باكرا منذ سنوات الانقاذ الاولي كتبت منوها بضرورة ان يكون الامن امن وطن وليس امن سلطة او كرسي حتي نرسخ الفهم الشامل الاستغراقي للمعني والمبني وان يكون تاريخا وثقافه تتوارثه الاجيال بسعة الوطن وعدد سكانه تطويعا لخدمة الوطن في كل مناحي الحياة وان يساهم الجميع كل في مجاله في البناء المعرفي التكاملي لتحصين الوطن في عالم اتسع وتطور واصبحت لعبة المصالح هي محور الحياة بين الدول وضربنا امثله بانتكاسات مايو الامنية والسبب بسيط وجوهري هو ان الامن اصبح يحرس الكرسي مما جعل الصبغة الاخري للانتماء له بوظيفة او كادر وطني وصمة عار يهرب منها الناس هروب الابل من الجمل الاجرب الا ان حديثنا راح ادراج الرياح كما جرت العادة في وطن (اضان الحامل طرشاء) وغني ان القول انه كانت لنا معالم لبناء دوله تركها لنا المستعمر من حيث استفادته واستعمارنا الا اننا لم نحافظ علي تلك الابقار المقدسة اولها الخدمة المدنية وقومية القوات النظامية الي بقية المشاريع القومية وفي رايي ان الانهيار في الدولة بدا مع مايو 1969 وما يؤكد ذلك شهادة الراحل المقيم عبد الكريم ميرغني (كان وزيرا في اكتوبر وسفيرا ووزيرا في مايو ) يقول للسيدللصادق اخر ايام نميري ( يا سيد صادق نظام نميري عاجلا او اجلا سينهار واسالك بالله اذا الت اليكم السلطة ان تقدم كل النخب الي المحاكمة وانا اولهم واستحق ان اشنق في اعمدة الكهرباء حتي نكفر عن ذنوبنا تجاه هذا الوطن ) ويرد الصادق غريبه فيرد عبد الكريم (ليس غريبا نحن سبب تعاسة هذا الشعب الطيب الكريم نحن من نصور للعسكريين سهولة وتبسيط فهم الدولة وقد قلنا لنميري كلاما تصور معه ان التقدم سيحدث في اسبوع كان نقول اعطي وزارة المالية لفلان وبعد اسبوع سيكون الاقتصاد ممتاز وهكذا في كل الوزارات ولا تنظر الي هذه المظاهر والبدل والقمصان كان عندما تنقطع الكهرباء نجري كلنا الي الرئيس نفتح النوافذ بل البعض يبدا يهبب حتي لا يعرق الرئيس ) وتدليلا علي ما اقول ساضرب مثلين احدهما قبل مايو والاخر خلال مايو :- اولا الديمقراطية الثانية *كان الرائد بابكر النور هو قنصلنا في اوغندا في الديمقراطية الثانية بكفاءته استطاع ان يجند كادر داخل مجلس الوزراء الاوغندي وكان تقريره ياتي بعد انتهاء انعقاد المجلس مباشرة لجوبا وكان يدرس فورا في جوبا ويترجم مع توصيات الجهات المسئولة في الجنوب ويرسل للجهات ذات الصلة بالخرطوم كل ذلك لا يستغرق ساعات دون النظر الي اوقات عمل ام لا كما قال احد اللواءات ( لا توجد تقارير تدفن داخل الاضابير بل العمل عليها علي مدار الساعة ) وهو نفسه بابكر النور الذي قام بتامين زيارة رئيس الوزراء الصادق للجنوب دون ان يظهر امام السلطة وقد لا حظ رئيس الوزراء ان الزيارة تمت في قمة التمرد وقد خلت من اي مظاهر عسكريه امنية ولم تشوبها شائبه وقد فوجئ الرئيس بشخص يدخل عليه يودعه بمناسبة انتهاء الزيارة وانه جاء لتامين الزيارة وهو راجع لمقر عمله بيوغندا متمنيا للرئيس سفرا سعيدا وكان ذلك في المطار مما جعل الرئيس يشيد بهذه الاحترافية العالية والمهنية الصادقة في العمل وهذا ما حمل الاممالمتحدة في تقريرها عام1968 ان تشيد بالخدمة المدنية السودانية وكفاءتها في تقرير مشهود