عاد الهلال للمربع الأول. لا بل عاد الفريق لما قبل المربع الأول. تحققت رغبة بعض من أرادوا هدم الاستقرار النسبي الذي شهده الفريق في الفترة الأخيرة. لا يمكنني أن أصدق أن المطالبين بطرد النابي ( الكيسو فاضي ) في نظر أصحاب الجعجعة التي لا يعقبها طحين دائماً أرادوا مصلحة الهلال. ولك أن تتخيل عزيزي الهلالي كيف سيكون الوضع بعد أن قبل المجلس استقالة النابي الذي ضاق ذرعاً بتخلفنا المريع وجهلنا بأبسط قواعد التعامل الاحترافي. كيف سيكون الحال سواءً كان البديل كامبوس أم غيره. كامبوس سبق أن درب الهلال. فما الذي فعله آنذاك؟ وما هي انجازاته؟ كأس دورة نادي بني ياس يا تُرى؟! مخطئ من يظن أنني أحاول استباق الأمور ووصم كامبوس بالفشل في مهمته قبل أن يصل. ففي فهمي دائماً أن الكاتب الذي ينه عن خلق ويأت بمثله لا يستحق أن يقرأ له الناس. لكن ما أقصده هو ما قلته بالأمس بأننا لن نصل إلى مدرب يتفق حوله الجميع. اليوم ينتقد الكثيرون النابي. وبالأمس انتقد آخرون كامبوس. وإن عاد كامبوس مجدداً لتدريب الهلال فسوف يواجه حملات انتقاد قاسية حتى قبل أن يبدأ مهامه رسمياً. فهذا هو ديدننا. وهذا هو فهمنا المتخلف الذي يعيدنا للوراء بعد كل خطوة نخطوها للأمام. إن أردنا لكرة القدم السودانية أن تتطور فلابد أن نبدأ بأنفسنا. علينا أن نغير من مفاهيمنا البالية. لا يعقل أن نأتي بمدرب لنتوقع منه أن يصغي لآراء كل الملايين التي تناصر هذا النادي أو ذاك. لا يمكن لأي مدرب قادم للهلال أن يشرك جميع اللاعبين الذين يضمهم الكشف. وإن تعاقدوا مع كامبوس أو غيره غداً فالشيء الأكيد أنه سوف يختار تشكيلة محددة. وسوف يجلس آخرون في دكة البدلاء . وسيثور البعض ويعيدوا نفس الحديث الذي أثاروه حول النابي. الاختلاف الوحيد سيكون في الأسماء. فقد أعاب البعض على النابي عدم اشراكه لوارغو وسيبمو والمعز مثلاً. وربما يشرك المدرب الجديد هؤلاء. لكنه بكل تأكيد سوف يبعد آخرين. وسيكون ذلك مدعاة لاستمرار الهجوم على المدرب مع اختلاف الأسماء كما ذكرت. سيقول البعض أن المدرب القادم يعادي كاريكا ومساوي وبشة، هذا على سبيل المثال فقط. لتدور عجلة التخلف والتدخل في شئون الغير وافتراض المعرفة بكل شيء من جديد. كاتب هذه السطور كان رأيه منذ بداية عمل لجنة التسيير الحالية أن تسجيلات المحترفين الأجانب لم تكن موفقة. وقد أشرك النابي بعضهم وتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها فعلاً كانت فاشلة ولم ينجح منهم سوى سيسيه. لكن لنفترض جدلاً أن النابي أشرك أكثر من واحد وحققوا نجاحاً دفعه لأن يستمر في اشراكهم فهل استمر في انتقاد هؤلاء اللاعبين وأؤكد في كل مقال على فشل النابي حتى لو كانت نتائجه جيدة لمجرد أنه يشرك لاعبين أجد نفسي غير مقتنع بهم؟! المؤسف أن البعض يهاجمون مدرباً كل يوم لأنه لا يشرك لاعباً يحبونه. وما لم يشرك المدرب لاعبهم المفضل تستمر حملاتهم ضده إلى