تعلمنا في السياسة ان التاكتيكات السياسية تقوم علي متعدد من الاليات والادوات لدفع الخصم الي مربعك باحداث ربكة حوله او اشاعة جو من التشكيك المستمر فيه ولعل ذلك يصل مداه البعيد في الاغتيال المعنوي وصناعة نمط اعلامي بسيط يقوم بشيطنة الاخر .هذا السيناريو حصل مع العراق عبر الية تمثل في حد ذاتها مدخل للارهاب والاستبداد من قبل الالة الاعلامية الامريكية ابان حرب الحلفاء واحتلال العراق فصورت قوات الاحتلال كانها قوات لزرع زهور السلام وتخليص العالم من اخطر الاسلحة فتكاً وتواصلت الحملة الاعلامية بجانب تلميع العملية العسكرية تجاه العراق كونها حملة لانتشال الشعوب من حكامها الشمولين بصوت اخر يمثل نبرة تصدير الخوف لمن لم يقنعه سيناريو (تدخل ضد الارهاب ) فكانت عبارة ((من ليس معنا فهو ضدنا )) .. الامام الصادق المهدي شخصية وطنية محترمة ويمثل جماع الناخب السوداني كونه الاكثر اختياراً عبر الانتخابات الديمقراطية ومنذ انقلاب 89 ضد الحكم الديمقراطي والذي كان يمثلة الرجل ظل يتعرض لحملات مغرضة من قوي اخري لم تكن يسارية فقط ولكن كان لنصيب الشعبي فيما بعد نصيب دور ايضاً ..سيطرة الاخوان علي السودان لم تكن سيطرة شكلية وانما حالة من الشمولية التي تحتكر الوطن تماماً الي الدرجة التي ربطت مصيرها فيه بمصير الوطن بحاله فانقسمت البلاد وماجت اطرافها بعواصف المقاومة المسلحة ولاول مرة في تاريخ السودان يحدث انقسام حاد في البنية السياسية مابين حراك مسلح محمي بقوة ومابين مليشيات مسلحة تتبع للمؤتمر الوطني في التسليح والادارة من خارج الجيش وادراته كالدفاع الشعبي وقوات التدخل السريع ..وللاستاذ وراق مقولة في ذلك صور فيها الوطني بديك العدة الذي اذا انتهرته كسر الاواني القزازية واذا تركته تغوط علي العدة ووسخها ..وعلي مستوي التاريخ البعيد تبنت قوي المعارضة تاكتيكات مختلفة للتغيير منها المقاومة المسلحة عبر التجمع وانتهت لظروف كثيرة نتركها في وقت اخر ولكن جميع الاحزاب اقتنعت بعدم جدوي العمل المسلح واختارت العمل المدني ..في المقاومة المدنية يري اليسار والقوميون العرب خيار التغيير العنيف كخيار وحيد لانتزاع السلطة ويري اخرون علي راسهم الامام ان الدولة السودانية لاتحتمل تغيير عنيف يمكن ان يعرضها الي سيناريو ابشع من جميع الشواهد الاقليمية في سوريا وليبيا الان وذلك للمظالم التاريخية والغبن المصبوب علي الوطن وللدور الاقليمي المطرب لذا اختار الامام جانب التغيير السلمي الحواري .ولكن يحفظ التاريخ ان الرجل ظل علي الدوام ينادي بضرورة تفكيك دولة الحزب وضرب المثل في ذلك بعدم مشاركته في الحكم برغم كل الاغراءت والعروض وظل متمسك بالدولة المدنية عبر اليات واضحة طرحها كثيراً .ولكن للاسف اصحاب الخيار الاخر (( التغيير الثوري )) ظلوا يشككون في نوايا الامام عبر حملات منظمة ساهمت فيها الادوات الحديثة (الوسائط الالكترونية )) بغرض اجبار الامام الي تبني خياراتهم ..ولا يفوت علي المتابع الفطن محاولة هذه القوي بصناعة انقسام داخل الامة بسحبها لدكتور ابراهيم الامين الذي ظل يعبر عن وجهة نظره هو وليس نظرة الحزب والتي بالضرورة تختلف ورؤية التغيير الثوري العنيف وهذا ايضاً جانب اخر يمكن التفصيل فيه احزنني التشكيك الذي يتعرض اليه الامام من بعض الشباب الثائر المتحمس لانتزاع دولة الاستبداد متاثراً بهذه الحرب الاعلامية (النفسية ) . الطبيعي ان تكون هنالك خلافات سياسية ولكن ليس الي الدرجة التي تشكك فيها حتي في اعتقال الصادق كونه مسرحية طبخها ولماذا ما الفائدة التي تجعل الحكومة تشارك في تمثيلية تؤلب عليها الداخل وتوحد المعارضة من جديد . نختلف مع الامام وانا اختلف مع الكثير من سياساته ولكن ليس الي الدرجة التي لا احترم فيها تاريخه السياسي والمدني كونه شخصية مهمة في الخارطة السودانية [email protected]