ومرة أخرى يأخذنا حال الوطن الى فضاءات الفيافي وكوابيس الوهم العريض فتتلاشى الامال والأماني بأن ينصلح الحال يوما ما وتعود المياه لمجاريها . غير أن الأقدار ما انفكت تضع في مساراتنا العجب العجاب يوما بعد يوم ! بل ساعة بعد ساعة . حتى وأن الفرد منا كاد أن يصيبه (التبلد ) مع ما يمر بنا من (استحقار ) واستخفاف بكرامة المواطن المغلوب على أمره .. ولا يخفى على القارئ الكريم أن المداد الذي سكبه أصحاب الأقلام بغية اصلاح ما يمكن في وزارة الصحة ومستشفيات البلاد ومراكزها الصحية حكومية كانت أو خاصة , لهو كاف دون شك ليحرك ذوي الشأن ان كان فعلا يهمهم حال البلاد والعباد , ولكن لا حياة .. ولا حياء . نعود فنقول أن المواطن في كل بقاع الأرض أيا كان وضعه الاجتماعي فهو يعتمد كليا على ولاة الأمر فيما يخص الخدمات الأساسية ودعمها وتهيئتها وتحسينها وتوفيرها بأسهل الطرق والوسائل ليستفيد منها وقت الحوجة فيبادل الدولة المنفعة بقدرته على الانتاج والتطور في المجال الذي يعيشه ان كان طالبا أو عاملا أو موظفا .. وبعيدا عن الفوائد التي تعود على كليهما ( مادية أو معنوية) فأن توفير مايلزم لعيشة كريمة هو دون شك عين الواجب على كل مسئول في الدولة .. وبلادي .. كانت توفر الى عهد قريب العلاج مجانا ودون أي مقابل لكل فئات الشعب سيما تلك التي تعمل في المؤسسات الحكومية أو سلكي الشرطة والجيش , اضافة الى كل الطلاب في كافة المراحل الدراسية .. مقابل تأمين صحي رمزي تستفيد من قيمته الدولة فيعود خدمة جليلة ( مع وجوبها ) لصالح ذات المواطن .. وان كان حديثنا ( عائما ) في بحر الخدمات الأساسية الا أننا نخصص العلاج لأهميته المطلقة , وللمعاناة التي يعيشها المواطن المريض . والتي ستعود حتما بمردود سلبي عليه ثم على أسرته , فمجتمعه الصغير , ومن ثم على كافة الوطن المجروح سلفا .. وصلت بنا ( المواصيل ) ان نراجع المستشفيات بعد أن نتأكد من اصطحابنا للقطن والشاش والابر وخلافه , وتحملنا على مضض , ثم أصبحت الصيدليات خاوية على عروشها فصبرنا والحال يغني عن السؤال , واضحت حرائرنا تضع أحمالها في الشوارع وخلف أستار البشر , أو ربما على ضؤ الهواتف والبطاريات ... بعد كل هذا فهاهي المراكز والمشافي تضع قائمة بأسعار العلاج ومراجعة الطبيب على بوابتها الرئيسية .. وأين ؟! في أقسام الطوارئ والحوادث .. نعم لائحة بالأسعار وكأنك في نزهة سياحية أخي القارئ , او كأنما تستقبلك بوابة أحد المطاعم والمنتزهات .. الأطباء (ملائكة الرحمة ) هذا التشبيه ماعاد يشبههم وهذه المهنة التي طالما وصفت بالملائكية لم تعد هكذا , خاصة في مستشفياتنا الخاصة , والوقوف خلف المواطن التعبان الغلبان انعدم وأندثر وتلاشى , بل تلاشت القيم نفسها ناهيك عن تقاليد وأعراف مهنة الطب .. فهل من مغيث ..؟ [email protected]