ومعلوم ولهذا عندما غادر الاستعمار الخليج سالهم حكام الخليج النصيحة فقالوا لهم ( عليكم بالسودان به خدمة مدنية ممتازة اذا اردتم التقدم والنماء ) وهذه شهادة موثقة في دائرة المعارف البريطانية !!! ثانيا 25/5/1969 *لا شك ان حوادث مايو كانت كثيرة وسنختار منها ما عرف بغزو المرتزقه وقد كانت المعلومات متوفره في الشارع اكثر مما في الاجهزه المختصةاو قل عدم الحرص والمتابعه ففي يوم الخميس كنت في استقبال سونا انتظر ابن عمي اسماعيل مر علي صدفه صديق صحفي وسالته الاخبار فاشار الي انقلاب غدا الجمعه يقوده الانصار بطريقه فهمتها دون كل الاخرين وفي المساء ذهبنا لسوق الخرطوم ومن ضمن المشتريات اشتريت حزمة مساويك فسالني عمي وهو عسكري بالمعاش لماذا هذه المساويك قلت له (غدا انقلاب قد لا يمهلنا لعمل اي شئ فضحك ونحن في السيارة ) قال (حقيقة قبل اسبوع علي عشاء مع الفريق الفاتح بشارة وقال لديهم معلومات عن غزو ليبي محتمل ولكن نسبة لظروف لوجستية معلومة نستبعد هذا الامر وحفظ التقرير ) علي العشاء جاء ابن عمي وهو اخرس سالته اشارة رد (فيما معناه الانصار غدا قادمين ونميري سيموت في المطار ) طبعا نميري انقذه العميد محمد يحي منور الذي قتل لاحقا برصاص قناص في شارع النيل وبقية القصة معلومة للعامة الا اجهزة الدولة !!! نستشف من الحادثتين تسيب الخدمة وبداية الانهيار التدريجي بفعل الضربات المتلاحقه من الشمولية لحراسة النظام او الكرسي خاصة اذا كان رئيس النظام نفسه لا يلتزم المؤسسية كما حدث لتقارير جهاز امن نميري عن اسرار ثروة عدنان خاشوقجي وخطورة دخوله للسودان ولكثرة التقارير تضايق الرئيس وارسل رسولا لرئيس الجهاز علي نميري(سفير ليس صله بالرئيس) قائلا (لااريد تقارير منكم عن الرجل )فرد علي نميري للرسول (قل للرئيس علينا ارسال التقارير ولن نتوقف وليس علينا اتخاذ القرار ) عيب مثل هذه الاشياء يحبط الافراد علي العمل ويكرس التسيب من ناحية ومن ناحية يؤطر للمزاجية وشخصنة الامور وارضاء الرئيس او النظام ويكرس المصالح الذاتية واستعلائها علي قيمة المصلحة الوطنية الا ان الانقاذ اتت بما لم يات به الاوائل فكرست للفوضي التي نعيشها الان وانحلال قيم الدولة وتسيب القيمة الوطنية وتكريس المصلحة والجهوية والقبلية وهو كله نتيجة طبيعية لاخطاء وخلل في الفكر والممارسة وكنت نوهت لذلك في رساله واضحة للرئيس البشير غداة انقلاب (الخلاص ) ابريل 1990واعدام 28ضابطا ليلة العيد مطالبا باجراء تحقيق مؤسسي وارساء قواعد العمل المؤسساتي بايتداء لماذا وقع الانقلاب وماذا يعني ذلك وما معني الخلاص من الانقاذ وهي رساله مطوله نامل من خلالها بناء دولة المؤسسات وقد اشاد بها سفيرنا في الدوحة يومذاك الاستاذ احمد يوسف مصطفي التني صححه الله وعافاه وهوواحد من مئات من ضحايا نهارات السكاكين الطويلة في وزارة الخارجية وحدها !!! وظللت اتابع كوارث الانقاذ الفجة واقول فجه لان القوم واضح جدا ليس لهم مفهوم في معني الدولة وليس لهم ايضا تجربه في السياسة وقد جهرت بذلك عام1987وانا قادم لغربتي الثانية شرقا بعد الاولي غربا بطرابلس لبعض اخدان النفس منهم –اي الاسلاميين –يوم ان كانت الاشارات تؤكد وقوع انقلابهم فقلت لهم وانا منهم