يبدو أن العداء لموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) وبرنامج الدردشة الشهير (واتساب ) لم يقتصر على الحكومة وحدها ،التي حاولت مرة حجب الواتساب ،ونفت التصريحات لاحقاً على لسان وزير الاعلام بحكومة الخرطوم ،هاهو رئيس اتحاد الصحفيين دكتور محي الدين تيتاوي ينضم لذمرة الغاضبين على هذه الوسائط ،وان كانت الحكومة لها مبرراتها في الانزعاج من برامج التواصل الاجتماعي كونها تشكل منفذاً وتفتح نفاجاً واسعاً لمخالفيها الرأي ليعيدوا صياغة الوجدان السوداني بعيداً عن مطابخ الحكومة،وتلك قصة أخرى . المهم ان للدكتور تيتاوي مبررات مغايرة ،هو يُحًمل الصحفيين وبالتالي الفيس بوك والواتساب مسؤولية عدم موضوعية الأخبار المنقولة ،لجهة أن الصحفيين في جلسات البرلمان ينشغلون بهذه الوسائط عن تغطية الجلسات مما يؤثر في موضوعية الخبر. تصريحات تيتاوي تجاوزت السطور الورقية وأنتقلت الى الأسافير لتصنع معارك حقيقية في العالم الافتراضي بين مؤيد ومعارض ومندهش لهذه التصريحات ،ومع تأكيد الجميع وانسياقاً وراء جاذبية مواقع التواصل الاجتماعي وأسرها لكل فئات المجتمع بلا استثناء ،عطفاً على كل ذلك وبالعودة من جدل العالم الافتراضي الى موضوعية الواقع ،فإن رئيس تحرير صحيفة الوطن بكري المدني يقر بالأمر صراحةً ويصفه بالظاهرة المرضية التي تفشت وتسربت الى كل مؤسسات الدولة ،يقول بكري (الانشغال بالفيس بوك والواتساب لم يعد محصوراً على الصحفيين وحدهم وانما كل السياسيين على المستويين التشريعي والتنفيذي متورطون في الانشغال بالواتساب والفيس بوك حتى في أكثر الاجتماعات أهميةً). رئيس تحرير صحيفة الوطن يوافق دكتور تيتاوي في أن برامج التواصل ألهت الصحفيين عن أداء مهامهم ،ويضيف المدني بما يشئ بالخطورة ،في أن الجميع صاروا يعيشون في عالم افتراضي على حساب الاحساس بالعالم الحقيقي ،المدني يقول انه اضطر للمشاركة في عدد من القروبات ليكون قريباً ورقيباً على المحررين ،مشدداً على أن الواتساب والفيس بوك صارا يؤثران على عمل الصحفيين. واقترح بكري المدني مصادرة هواتف الصحفيين والدستوريين في جلسات البرلمان حتى يتفرغ الجميع لمهامه. قريباً منه يمضي رئيس تحرير صحيفة الانتباهة ،الصادق الرزيقي ،بالقول أن الصحفيين جزءً لايتجزأ من مجتمع بات يُدمن مواقع التواصل الاجتماعي ،لكن الرزيقي يُخالف رئيس اتحاد الصحفيين بتشكيكه في موضوعية الأخبار ،وقال ل(المستقلة ) أمس ،أنه من موقعه كرئيس تحرير لم يلاحظ تأثيراً يُذكر على موضوعية الاخبار بسبب ما أسماه تيتاوي بانشغال الصحفيين ،وأضاف ( ليس هناك تقاعس من الصحفيين ومايقوله تيتاوي أمر محدود ولا يؤثر على موضوعية الخبر). بعيداً عن ذلك ينفي رئيس تحرير صحيفة السوداني ضياء الدين بلال بصورة قاطعة أن يكون ماقاله تيتاوي بشأن انشغال الصحفيين بالواتساب مؤثراً في صناعة الخبر وموضوعيته ،وقال بلال ل( المستقلة ) أمس (على تيتاوي أن يقدم نموذجاً عن خبر غير دقيق أو غير موضوعي وعن اسم الصحيفة التي نشرتهُ ،عليه أن يقدم تفاصيل اذا كان هو يرى أن ماقاله له تأثير في موضوعية الخبر ). ودافع ضياء الدين عن الصحفيين في تعاملهم مع الواتساب ،وقال أن هذه الوسائط غالباً ماتوفر معلومات للصحفيين ،وعدها واحدة من المصادر التي يمكن أن تمنح الصحفي رؤوس أخبار لتسهل عليه متابعة الخبر وتأكيده والتحري من صحته. قريباً من هذا يؤكد الكاتب الصحفي ورئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني أهمية الواتساب بالنسبة للصحفي ،وقال ميرغني في افادة ل(المستقلة ) أمس ان الواتساب أصبح مهماً في حياة الصحفي المهنية وعدًهُ بمثابة وكالة أنباء وواحداً من أدوات العمل الصحفي ،رافضاً تصريحات دكتور تيتاوي التي وصفها بالجناية في حق الصحفيين البرلمانيين ،وامتدح عثمان ميرغني الصحفيين الذين يقومون بتغطية البرلمان ،واصفاً اياهم بذوي الخبرة ،مؤكداً على أن تغطيتهم واحدة من التغطيات المميزة ،مستدلاً باستحواذهم على معظم المانشيتات الرئيسية في الأيام الماضية . [email protected]