الانسان المكتئب هو الانسان الذي يجد نفسه في عزلة عما يدور في مداره الاجتماعي, مما يجعله غير قادر على ضبط النفس والتركيز الذهني, فهو انسان يعيش على هامش الحياة ولا يستطيع المشاركة في بناء مجتمع متماسك ومعافى... والعوامل والأسباب التي تؤدي الى الاكتئاب كثيرة ومتوفرة في حياتنا اليومية و مجتمعاتنا وعالمنا السوداني بدرجة مخيفة... أذكر منها على سبيل المتال: 1 * الناحية الاقتصادية: وما تتضمنه من عدم وجود وظائف , وعدم تكافؤ الفرص , والمحسوبية واستشراء الغلاء ... 2 * الناحية الأمنية : استمرار الحروب , وما يتبعها من اغتصابات وتفشي الجريمة والانحلال والسرقة والنهب وتجارة الأعضاء, وعدم بسط الحريات والاعتقالات المتكررة وما يصاحبها من انتهاكات داخل السجون وبيوت الأشباح ... 3 * الناحية الصحية : الحالة المذرية التي وصلت اليها المستشفيات , مع عدم وجود الكادر الصحي المؤهل , وتكرار الأخطاء الطبية , وانعدام المعدات والأجهزة الطبية والأدوية المنقذة للحياة , وعدم التأمين الصحي وارتفاع قيمة الدواء والكشف مما لا يتناسب مع دخل الفرد, وفوق كل ذلك فقدان الثقة في الطبيب المعالج والكادر الصحي بصفة عامة ... 4 * السكن : انعدام السكن المريح, وعدم توفير الخدمات الضرورية, من ماء وكهرباء ونظافة البيئة وما يتبعها من الصرف الصحي ومكافحة الحشرات ورش البرك والبلاعات والمستنقعات , وازالة ونظافة أماكن القمامة في الأحياء السكنية والأسواق ... 5 * الناحية التعليمية : أما التعليم فحدث ولا حرج, ففي الوقت الذي ارتقى فيه التعليم في جميع بلدان العالم نتيجة النهضة التكنولوجية الحديثة, نجد التعليم عندنا وصل الى أدنى درجات السلم التعليمي لأن القائمين عليه ينقصهم التأهيل والخبرة, اضافة الى أن العملية التعليمية أصبحت تجارة رائجة لا يدخل سوقها الا أبناء المحسوبين على النظام, مما أدى لانصراف العامة للانخراط في الأعمال الهامشية أو التلكؤ في الشوارع اضافة الى صفوف العطالي ... مما تقدم: نجد أسلوب الحياة في بلادنا قد تغير, ومن الناس من استطاع التعايش مع حالة الضيق والضنك والعوذ, وأدمن هذا النمط من الحياة البائسة, وأصبح يعيش في عزلة وفلك آخر لا يسمع ولا يرى بعيدا عما يجري في الساحة السودانية وكأن شيئا لم يكن رغم كراهيته لما يدور حوله... هذا السلوك السلبي انما هو نذير خطر على هذه الشريحة من المواطنين , ونأمل أن ينصلح حالهم اذا ما فكر الذين هم في سدة الحكم الى ما وصل اليه حال الشعب السوداني , وقاموا بخطوة جريئة وشجاعة مستقيلين عن مناصبهم رحمة ورأفة ورفقا بالشعب المغلوب على أمره , وتوبة نصوحة الى الله تعالى في هذه العشرة الأواخر ليكونوا من عتقاء هذا الشهر العظيم ونستغفر الله ونتوب اليه ... [email protected]