امس عدت لمنزلي بالخرطومجنوب بعد يوم عمل طويل..قدمت لي زوجتي وجبة الغداء بدون رغيف..قبل ان احتج أوضحت سيدة البيت انهم لم يجدوا خبزا في كل المنطقة ..ذهبت بنفسي للمخبز المجاور والذي تربطني صداقة مع صاحبه.. صفوف طويلة تذكرني بأيام الانتخابات في الدول المتحضرة ..حينما صافحت صاحب المخبز الذي كان يجادلني كلما احتججت على بيع الرغيف خارج أطار التسعيرة الرسمية ..تذكرت حكمة صديقي (الفران) التي تقول سيأتي يوما تبحثون عن الرغيف بهذه التسعيرة ولن تجدوه..عندما نحتد في النقاش كان يستنجد بالة حاسبة .. عدت لبيتي وانا اشعر بالأسى لان حسابات (الفران) كانت اصدق وأدق من حسابات والينا ..توكلت على الله وتناولت طعامي خالي خبز. لن تكون أزمة الخبز الحالية اولى أزمات الحكومة..انها الازمة التي انكرتها الحكومة السودانية وفضحها عن غير قصد السيد هجو قسم السيد نائب رئيس البرلمان .. النائب هجو طمان جماهير الشعب السوداني ان القمح متوفر ولدينا احتياطات تكفي لمدة خمسة وعشرين يوما..في هذه الايام يعيش المواطنون شبح أزمة مواصلات ..اصحاب الحافلات بعد وقت معلوم ينسحبون من الطرق او يعلنون أسعار من راسهم..ذات الامر ينطبق على سلعة الغاز الذي تصر ولاية الخرطوم ان سعر اسطوانة الغاز خمسة وعشرين جنيها..كل مواطن يذهب الى هنالك يدفع عن يد وهو صاغر مبلغ أكبر من ذلك. بداية اين المشكلة ..ولماذا ظهرت الان..قبل سياسة رفع أسعار الوقود كان الخبز متوفرا.. المواصلات خلال رمضان الماضي كانت تسهر حتى ينام المواطنون..أسعار الغاز ثابتة ومستقرة..الجديد ان أسعار الوقود والغاز زادت بنسب تكاد تصل الى 40٪.. رغم هذا تحاول الحكومة ان تقنع الناس ان الزيادة الاخيرة ستؤثر على جيوب الأثرياء فقط ..الحكومة حتى تصدق نفسها استخدمت سياسة التخدير.. ولاية الخرطوم قالت انها ستقدم دعم نقدي للسيارات العاملة في خطوط المواصلات..قبل ان يمر مائة يوم على الوعد السامي اشتكى معشر اصحاب الحافلات ان الدعم الموعود لم يصل بعد..أزمة الغاز رأت الولاية حلها في ان ينزل موظفا البلدية ليوزعوا الغاز (أنبوبة أنبوبة ..شارع شارع)..الولاية لم تشخص الامر بصورة دقيقة وحسبت ان الامر مجرد جشع تجار.. ذات الامر حدث مع تسعيرة الرغيف التي ارتفعت تلقائيا وتقبلها المواطن ولكن تدخل والي الخرطوم واعدا أيضاً بدعم غاز المخابز . عزيزي المواطن هل لاحظت ان سعر البطاطس يكاد يكون مستقرا طوال العام.. السبب ببساطة ان الحكومة لم تفكر في وضع تسعيرة للبطاطس .. وفرت البطاطس ناتجة عن اتجاه شركات كبرى في الاستثمار في قطاع التخزين المبرد..الان البصل في قمة تعززه بعد ان أزاح اللحوم عن القمة..انخفضت اللحوم بسبب زيادة الوارد وضعف الطلب في موسم عيد الأضحى .. ما اود ان أقوله ان الية الغرض والطلب واقتصاد الوفر سيحقق الاستقرار في أسعار السلع. في تقديري ان تدخل الدولة مطلوب في مثل أوضاعنا الهشة ..الدولة يحب ان تتدخل ان رأت ان مجموعة صغيرة تحتكر استيراد القمح وهو ما يحدث الان..الحكومة بدلا من فتح أسواق الاستيراد تضع سياسات احمائية وقيود على استيراد الدقيق المطحون..الحكومة يجب ان تتدخل مثلا في الاستثمارات التي لا يستطيع القطاع الخاص اقتحامها بسبب ضعف موارده او عدم استعداده للمخاطرة مثل فكرة القطار المحلي لولاية الخرطوم . الواقع ان الحكومة تعمل في الاتجاه المعاكس تماماً.. الان الحكومة لديها فرن كبير في جنوبالخرطوم..الدولة لديها أسطول بصات عاجز عن الحركة بسبب انه مال (ميري )..الحكومة الان تبيع الفراخ والبيض في شوارع الخرطوم . ان لم تعالج هذه المشكلات بآفاق استراتيجية سيخرج الناس الى الشارع ويهتفون "الشعب يريد رغيف الخبز ".. ولا ادري كيف لحكومة ان تحكم الناس وهى لا تستطيع ان توفر الخبز الحاف. الأهرام اليوم [email protected]