حكايا لعل الكل يعلم ان الكذب بغرض اظهار عكس المبطون داخل الانفس لهو من ايات النفاق وعلاماته , والنفس البشرية السوية تمقت الكذب وتشمئز من صاحبه ولا تثق في الأقاويل والأفاعيل التي تبدر منه بصرف النظر عن النية المسبقة حسنة كانت أو غير ذلك .. وصاحبنا القديم عبد العاطي مادخل التاريخ , اٍلا لأنه أراد ان يعكس صورة طيبة - حسب ما أوحى له الهامه - للسودان ومواطنه , فترنم بحالة الشعب الفقير وجعل دخل كل مواطن عبر حديثه يقترب من دخل رصيفه في استراليا .. وليس ربيعا وحده هو من وقع في براثن الكذب والنفاق لغرض او لعبرة او لربما لمرض يتغلغل في خلايا افكاره التي كانت وما زالت تعاني امتداد الأسقام طولا وعرضا شرقها والمغرب . فولاة أمورنا جلهم , أدمنوا نلكم العادة فأصبح كل مسئول او والي يصاب بذات المرض كلما رأى نفرا من العامة أو غازلت عينيه احدى كاميرات التصوير , او قدم له مكبر الصوت ليسرح في خياله ويمتطي جواد أوهامه متجاهلا أن الشعب أكثر وعيا وادراكا مما يظن ويعتقد . والي العاصمة .. العاصمة التي تعاني الأمرين , ولا يوجد بها اقل مقومات العيش الصحي الملائم لبني الانسان والتي طالما تزيلت تقارير المنظمات المهتمة بشئون العيش السهل بمقتضياته الضرورية من بيئة وصحة ونظافة وما دون ذلك .. في عهده الميمون .. أبت نفسه الا أن يكابر وينزلق في نفس السياق الهابط , يحاول ان يعكس ان شعب ولايته لا يعاني من أي بطالة والعمل موجود ومتوفر في العاصمة الحضارية والتي يشرف هو على كل صغيرة وكبيرة فيها .. فجاء تصريحه رغم العنجهية أجوفا وشاذا مع قصره طالبا من كل من لم يجد عملا أن يتوجه لمكتب سيادته وهو سيجري اللازم لتشغيله او أيجاد عمل ملائم له . الوالي الحادب على مصلحة الشباب يعلم علم اليقين ان الخريجين لوحدهم في العاصمة والذين يبحثون عن عمل هنا او هناك ولو كان بعيدا عن مجال دراستهم يفوق عددهم الملايين الثلاثة .. وأن ساحات المدينة كلها غير قادرة على استيعاب العدد الذي يبحث عن عمل من الخريجين وغيرهم من الفئات الأخرى ... وذات الوالي يعي ويدرك أنه عاجز عن تشغيل عشر هذا العدد في عاصمته الحضارية تلك , ذلك أن سياسة التوظيف في هذا البلد لا علاقة لها بشهادات التحصيل العلمي ولا الخبرات ولا الأمكانيات الشخصية وما الى ذلك .. واٍلا فلننظر لكبار الدولة ووظائفهم لنعلم ان التمكين لا يعني الرجل المناسب في المكان المناسب بقدر ما هو تناغم وانسجام مستحيل بين الرجل والمكان غير المناسبين .. فوزير الصحة مثلا لاضير أن يكون خريج زراعة , شرط أن يرتفع هتافه ب هي لله ووزير الصناعة من الممكن ان تكون دراسته غير ذلك ان هو ترنم ب لا لدنيا قد عملنا .. الشاهد أن شبابنا لن يجدوا مبتغاهم في العمل مع هؤلاء القوم , حتى ولو صرحوا كل ساعة بأن الفرص موجودة , والرواتب مغرية والوظائف متوفرة , ولا شك أن الشعب بوعيه وادراكه وتجربته الطويلة لربع قرن من الزمان قد أيقن أن الثقة قد تلاشت واندثرت وحل محلها ما نراه الآن .. والله المستعان صدقي البخيت [email protected]