواطن السوداني الذي بلغ منه الخوف والهوان مبلغه. نجد ان الثوار انساقوا و وقعوا في الفخ الذي نصبه لهم جهاز الامن بكل دهاء و خبث. على سبيل المثال لا الحصر ,بعض من اخطاء الثوار: *كانوا ينشرون على صفحاتهم الثورية اخبار كفيلة ببث الخوف والهلع في قلب الانسان الطبيعي دعك من انسان السودان الحالي,لبذي في اعتباري انه يعاني من حالة نفسيه مرضيه تسببت فيها ممارسات النظام الحاكم,علماء النفس يعتبرون ان الخوف احساس طبيعي يشعر به اي انسان,ولكنه عندما يتجاوز حدوده الطبيعيه يصبح نوع من انواع الجبن و عندها يعتبر الانسان مريض نفسيا ويحتاج بالطبع للعلاج. تناسى الثوار هذا الاشكال والمرض النفسي تعاني منه الجماهير ,فكانوا ينشرون اخبار التعذيب و التنكيل بالمعتقلين السياسيين في سجون النظام ,بهدف فضح وكشف عورته وذلك بسرد تفاصيل ما يحدث داخل هذه المعتقلات(بيوت الاشباح) من انتهاكات ا نسانيه واخلاقيه,وعكس صوره عن المعتقلين بانهم ضحايا لا قوه لهم ولا حولا للوقوف في وجهه هذا النظام الفاشي ,وكل ذلك بهدف تحميس و دفع الجماهير للحروج الي الشوارع واسقاط النظام و فك اسر هولاء الشرفاء. و لكن العكس تماما هو الذي كان يحدث هذه الاخبار ادخلت الرعب و الخوف في قلوبهم و جعلت الكثير منهم يكتفي بالدعاء لهم سرا بفك اسرهم, والحمد لله في العلن بانه ليس في وضعهم هذا. كان الاجدر بالثوار عند نشر مثل هذه الاخبار التركيز على عكس صوره المعتقلين على انهم ابطال استطاعوا الوقوف في وجه النظام رغم ما عانوه من تعذيب وتنكيل جسدي ونفسي, لا على انهم ضعفاء يعانون الويلات من تعذيب النظام لهم. *نشر اخبار عن استعدادات النظام الحاكم لرد وصد المتظاهرين بكافة انواع الاسلحه والعتاد,ونشر اخبار عن الكوادر البشريه التي استنفرها النظام لصد المتظاهرين من القوات النظاميه والغير نظاميه(الرباطة). هذه الاخبار زادت من شده الخوف والهلع ايضا. -عموما نجح النظام الحاكم في استخدام الفيسبوك وفي ابطال مفعوله الثوري, ساعدته في ذلك بعض العوامل المتعلقه بالكم والكيف لمستخدمي الفيسبوك . *على مستوى الكم الفيسبوك لم يجد حظه من الانتشار في السودان بالشكل الكافي كما في يعض الدول الاخرى. *على مستوى الكيف اغلب المستخدمين للفيسبوك من فئه عمريه محدده وهي فئه الشباب, هذه الفئه تتباين اهتماماتها بحيث انها تتوزع في شتى دروب الحياة,واغلبهم لا يحبذون السياسه والساسه بشكل عام ,اكثر المواضيع التي تثير اهتمامهم هي المواضيع الرياضيه و الفنيه. - الطرف الاخر (المعارضه) فشلت في استخدام الفيسبوك في تحريك الجماهير و اشعال ثورتهم المجيده, و في الاونه الاخيره اصبح مجمل اهتمام النشطاء السياسين على الفيسبوك ينصب حول كشف (الجداد الالكتروني) و الغاء اشتراكتهم من صفحاتهم و تحذير الناس منهم, والاهتمام بمجاراة البعض الاخر الذي لم يتم كشفه حتى الان في نقاشات وجدل بيزنطي لا فائده منه,وايضا في الدفاع عن انفسهم و عن احزابهم و نفي تهمه الخيانه للوطن. _اخيرا هنالك نقطة متعلقه بالتساؤل الاخير حول رهان المعارضه على الخيار السلمي الشعبي لاسقاط النظام الحاكم. *الانتكاليه: تفشت في الاونه الاخيره ظاهرت الانتكاليه عند معظم الثوار و النشطاء السياسيين , بمعني انهم اصبحوا لا يعولون علي خيار الثورة الشعبية الشاملة ( سلمية كانت او غير سلمية )و ذلك من خلال اعتمادهم علي الجبهة الثوريه و الاهتمام باخبار انتصارتها علي مليشيات النظام الحاكم و تناسي الحديث عن الثورة الشعبية . الدعم المعنوي للجبهة الثورية واجب وطني , و لكن الدعم المعنوي وحده لا يخدم قضية الجبهة الثورية و لا قضيتنا في الخلاص من هذا النظام الفاشي. الدعم الحقيقي يتمثل في مواصلة مسيرة الثورة الشغبية الشاملة و مواصلة حث الجماهير للخروج الشوارع لاسقاط نظام ( الكيزان ), الضغط في كل الجهات و في كل المحاور سوف يصيب النظام بحالة انهيار عصبي تؤدي به الي مزبلة التاريخ غير ماسوف عليه . فلندعم نضالات الجبهة الثورية و لندعم نضالات الشعب في كل انحاء ما تبقي من الوطن العزيز لاسقاط نظام عصبة اولى الباس الشديد كما يحلو للاستاذ : فتحي الضوء تسميتهم . [email protected]