علي الهامش (ارجوان تنصحوا قياداتكم الا يقوموا باي انقلاب لسبب بسيط وجوهري هو اننا لدينا كادر مؤهل معرفيا جدا ولكن ليس لدينا كادر مجرب بخبرة في شئون الدولة وكواليس السياسة وان كل الذين شاركوا نميري لم يتعدوا اصابع اليدين وهذا لا يكفي لحكم وطن بحجم السودان في المساحة من ناحية ومن ناحية اخري في تنوع مجتمعه العريض ثقافة ومزاجا وتفاوت في درجات التعليم وتفاوت في السلم الاجتماعي من الرعي الي الزراعة الي صناعات تقليدية وحديثة ناشئه الي نخب باسها بينها شديد وقلوبهم شتي وختمت قولي بان عمدة اوشيخ في مكان ما يحكم افضل من خريج جامعة الخرطوم ) هذه الفكرة البسيطة هي من اسباب نجاح النمر الماليزي بقيادة مهاتير وفشلنا بقيادة الانقاذ !!! كل هذا التدهور والتراخي في مفاصل الدولة والتردي في خدمة المواطن في كل مناحي الخدمات وتحويل كل الميزانية لبوابة حراسة السلطان دون رعاياه وليس جهاز الامن بعيدا من كل ما سقنا وظللنا ننبه له منذ بواكير الانقاذ وقد رمونا وحرمونا من الوطن عقدا من الزمان وما ادركوا انهم رموا الوطن هذه الرمية الرمة ولهذا تبلد الاحساس بكل شئ الا المصلحة الذاتية ذات الدفع الرباعي الي الجيوب دون العقول وقد اشرنا الي كل هذا في الاحداث سالت فيها الدماء سواء في المساجد او الطرقات والاماكن المتفرقه حتي مقتل محمد طه محمد احمد قلنا ان الامن تبلد احساسه ببؤر التوتر انسانا واماكن ووطنا واصبحت الميزانية كلها بمصب اتجاه واحد اما حادث رئيس تحرير التيار الاستاذ عثمان ميرغني هو عود علي بدء الانقاذ 1990 وهو بداية لكرة مسبحه جديده وليست نهاية والقادم اسوا وما رشح من تهديدات هو (رصاص ان ما اصاب يدوش ) لكنه لايدوش الامن ولا السلطات المسئولة طالما ان نائب رئيس البرلمان هذه هي تصريحاته والتي تعني فيما تعني ان الذي يحكمنا ليس حزبا وانما شلليات لا رابط بينها الا من رابط ان يحكموا وحسب اما الوطن والدولة والمواطن فهذه اشياء ليست في قاموسهم اليسوا هم من قالوا مبتدا (سنحكم حتي ولو مات نص الشعب السوداني ) ثم نسال الاستاذه سامية اين هم هؤلاء الاحرار من كل مفاسد الانقاذ ونهب الدولة وهي شخصيا تجلس علي تل من تقارير الفساد لا تحرك ساكنا حتي حركهم عمود في صحيفة وهو نفس العمود الذي كتب عن الفساد حتي بح صوته دون ان يتحرك هؤلاء الاحرار ساعتها كنا سنجد مبررا لحرارة قلب الاحرار ضد اسرائيل وهي الحرارة التي شبعت موت تجاه الوطن والمواطن وان تعجب ويقتلك العجب فاعجب لتصريحات كبار المسئولين (وزير الدفاع ومساعد رئيس الجمهورية ) عن ان الذي حدث لا يمثل الاخلاق السودانية وكان هذه الاخلاق محفوظة في ثلاجة نلبسها وقت الضرورة وكان ما فعلوه بالوطن يمت للاخلاق السودانية المفتري عليها وقد قتلوها واشبعوها قتلا حتي قال حكيمنا (من اين اتي هؤلاء بل من هم هؤلاء ) اي ليسوا بسودانيين ولا يشبهوا اهل السودان في شئ وهذا راي اجمع عليه الشعب السوداني بكل فئاته حتي الاسلاميين الذين بدأوا التسسل والتحلل فارين فرارهم من المجذوم ونستطيع القول ان الانقاذ تعيد انتاج سنواتها الاولي ومشكلة عثمان انه بداية المسلسل وليس نهايته فهل من مخرج ام تقوم قيامتنا !!! سيف الدين خواجة [email protected]