طالعت كغيري مقالاً قميئاً لكاتب سعودي اسمه العرفج. بمجرد انتهائي من مطالعة المقال أخذت أبحث في المعاجم عن معنى ( العرفج ) فوجدت أن المفردة تعني نوعاً من الشجر أو النبات الصيفي اللين سهل الانقياد. قلت لنفسي يبدو أن الرجل لم يأخذ من اسمه سوى سهولة الانقياد. فمن الواضح أنه شخص سهل الانقياد لذلك استهوته سخافات البعض وأراد لنفسه أن يكون موصلاً جيداً لأفكار وآراء الآخرين الهدامة. فات على العرفج أن المجلة السعودية التي يكتب لها تحمل اسم ( الوئام )! أو ربما أنه لا يفهم معنى الوئام! حاول العرفج إيهام القراء بحياديته وهو يكتب مقاله الليئم بعنوان " الكتابة الحيادية في الشخصية السودانية". المقال بدأ بوصفنا كسودانيين ب ( الكائنات). تخيلوا كاتباً عربياً ينتمي لدولة نقدر أهلها ومثقفيها ومبدعيها لا يجد سوى مفردة ( الكائنات) ليدمغنا بها! قال العرفج المنقاد " الزول أو الشخصية السودانية من الكائنات التي تنشر الحيرة في عقول المفكّرين، فهي كائنات توصف أحيانًا بالكسل والخمول، وهذا أقصى اليمين.. وأحيانًا تُوصف بالنّشاط والحيويّة النّادرة وهذا أقصى اليسار". أولاً يا عرفج نحن بشر مثل كافة شعوب الأرض ولسنا مجرد كائنات. وثانياً نحن لا ننشر الحيرة في عقل أي مفكر حقيقي! وإن كنت تعتبر نفسك واحداً من هؤلاء المفكرين فهذه مشكلة. ألم تقرأ ما يخطه يراع أخوك في الوطن خالد الكيال عن أهلنا في السودان! ألم تقرأ ما كتبه عمر المضواحي عن السودانيين! ألم تفتح عينيك على سطور مطلق العنزي الدافئة عن شعب السودان! جميع من ذكرتهم وآخرون من أخوتنا السعوديين قدموا الكثير من الدروس حول كيفية تحقيق الوئام الحقيقي بين الشعوب! ألم تطلع على ما قالته الكاتبة الكويتية غنيمة الفهد في حقنا يا عرفج! أم أنك تسمع فقط لمن يجرونك - كونك سهل الانقياد- إلى مستنقع نشر الكراهية بين الشعوب! علماً بأن مهمة الكاتب والمبدع يفترض أن تكون التقريب بين الشعوب لا وضع المتاريس بينها. عذراً فهذه مهمة الكاتب أو المبدع وقد فات علي أنك لا يمكن أن تبلغ مكانة الكيال والمضواحي والعنزي وغنيمة الفهد وغيرهم من أهل الفكرة وأصحاب الموهبة. من حقك أن تحمل أي رأي حولنا كسودانيين، فهذا لن ينقصنا شيئاً. لكن طالما أنك تُحبر مساحة بيضاء في إصدارة يشتريها الناس بحر مالهم، فالواجب المهني والأخلاقي يحتم عليك أن تتأكد من معلوماتك قبل أن تندلق على الورق أو الكي بورد. فليس هناك مدينة سودانية ينسبها أهلها للكسل. منتهي التسطيح والخطل أن يفترض كاتب أن اسم مدينة كسلا السودانية جاء من الكسل. فحتى لو كان أهل المدينة التي عنيت أكسل شعوب الأرض قاطبة ، فلا يمكن أن يسموا مدينتهم على صفة سلبية يا هذا. تناولت في مقالك فكرة الجلباب الذي يحمل جيوباً في الأمام والخلف بجهل غريب وبذات التسطيح الذي تحدثت به عن اسم مدينة كسلا. فجلباب أهلنا الأنصار يا عرفج قد أخيط على هذا النمط، لكي يسهل لباسه سريعاً ومن أي جانب نعم. لكن لماذا؟! الإجابة جاءت ضمنياً في السطر الذي سبق السؤال، حيث قلت " لكي يسهل لباسه سريعاً" وليتك تفهم أن "سريعاً" هذه تناقض فكرة الكسل تماماً. لو قرأت التاريخ ستكتشف أن أهلنا خاضوا حروباً عديدة ضد المستعمر. وقد كان الأنصار يخيطون جلبابهم بجيوب أمامية وأخرى خلفية حتى يخطفه الواحد منهم سريعاً ويلبسه إذا ما دُقت طبول المعركة. وكما تعلم فإن الرجل الشجاع الشهم لا يضيع وقته في ترتيب هندامه أو النظر في المرآة عندما يعلم أن هناك أمراً أهم ينتظره خارج منزله. عموماً يا عرفج الحكاوي والأقاويل التي تسمعها لا تكفي كمصدر معلوماتي لكتابة مقال تحاول من خلاله تقييم شعب بأكمله. وهو مقال بلا فكرة أصلاً. فمن الجائز أن توظف حادثة معينة للكتابة عن شعب ما. لكن ما لا يمكن فهمه أو هضمه هو أن تسل قلمك لتقييم شعب دون أي مببر للخوض في مثل هذا التقييم البائس وقبل أن تمتلك المعلومات والبيانات الكافية. فأرجو يا عرفج أن تعرفج في المرات القادمة بعيداً عنا. [email protected]