بسم الله الرحمن الرحيم ينعم الكثيرون مِنَّا بأغلب ما يريدونه في هذه الحياة.. بينما تنقصنا أشياء قليلة جداً.. ولكن أكثرنا مستعدون أن يخسروا كل النعم التي يتمتعون بها مقابل أن يحصلوا على الأشياء القليلة التي تنقصهم.. مثلاً: تجد شخصاً لديه زوجة فيها 90% من الصفات التي يحبها.. كأن تكون زوجته امرأة جميلة.. وطباخة ممتازة.. وأمَّاً مثالية لأبنائه.. ولكن مشكلتها الوحيدة أنها ثرثارة.. وينسى الزوج كل تلك الصفات الجميلة ولا يرى في زوجته سوى أنها امرأة ثرثارة.. وفي النهاية يطلقها لذلك السبب.. وبعد ذلك يبحث عن زوجة أخرى أهم صفاتها أنها تستطيع أن تمسك لسانها عليها.. ويتحقق له ما يريد.. وبعد الزواج يكتشف أن زوجته الجديدة لا تجيد الطهي.. ولا تهتم بنفسها وبيتها.. ولا تحترم والدته.. وأنها تكثر من الخروج إلى الأسواق والجيران.. وليس فيها صفة جيدة غير عدم ثرثرتها.. وهنا يَتَحَسَّرُ الزوج على زوجته القديمة.. ويُدْرِكُ أنه خسر 90% مقابل أن يحصل على 10%! وتجد شخصاً آخر يمتلك محلاً تجارياً كبيراً ويستعين ببائع مجتهد في إدارة ذلك المحل.. ويتصف ذلك البائع بكل صفات النجاح.. كأن يكون أميناً مجتهداً مُحِبَّاً للعمل وخدمة الزبائن.. ثم يطلب ذلك البائع المجتهد من صاحب المحل أن يزيد راتبه 10% .. إلا أن صاحب المحل يستكثر تلك الزيادة على بائعه المجتهد.. ونتيجة لذلك يترك البائع عمله.. ويأتي صاحب المحل ببائع آخر يقبل أن يعمل بنفس الراتب القديم.. وبعد أشهر يكتشف صاحبنا أن البائع الجديد يتلاعب بالحسابات.. ويتشاجر مع الزبائن.. وأنه يأتي إلى عمله متأخراً.. وأن المحل في عهده تَكَبَّدَ خسائر فادحة وتدهور تدهوراً مُرِيْعَاً.. وحينذاك يُدْرِكُ صاحب المحل أنه خسر 90% مقابل أن يحصل على 10%! فهذه هي الطريقة التي يخسر بها الكثيرون زوجاتهم.. وشركاءهم في العمل.. وأصدقاءهم المقربين.. وهي الطريقة التي يخسر بها الكثيرون نجاحاتهم وإنجازاتهم التي حققوها.. فهنالك من يشغل نفسه بعيوبه الصغيرة ويهمل كل نجاحاته التي حققها.. كأن يتخلى الشخص عن عمله الذي اجتهد كثيراً في تطويره.. ويلهث وراء تحصيل الشهادات الأكاديمية.. وفي النهاية يكتشف أنه خسر 90% مقابل أن يحصل على 10%! فنحن -أحياناً- نعطي الأشياء التي تنقصنا أكثر من قيمتها ونظن أننا لو حصلنا على تلك الأشياء ستنتهي جميع مشكلاتنا وسنصير سعداء.. فالشخص الذي لم يكمل تعليمه الجامعي يظن أن جميع الجامعيين سعداء وأنه وحده الشقي.. والشخص الذي لم يحصل على وظيفة يظن أن الموظفين هم السعداء.. والذي لم يسافر خارج البلاد يظن أن المغتربين هم السعداء.. والقصير يظن أن فارعي الطول هم السعداء! وهكذا ينشغل الكثيرون بالأمور الصغيرة التي تنقصهم وينسون كل النعم الكبيرة التي يعيشون فيها.. وفي النهاية تتحول حياتهم إلى جحيم.. يقول ديل كارنيجي في كتابه (دع القلق وابدأ الحياة): "إنَّ 90% من أمورنا يسير في طريقه المستقيم.. و10% فقط تشذ عن الطريق.. فإذا أردت أن تكون سعيداً ركز اهتمامك في هذه التسعين في المائة من أمورك وتجاهل العشرة في المائة الباقية.. أما إذا أردت أن تحيل حياتك إلى جحيم فالأمر هين.. ما عليك إلا أن تركز في أمورك الضئيلة التي تنكبت عن الطريق السوي!". إذن هي دعوة إلى أن نطور نقاط قوتنا بدلاً من أن نتحسر على نقاط ضعفنا.. وأن نقدر مزايا الآخرين بدلاً من نحصي عيوبهم.. وأن نركز في التسعين في المائة من أمورنا التي تسير في الطريق الصحيح بدلاً من ننشغل بالعشرة في المائة التي تنكبت عن الطريق ونصير من الذين يخسرون 90% مقابل أن يحصلوا على 10%! فيصل محمد فضل المولى [email protected]