حقيقة وقفت محتاراً أحاول أفهم وأستوعب المشاهد والمناظر والكلمات والتعابير التي تبادلها المجتمعون في ذلك الإجتماع الذي عقد في اليوم الذي يصادف الذكري التاسعة والعشرين لإنتفاضة مارس ابريل المجيدة ... كنت اود ان أفهم السر الذي جعل عدد من الأحزاب السياسية المعارضة بالتحديد التي غيرت موقفها من مسألة الحوار بين ليلة وضحاها مع أن الواقع السياسي والأمني الذي جعلهم يتخذون ذلك الموقف لم يتغير . كنت أحاول أن إستوعب ما هو الأمر الذي جعل الأحزاب السياسية عامة والمعارضة منها خاصة أن تثق في هذه المبادرة ، مع أن كل هذه الأحزاب لها سابق تجربة مع الحوار مع المؤتمر الوطني الذي أدمن محاورة مناوئيه ومعارضيه والإتفاق معهم ثم نقض الإتفاق دون أن يرمش له جفن ... ألم يستوعب هؤلاء الساسة أن المؤتمر الوطني عندما يكون في حالة من الإستقرار النسبي في الجانب الإقتصادي والعلاقات الخارجية فإنه لا هم له سوي قمع معارضيه والتنكيل بهم والتضييق عليهم أفراداً وأحزاباً ، ولكنه عندما تتدهور أوضاعه الإقتصادية والأمنية وتتدهور علاقاته الخارجية فإنه يلجأ لتلك الأحزاب للتحاور معها من أجل الوطن ؟!!!! ومن أجل المصلحة العامة ؟!!!! كم مرة خدع المؤتمر الوطني الآخرين بمثل هذه الحجة ؟! إذن ما هو الفرق هذه المرة من سابقاتها ؟؟ أليس النظام الآن يمر بضائقة إقتصادية ؟؟ ألم تتدهور علاقاته الخارجية ؟؟ ألم يمر بأوضاع أمنية متردية ؟؟ ألم يعش أزمة سياسية حادة حتي داخل تنظيمه ؟؟ إذا كان الأمر كذلك فلماذا تنخدع هذه الأحزاب للمرة الثالثة والرابعة والخامسة ؟؟ ولماذا تقدم طوق النجاة لهذا النظام الذي إرتكب كل الموبقات في حق شعبه ؟؟ نعم نقول أن الحوار هو أحد الوسائل التي يمكن عبرها تغيير النظام ولكن لا بد من توفر وتهيئة الأجواء اللازمة للحوار ، وأول هذه الإشتراطات توفير الحريات العامة ، ولا يكفي الحديث علي الهواء بإطلاق سراح المعتقلين والسماح بإقامة الليالي السياسية داخل وخارج الدور خاصة وأن الرئيس ربطها بتعبير ( وفقاً للقانون ) ، لأننا نطالب بإلغاء القوانين المقيدة للحريات خاصة التي تبيح الإستدعاء والتحقيق والإعتقال ، والتي تبيح إيقاف الصحف ومصادرتها ، ولتي تمنع وتقيد تسيير المواكب والمسيرات وغيرها من القوانين المقيدة للحريات . ثانياً لا بد من وقف إطلاق النار وحتي ولو لفترة محددة أثناء فترة الحوار لأنه لا يعقل أن نتناقش ونتحاور والقنابل والدبابات أيضاً تتحاور وتحصد أرواح الأبرياء ... ثالثاً لا بد أن يقبل النظام وضعاً إنتقالياً ، لأن هذا النظام لم ينفذ أي إتفاقية إلتزم بها سابقاً ، ولهذا لا بد من وضع إنتقالي يقود البلاد حتي قيام الإنتخابات العامة .. رابعاً لا بد من المحاسبة والمسآلة عن كل الجرائم السياسية والجنائية والمالية ومعاقبة مرتكبيها ... نري أنه لا بد من الإستفادة من التجارب ولا بد من التعامل بعقلانية مع القضايا الوطنية حتي نخرج من هذا المأزق ... ولذلك إما الحوار بإشتراطاته او النضال والمقاومة من أجل إسقاط هذا النظام الفاسد وإقامة البديل الديمقراطي . [email protected]