أن يغادر. في السنوات الماضية اشتد غيظ البعض من مدرب منتخبنا الوطني قسطنطين لكونه لم يشرك اللاعبين الكبار واعتمد على عدد من الشباب. سخر البعض أقلامهم آنذاك للنيل من الإنجليزي وأقحموا في حملاتهم ضده أموراً ما كان من الممكن أن يتم اقحامها إلا في بلد مثل السودان. قالوا أنه كافر جاء من بلده لكي يمنع أولادنا الصلاة. وقالوا أنه مبشر. وقالوا وقالوا. كل ذلك لأنهم لم يجدوا ضمن التشكيلة لاعبيهم المفضلين من الهلال والمريخ. مفاهمينا جد متخلفة وعلينا أن نعترف بذلك لأنفسنا أولاً. بالأمس تابعتم جميعاً لقاء شيلسي والنادي الصاعد بقوة أتلتيكو مدريد. ولا شك أنكم شاهدتم القوة التي أدى بها النجم كوستا ورغبته في هز شباك شيلسي رغم التقارير التي تشير إلى رغبة النادي الإنجليزي في التعاقد معه. لو كان هذا في سوداننا الحبيب لقالوا أن كوستا خائن وجبان، ولطالبوا المدرب بعدم اشراكه في المباراة. ألم يقولوا عن كلاتشي من قبل أنه خان وباع الهلال لكونه قد اتفق مع رئيس المريخ على الانضمام للأحمر في أول فترة تسجيلات قادمة! عندما فشل رئيس الهلال صلاح إدريس وقتذاك في المحافظة على محترفيه الأجانب الذين جلبهم و( كرههم) في الهلال بسبب سياساته الخاطئة وفشل مجلسه في الإيفاء بالتزاماتهم تجاههم.. حين حدث ذلك وبدلاً من مواجهة الموقف بشجاعة اشتغلت الآلة الإعلامية لتهاجم كلاتشي وقودوين وغيرهم من اللاعبين. هذه دائماً مشكلتنا نتهرب من فكرة الاعتراف بالخطأ. ولا نميل نحو تصحيح الأخطاء. ويكون خيارنا الوحيد دائماً البحث عن شماعة نعلق عليها هذه الأخطاء. ولدينا دائماً أقلام جاهزة لتمرير أجندة إي إداري دون أدنى تفكير في العواقب. لا شك عندي أن حديث الدكتور قاقرين السالب حول النابي كان بمثابة قاصمة الظهر. فقد تعب النابي من كثرة الانتقاد والهجوم غير المبرر على شخصه. وبعد أن جاء الهجوم من رجل في قامة قاقرين بوصفه لاعباً سابقاً في الهلال وعضواً بلجنة التسير الحالية رغم تجميده لعضويته فيها، لا شك أن النابي قال في قرارة نفسه يستحيل أن أحقق شيئاً مع قوم بهذا الفهم. وتجدوني أعزائي القراء أكثر الناس استغراباً من موقف قاقرين. وقد كتبت بالأمس بشيء من التحفظ حول هذه الجزئية لكوني لم أفقد الأمل حينها في أن يتم اثناء النابي عن استقالته. لكن آه. وآهين من موقف قاقرين. ولا أدري كيف فات على قاقرين لو كان فعلاً يريد مصلحة الهلال أن التوقيت لم يكن مناسباً لاطلاق مثل هذه التصريحات. فأنت يا دكتور أحد أعضاء لجنة التسيير الحالية. وطالما أن لديك رأياً سالباً فيها كان يفترض أن تصرح بهذا الرأي منذ أول يوم قررت فيه تجميد نشاطك فيها. الموقف الصحيح والشجاع هو أن تتقدم باستقالة مسببة في اليوم الذي تقرر فيه الابتعاد عن أي هيئة أو مجلس تكون عضواً فيه. ثم يعقب ذلك عقد مؤتمر صحفي توضح في الحقائق وتضع فيه النقاط على الحروف. هذا هو العمل الاحترافي. وهذا هو سلوك