اليوم هو التاسع والعشرون من رمضان هذا العام ..وسواء كان هو الأخير من هذا الشهر الفضيل فإننا نودعه بحزن ٍ على أمل أن يعود علينا في السنة القادمة وقد تبدلت أحوال أمتنا الإسلامية الى أحسن مما هي فيه أو عليه الآن من حال يرثى له.. وإن أقام معنا وهو الكريم فيتفضّل علينا بزيادة جميله باكمال ثلاثينه فمرحباً به ليوم آخر. ولكن في كلتا الحالتين فهو سيحزم حقائبه ليرحل ..ونتمنى أنه قد عبأها من عشره الأوائل بالرحمة ومن عشره الوسطى بالمغفرة و عشره الأخيرة بالعتق من النار ..ليودعها في ميزان حسنات الكل بإذن من الرحيم الغفور والمعتق الذي لا شريك له ! لا أدري ورغم أنني منذ أن غادرت السودان قبل خمسة وثلاثين عاما .. قضيت فيها ما لايقل عن ستين عيداً خارج الوطن .. مقابل عشرة فقط على الأكثر بين الأهل والأحباب ، إلا أن الإحساس بالغربة يتجدد عندي في يوم وقفة كل عيد أمضيته صعباً بعيداً عن البلاد ..! شعورٌ كئيب وحنينٌ يكاد يحيلني الى طفلٍ في أيام الفطام يتودد بنحيبه يقظاناً ونشيجه حالماً يهفو لثدى الأم القريب والبعيد عنه..رغم سنوات العمر التي تساقط دونها زهرُالشباب في دروب الشتات ! و لعل قصيدة .. ( عيدك كيف ).. أسفل هذه المقدمة هي مستمدة من ذلك الصوت الطفولي بداخلي .. وأعلم أنها كلمات قد لا تخصني في المعني وحدي بقدرما ستكون ناطقة بحس الكثيرين الذين يكتمونه خلف غصة البعاد عن الوطن والأهل .. في قبايل العيد أو صباحه الباكر ونهاره الطويل وليله الموحش في بلاد قد تنتهي فيها مظاهر هذا اليوم الإستثنائي بمراسيم الصلاة .. ثم يعود الغريب عن وطنه الى منزله لينكفي على حائط ذكريات اللحظة التي تعج بالحركة في البلد وهي تمر أمام عينيه شريطاً يعيد مشاهد الفرحة القديمة في دواخله و التي يخنقها واقع حاله .. و يقتلها في ذات الوقت تصوّر ما يحدث في بلادنا من تكالب أهل الظلم على أهله ومزاح الطبيعة الثقيل الذي يتحول من نعمة الى نقمة لحكمةٍ يعلمها الله ونرضاها حُكماً منه لا جدال فيه ، سبحانه تعالى ، و الذي لا نسأله رد القضاء وإنما اللطف بأهلنا المنكوبين وأن يزيح عن وطننا كل غمة .. وأن يعود علينا العيد جميعاً .. مغتربي الداخل قبل الخارج بالفرج العميم ليجتمع شعث سواعدنا على أرضه لإعادة بنائه من جديد بمونة النية الطيبة والوطنية الصادقة البعيدة عن تشظي الإحن ونتبادل مسطرينات الثقة وتداول الصعود والنزول على السقالات دون إقصاء لأحد ..إلا من أجرم في حقه بالهدم ..! وكل عام والجميع بخير .. ******* عيدك ... كيف ! *** مشيت في لُجتك مشوار .. لقيت زمنك جحيم ..وودار.. ما عرفت ..أرجع للبداية .. ولا .. حددت ليكي نهاية.. بقيت يا غربة جد محتار.. أمامي خيار.. وكيف أختار.. بين درب الغرق .. والنار.. *** سنين الزول بضيعو هدر.. إذا ما فاتو عيد بلدو .. وما اتنسم عبير والداً.. بالعفو .. و الحنان قلدو .. ولا فرّح بنية الخال .. طيّب خاطرو.. في ولدو.. جاب لى عمو ..جبة وشال.. وعدى على الفريق فقدو.. وكيف لو صلى ما عانق .. شباب في غيبتو إتولدو .. حسان الحلة .. كبرو خلاص .. معاهم .. ما اكتمل سعدو.. وآه من وجعة أحباباً .. عزاز .. إرتحلو من بعدو .. حليلم ..كانو أعيان خير.. رجال في الحّارة بنعدو.. مطاميرم تفيض .. وتكيل.. شيل .. الكيلة .. مابعدو .. وأماتاً ... بشدو .. الحيل .. ضيوف الهجعة كان عدو.. *** عيدك كيف..وإنت بعيد .. بين الدمعة ... والتذكار.. لا جاراً.. يدق الباب .. ولا زفة .. ملايكة صغار.. تهاني العيد بقت.. لو.. جات.. (مسج ) ..بالهاتف السيار.. وكان حاولت .. تتواصل .. مع الأهل .. الحُنان.. في الدار.. خطوط الشبكة .. والأشواق.. تخلي ..نهارك أشقى نهار.. *** الوطن الجريح .. مابهون.. علينا .. ونحن .. أحبابو.. دروبنا الفرقت .. ياريت.. تلمنا تاني ..في ترابو.. وما برتاح غريب الليل.. بعيد عن .. فرحة اترابو.. كتير ناس .. غيرنا ما احتملو .. ومن حالة الفصام تابو.. غايتو اتوكلو .. ورجعو .. بالكاد .. في الوطن.. ذابو.. وكيف الشورة بس في طير.. أكيد أرق الحنين صابو.. مادار في.... خيالو يغيب .. إفارق ...لمة .. أصحابو.. بحاول .. والجناح مكسور .. وحلم العودة .. شوق موفور .. يكابد في البعا د ... مجبور.. وكان سببو .. القبيل جابو.. زمان العز هناك محصور.. فقط في السرقو أغلى مسور .. كاس القعدة فيهم إدور .. شربو سلافة .. أنخابو .. حصاد الموسم .. المدخور.. شتتوا غلتو .. و عابو .. سواهم قالو مافي طيور.. كنكشو في التقا .. و خابو .. *** دولة الامارات العربية المتحدة / العين 29..رمضان 1434 هجرية.. الموافق.. 7غسطس 2013 [email protected]