ألا يا هند قولى أو أجيزى رجال الشرع أصبحوا كالمعيز ألا ليت اللحى صارت حشيشا فتعلفها خيول الإنجليز الشاعر صالح عبدالقادر أحد قادة جمعية اللواء الأبيض فى 28 نوفمبر مرت ذكرى أعظم ثورة فى تاريخ السودان، ثورة لو قدر لها النجاح لغيرت وجه السودان بنسيجه الأجتماعى المتباين، 89 عاما مضت على أعظم ثورة قادها رجال خلص من أبناء هذا الشعب ضد المستعمر وتجاوزوا بحنكتهم السياسية العصبيات القبلية والجهوية والعرقية وأنصهروا فى بوتقة الوطنية لتخليص الشعب من نيران الأستعمار الذى كان يرزح تحت وطأتها، رجال شرفاء تمثلوا فى شخوص على عبداللطيف وعبيد حاج الأمين وحسن شريف وصالح عبدالقادر الشاعر وحسن صالح المطبعجى وعبدالفضيل الماظ، إجتمع هؤلاء القادة ليؤسسوا جمعية اللواء الأبيض وأختاروا على عبداللطيف ليكون قائدا لهم، لقد كانت الحنكة السياسية والتنظيمية التى تمتع بها عبيد حاج الأمين هى الدافع القوى لترجيح كفة البطل على عبداللطيف للقيادة وهو الذى ينحدر من أب من جبال النوبة وأم من قبيلة الدينكا فى الجنوب، كما تم فى ذات الأجتماع أختيار البطل عبدالفضيل الماظ قائدا عسكريا وهو الذى تنحدر أمه من قبيلة النوير ووالده من قبيلة المورو وكلا القبيلتان فى الجنوب أيضا، لم يكن إختيار هذان القائدان مجاملة لهما أو لعبا على أوراق القبلية أو الجهوية إنما كان إختيارهما لوطنيتهما الخالصة وكفاءتهما وشجاعتهما النادرة وهمهما الوطنى فى طرد المستعمر وتوحيد النسيج الإجتماعى، كان على عبداللطيف قائدا وخطيبا مفوهاً وعبدالفضيل الماظ قائدا عسكريا محنكاً حيث قاد المواجهة العسكرية ضد الإنجليز فى المعركة الشهيرة يومي 27/28 نوفمبر 1924 وأبلى بلاءً حسناً هو ورفاقه حيث أظهروا شجاعة نادرة وأستبسالاً حتى أستشهدوا. وما يغيظ النفس ويترك فى الحلق غصة أن فشل هذه الثورة لم يكن بسبب مواجهة هؤلاء الأبطال لجيش الأنجليز فحسب إنما للعنت والخذلان الذى وجدوه ولاقوه من النخبة الوطنية ومثقفى ذلك الزمان من تحريض ووشاية ضدهم بين أفراد الشعب والتجسس عليهم وإخبار سلطات الإستعمار حتى تم القبض عليهم وسجنهم ونفى البعض منهم...!! ولم يسلموا حتى من مظلمة رجال القضاة ورجال الدين حتى قال فيهم أحد قادة الثورة وهو الشاعر البطل صالح عبدالقادر قصيدة طويلة أشهر أبياتها ما يلى: ألا يا هند قولى أو أجيزى رجال الشرع أصبحوا كالمعيز ألا ليت اللحى صارت حشيشا فتعلفها خيول الإنجليز ترى كيف كان سيكون حال الوطن لو إلتف الشعب بنخبه فى ذلك الزمان وتحالفوا مع هؤلاء الأبطال ووحدوا كلمتهم ضد المستعمر..؟ كيف كان سيكون الحال لو سار أبناء الشعب بذات الروح التى أسس هؤلاء الأبطال بها جمعيتهم منذ ذلك الزمان أو حتى بعد الأستقلال.؟ لماذا دخل السودان فى نفق مظلم وفشل النخبة فى توحيد كلمتهم.؟ لماذا قسمت القبلية والجهوية والعرقية ظهر هذا الوطن حتى ضاع ثلثه ولازال يرزح تحت نيرانها فى عهد نظام هو أسوأ من سيطر على مقدرات البلاد طوال تاريخها..؟ إلى متى وهذا الوطن يظل يكتوى بنيران التناحر الذى أهلك البلاد والعباد..؟ ألم يكن فى هذا الشعب من قائد ومن رجل رشيد.؟ وبعد 89 عاما من إندلاع ثورة اللواء الأبيض أم تلد حواء السودانية من رجال فى قامة عبيد حاج الأمين وعلى عبداللطيف....؟ ...أبوناجى.... [email protected]