من يريد الخير للمؤسسة التي ينتمي لها. ولو أنك وزميلك السادة تصرفتما على هذا النحو منذ ذلك التاريخ لشكرناكما على شجاعتكما وموقفكما الواضح والشجاع والمفيد. فوقتها كان من الممكن أن يلحق الأهلة فريقهم. كان من الممكن ألا يتم التعاقد مع النابي لو أنه فعلاً ليس في قامة الهلال. أو كان من الممكن تغييره في وقت أنسب. لكنكما التزمتما صمتاً طويلاً لتخرج علينا أنت في هذا الوقت الحساس وتقول كلاماً لا يمت للدبلوماسية التي تمتهنها بأي صلة. الغريب أنك في سابق الأيام لم تكن تتحدث بمثل هذه الصراحة. فقد تابعتك في مواقف كثيرة كنا ننتظر فيها رأياً صريحاً، لكننا للأسف لم نجده منك. على أيام ميشو كنت مجاملاً كبيراً. كلما تابعناك عبر شاشات قنواتنا الفضائية كنا نسمع منك معسول الكلام عن الهلال وإمكانيات لاعبيه وقدرتهم على تحقيق البطولة. وإبان الأزمة الكبيرة بين البرير وهيثم لم نسمع منك رأياً جريئاً أيضاً. فلماذا الآن تحديداً؟! سؤال كبير تحزنني جداً اجابته المفترضة. وهو افتراض توصلت لها من خلال متابعتي وقراءتي لما جري وما يجري، وليس بناءً على معلومات محددة كما قد يتبادر للذهن. وحتى أكون واضحاً ولا يفترض البعض - استناداً على ماكتبته - صفات في الدكتور قد لا تكون صحيحة أؤكد أنني لم ألتق قاقرين في حياتي سوى مرة واحدة. وقد كان لقاءً عابراً أثناء عزاء أحد أقارب زميلة سابقة لنا بوحدة الترجمة والتعريب. لكنني فهمت تماماً طريقتك وأسلوبك في التعامل يا دكتور من خلال تحليل وقراءة ما يجري مثلما هو الحال مع آخرين غيرك في الوسط الرياضي لم التقيهم حتى اللحظة لكنني فهمت تماماً كيف يتصرفون وماذا يفعلون وما هي دوافعهم لهذا الموقف أو ذاك. لكنني رغم كل ما فهمته لم أتوقع أن يأتي منك مثل هذا التصرف الذي يفيد أعداء الهلال أكثر مما يفيد النادي الذي أرتديت شعاره وسكبت العرق من أجله ونلت حباً مستحقاً من عشاقه ومناصريه. مشلكتنا في السودان يا دكتور هي أن رجل الشارع العادي والمتعلم والمثقف والمسئول والدكتور والخفير جميعهم يتصرفون بطريقة متشابههة في الكثير من الأمور والمواقف. كل منا يفترض أن ما يراه ويعتقد فيه لابد أن يكون الموقف الصحيح الذي يجب أن يسود. اختلفت أنت مع بقية أعضاء اللجنة فالتزمت دارك لتخرج علينا في مثل هذا الوقت الصعب بمثل هذه التصريحات التي لا تصلح لهذا الوقت. وهو موقف مرفوض منك جملة وتفصيلا. طالما أنك التزمت الصمت طوال الفترة الماضية كان يترتب عليك أن تواصل هذا الصمت إلى أن ينقضي الموسم أو على الأقل يتحدد مصير الهلال في دوري المجموعات لتصرح بعد ذلك بما ترغب فيه. وإن كنت تظن أنك بهذا التصريح المتأخر جداً ستفيد الهلال فمن واجبنا أن نقول لك أنك وقعت في خطأ فادح. شخصياً لا أميل نحو فرضية أن تكون التصريحات سوء تقدير منك. فرجل بمكانتك ومستواك التعليمي وكلاعب سابق وإداري لابد أنه يعلم تمام العلم أن عامل الوقت مهم