المشهد الان أول عقوبة تلقاها هذا الشعب الصابر منذ تلك اللحظة وحتى الآن..! هي خروج المستعمر عن أرضه دون أي مقاومة تذكر..فكان الجلاء وكانت بداية سيناريو العذاب. لم يكن خروج المستعمر إلا غضبة تنسج إلى مكيدة ينتقم بها لنفسه جراء ما لاقاه ذلك المستعمر من مواجهة أبية ، يتسم بها هذا الشعب الأبي الذي عصت على المستعمر جميع ممارساته لقهره ،ولكنه لم يفلح ولم يجد طريقة يعاقب بها هذا الشعب إلا تركه على حاله يعاني الأمر فقراً رغم غناه ، وأن لا يستغني عن أفراده طيلة فترة الاحتفاظ به إلى حين!! وكان ذلك ملاحظة واضحة في أن تجد على رأس كل منظمة من منظمات الأممالمتحدة العاملة في جميع المجالات ، على رأسها فرد من أفراد هذا الشعب المختار في تلك الجهات القائمة على أمر تلك المنظمات ،لا تكريما لهم إنما هي الحاجة في قدراتهم وابعادهم عن وطن يملك كل موارد هذا العالم وايضا الاحتفاظ بهم إلى حين!! السودان كلمة كانت تطلق على كل حدود أرض السود حدود ما قبل حدود المستعمر ، والمستعمر الذي رسم تلك الحدود ما محاولاته الآن؟ ألم يكن ذلك واضحاً في مشروعه الذي يزمع قيامه الآن وتحت جميع المسميات من فوضى خلاقة ، وإلى ثورات الربيع العربي بالشرق الأوسط والتي شملت كل دول المنطقة ، ولكنها لم تأت نحو السودان؟ هل الأمر مقصود؟! نعم مقصود لأنّ السودان في اعتباراتهم ليس بالعربي حتى تشمله ثورات الربيع العربي والسودان ليس من ضمن منظومة الشرق الأوسط ولا شمال افريقيا أو وسطها أو جنوبها أو غربها أو شرقها. إنما هو ذلك الوضع (اليونيك) المتفرد بشرياً وجغرافياً فبمثل ما انتشر الاسلام في مركز (مكة) سينتشر اقتصاد العالم في أرض السودان قلب افريقيا والعالم؟! إنه فقط مجرد سؤال؟! وكما وضع المجتمع الدولي والقوى الحديثة خريطة جديدة لمستقبل العالم القادم بداية بالشرق الأوسط الجديد ، فإنّه الآن بصدد الشروع لرسم الخارطة الجديدة للسودان الجديد..السودان الجديد الذي تمتد حدوده من أسوان - السد العالي- شمالاً ، ومن موقع سد النهضة شرقاً وإلى أطراف ليبيا ، وتشاد غرباً وافريقيا الوسطى جنوبا ، مستغلاً بذلك دخول جميع دول المنطقة المحيطة في صراع دائم وعدم استقرار لا تلتفت في حينها إلى هذا المخطط والذي سوف تفاجئ به جميع تلك الدول بعد فوات الأوان ، فما تقوم به مصر الآن من ضم بعض من حدود السودان الشمالية سوى كانت حلايب أو بعض من الكيلومترات في حلفا القديمة ، بما جاءت به الاخبار هذه الايام لم يكن ذلك إلا نوع من بداية لفتح الذرائع لضم تلك الخارطة التي ذكرناها للسودان الجديد ، حين تتبدل موازين القوى ويصير البقاء للأقوى الأصلح وهو السودان الجديد ، وايضا هنا لنا أن نطرح سؤالاً مهماً وضرورياً نوجهه إلى جميع الاحزاب السودانية الفاعلة الآن بالساحة السودانية ، والتي أعطيت لها الحريات التي كانت غائبة عنها طيلة فترة ربع قرن الزمان! نسألها أين هي الآن وماذا ستكون في ظل هذا السودان الجديد الممتد عبر تلك الحدود هل بدأت في تشكيل قواعدها الجديدة ، هل ستقدم برامجها كما كانت عليه من زمان عفى عليه الدهر ، أو أنّها سوف تأتي بالجديد الجديد بما يناسب هذا السودان الجديد؟! على هذه الأحزاب السودانية والتي إنقسمت - كما تنقسم الخلايا المريضة ؛ والتي تؤدي إلى ضعف وهلاك للجسم الصحيح- بوعي منها أو دون وعي عليها أن تنتبه الآن وتنظر إلى ما حولها ، وتعيد ترتيب أوضاعها وأن تدرك بأنها تخرج من بطن هذا الشعب الذي ذكرنا أنه صبر عليها الكثير ، منذ أن طالبت بعض هذه الاحزاب لاستقلاله من المستعمر ظناً منها أنّها حررته ، ولكنّها لم تفعل إنّما زادت من تكبيله وأسره داخل صراعاتها المستمرة ،ما بين حكومة منتخبة وانقلاب عسكري يؤدي إلى حكومات شمولية حكمته زماناً وما كان من انقلاب والا ومن ورائه حزب هزيل. وأخيراً وكما يقول "فاكوياما" إنّ الليبرالية نهاية التاريخ فإنّنا نقول : إنّ السودان الجديد هو نهاية التاريخ. عبد الحافظ الصافى محمد خليل [email protected]