محنة السيول والفيضانات التي اجتاحت البلاد مؤخرا ، مثلت الاختبار العادل الذي وضح العجز الفاضح لأجهزة السلطة في تعاملها مع تحديات الموقف وأبرزت الوجه القبيح لفكرة ما يسمي باللجان الشعبية التي من خلال تفاقم حجم الكارثة أكتشف الجميع أنها مجرد عصابات سياسية منظمة تنشط في نهب المقدرات الشحيحة لسكان الأحياء الفقيرة تحت ساتر القانون ، فهذه اللجان منذ انطلاقة فكرتها في منتصف التسعينات وحتى اللحظة لم تكن بالمشروع الناجح الذي أضاف الجديد لشكل المجتمع بل كانت أداءة تخصم من رصيد المؤتمر الوطني الذي رهن مستقبله بمصير التقارير المضللة التي يرفعها لصوص اللجان ضد الشرفاء من المواطنين الذين يعارضوا سياساتها الانتهازية في حق مصالح الناس ، فاللجنة الشعبية بدلاً أن تكون في صف المجتمع هي تقف ضده في كل شي وتحاربه بكل ما أوتيت من قوة وتحاول بصلف اللصوص أن تسئ ألبه بالصورة الكافية التي تجعله في ظل العصر الراهن لا يسوي شيئا في موازين المطففين الذين إذا اكتالوا علي الناس لا يستوفون ! فاللجنة الشعبية هي القشة التي تقصم ظهر المجتمع ، لطالما قدمت الكثير من النماذج التافهة التي تنال من قيم الصدق والعدالة والتنمية من بين أيدي المواطن ، فهي المسئولة عن تسرب مواد الإغاثة للسوق الأسود ، وكيف لا ؟ وجميع عضوية اللجان الشعبية فاقد مهني من ذوي المؤهلات العلمية المحدودة وفي أحسن الأحوال من حملة ألشهادة السودانية بتقدير مقبول وأكثرهم من متسلقي المؤتمر الوطني الذين انضموا للمولد بعد أن تقطعت بهم السبل في أحزابهم وفقدوا فرصة المنافسة في أن يكونوا شيئا مذكورا بين أقرانهم من القيادات الكبيرة في تلك الأحزاب ، والمؤتمر الوطني هو الوعاء الجامع للتعيس ولكل خائب رجاء !! فوجدوا ضالتهم فيه وصاروا بقدرة قادر قيادات مجتمعية تتحكم في رقاب المواطنين ، فلو كانت هناك معاير أخلاقية ولو كان المؤتمر الوطني من الحكمة السياسية الثاقبة لنظر مليون مرة في مسألة اللجان الشعبية وقام بحلها وأراح المواطنين من عناءها الذي بات واقع لا يطاق ، فهي - أي اللجان الشعبية – صارت باب رزق وتكسب للبعض ، درجة أن العضوية الحالية لأفرادها ظلوا بها منذ العام 1990م ولا يمتلكون أدني أحساس بالتقاعد وهم علي استعداد للقتال وللتضحية بالذمم مقابل أن يظلوا لأعوام قادمة كثيره أعضاء باللجان الشعبية ، والمثال الحي علي ذلك القصة التي حدثت بأحدي المناطق الطرفية والتي تقول فصولها أن مواطني أحد الأحياء اتفقوا في انتخابات اللجنة الشعبية الأخيرة علي تغيير الوجوه القديمة الكالحة بأخرى شابة مرضية تعمل علي بسط القيم التي من أساسها نبعت فكرة اللجان الشعبية ، فما كان من رئيس اللجنة القديمة إلا أن قام برفع تقرير أمني ضافي للجهة المسئولة سرد فيه بالتفصيل المملة الجهود العظيمة التي تبذلها عضوية الحركات المسلحة في السيطرة علي مفاصل المجتمع ؟ وللأسف الشديد وجد تقريره الأذن الصاغية التي صدقت دون أن تجهد نفسها عناء التأكد ! فتم التجديد للجنة القديمة لأعوام كثيرة أخري !!! . وهنا مكمن الخطورة فالسلطات العلياء تعيش في برج عاجي من الأكاذيب والمبالغات التي تعزلها عن اتجاهات ومطالب الجماهير ، والحزب الحكم ليس لديه أعداء مؤثرين غير قواعده التي لا تخشي الله في معرض تقيمها للنصائح المجانية التي يسديها لها الشعب ، أن اللجان الشعبية من الخطورة علي وحدة وأخلاقيات المجتمع بذات القدر من الخطورة التي تمثلها عضوية المؤتمر الوطني علي نفسها ، فالحزب الحاكم سيظل في مطلع الأيام المقبلة بناء علي الكيل الذي طفح بالكثير من متسلقيه سيشهد المزيد من التآكل والتشظي طالما يبني سياساته العامة علي نسق التقارير الضاربة التي يرفعها الفاقد التربوي والمهني من عضوية اللجان الشعبية وأصحاب المصالح المادية الذين وجدوا المستقبل في المؤتمر الوطني بوصفه أكثر الأحزاب الإسلامية هدما لقيم الدين الإسلامي . [email protected]