جداً في اتخاذ القرارات أو اطلاق التصريحات. مسكين النابي فقد تحمل عبئاً ثقيلاً طوال الفترة الماضية. يبدو أنه ضغط على نفسه وقبل بإساءات أنصاف الصحفيين وجهلاء القوم وعديمي المعرفة بكرة القدم وظروفها. ووافق أن يعمل مع محترفين أجانب لا يملك سوى واحد منهم فقط الموهبة والقدرة والجاهزية للعب في نادِ بحجم الهلال. لكن بدلاً من أن ينال شكرنا وتقديرنا على صبره هذا، إذا به يجد سخط وتجريح متعلمينا. الآن قُبلت استقالة النابي يا قاقرين. وسمعنا بقية أعضاء اللجنة يتحدثون عن اسناد مهمة تحديد اللاعبين الجدد المطلوبين للقطاع الرياضي. يعني سيتكرر نفس الخطأ. عندما جاء النابي وجد محترفين أجانب ضمهم آخرون ولم يختارهم بنفسه. والآن يذهب النابي ليتم اختيار لاعبين آخرين بواسطة أشخاص ليس بينهم من سيدرب الفريق في الفترة المقبلة. والشيء الأكيد أن المدرب القادم أياً كان فسوف يكون له رأي في بعض اللاعبين الحاليين ومن سيتم ضمهم. أعلم أن المدرب القادم يفترض أن يأتي قبل تسجيل اللاعبين الجدد، لأنه لو تأخر حتى ذلك الوقت فلن يكون هناك داعياً لاستجلابه. لكن المؤكد أن عملية الاختيار ستسبق اختياره هو وإكمال تعاقده مع الهلال. عموماً الزمن لن يكون في مصلحة الهلال لترتيب جملة من الأمور. فهل تملك الجرأة والوقت والقدرة على التقاط القفاز يا قاقرين! هل نتوقع عودتك للعمل في اللجنة بعد أن تحقق مرادك! هل ننتظر منك لعب دور أساسي في اختيار المحترفين الجدد! وهل ستتولى مهمة تدريب الفريق لحين الانتهاء من تكملة إجراءات التعاقد مع البديل الذي يرضيكم! أتمنى ذلك حتى لا تبدو في نظري مخرباً أكثر منك مصلحاً. نقطة أخيرة: وصلتني بالأمس رسالة من الأخ الكريم أبو أحمد الذي يعمل كمستشار بمدينة الرياض السعودية تتضمن اقتراحاً لدعم الهلال، وسأنشر مقترحه كاملاً، لكون صاحبه حريص على مصلحة الهلال ويرى أن الفرصة مواتية لتحقيق انجاز خارجي.. يقول المقترح: " اقتراحي الذي أتمنى أن تتبناه هو : عمل نفرة للملايين من محبي الهلال ومشجعيه لدعم الفريق بما يحتاجه من الدعم المالي اللازم لتدعيم صفوفه بأفضل الاضافات ودعم المدرب واثنائه عن الاستقالة التي جاءت في توقيت مؤسف ولعله مقصود. دعنا نضع سقفاً ماليا تسعى هذه النفرة لتحقيقه وفي زمن معلوم يبدأ اليوم وينتهي في تاريخ محدد وليكن اسم النفرة هو: معا من أجل الحلم – معا يمكننا تحقيقه. صدقني ستجد هذه هذه الدعوة استجابة من اصحاب الوجعة من اسياد البلد المنتشرين في شتى أرجاء المعمورة وليس على من هم بالداخل فقط ، ولا تنسى أن غالبية الشعب السوداني هلالية . دعنا نضع الهدف من هذه النفرة هو تحقيق ما لا يقل عن 2-5 مليون دولار. وستعقبها نفرة أخرى بتوقيت زمني وهدف مالي معلومان أيضا. أبو محمد مستشار قانوني الرياض" وختاماً أتمنى أن يجد مقترح الأخ أبو محمد القبول لدى الأهلة وأن يتحمسوا لتحويله لواقع ملموس. [email protected]
