أمسية الثلاثاء (5/9/2006م) طرق خفيف على باب الشهيد محمد طه محمد احمد ثم ثم مخدر ثم كرسي خلفي لعربة كرونا مظللة ثم صراخ لارملة الشهيد (فوزية) وركض خلف العربة لابنه الاكبر (رماح)، ثم قلق، ثم ترقب، ثم بحث، وبحث، وبحث ويمر يوم (5/ 9) ونجرجر خيوط اليوم الثاني، وبحث وبحث ثم صمت ثم رأس منفصلة عن بقية جسدها في المنطقة الفاصلة بين الاحتياطي المركزي والكلاكلة. امسية السبت (19/7/ 2014م) صحيفة التيار تدخل مرحلة الصمت وهي صمت كل صحفي وانكفائه على مادته التي يعدها لعدد الغد، ويلف الصمت المكان، صمت ثم صمت، ثم اصوات عربتين ثم ضجة وصمت، واندهاشه ترتسم على وجوه صحفيي التيار الذين حشرهم المهاجمين داخل صالة التحرير، وكلاشات، وملثمين، وهدوء وصوت ضرب وضرب على جسد اعزل أخر هو الاستاذ عثمان ميرغني داخل مكتبه وضرب وضرب وضرب، ثم انين، ثم أنين ثم فرار، ثم مغادرة المهاجمين ثم اسعاف، ثم امبريال ثم الزيتونة لمزيد من العناية الطبية للباشهندس عثمان ميرغني. رغم ان الشهيد محمد طه محمد احمد لم يكن غنم قاصية بل كان بين اسرته يستمتع بدفئهم ويمتعهم به ويحلم معهم بمستقبل مشرق لهم وللسودان، بالرغم من ذلك أكله الذئب، ذلك الذئب الذي انعدمت ذرات الرحمة في قلبه، ذلك الذنب الذي ادمن رائحة الدماء والتفكير في القتل والترتيب ثم التنفيذ. قتل من، قتل رجل اعزل لا يملك الا قلمه، قلمه وكفى، قلمه الذي ذهب فداءاً له ولحرية رأيه ولجميل ما يكتب ولبديع ما يسطر، رحل شهيد الكلمة محمد طه واهباً روحه الغالية نموذجاً لنا للثبات على المبادئ وعدم التزحزح قيد انملة عن الثوابت التي ارتضيناها، ذهب محمد طه ليبقى نبراساً للاجيال القادمة يضيء لها طريق الحرية والشجاعة، رحمه الله في هذا الشهر الفضيل وغفر له. وكان الغدر وحده ان يبقى الصحفي عثمان ميرغني على قيد الحياة ونحمد الله على ذلك، فكان من الممكن ان يسلم روحه لبارئها في اية لحظة اثناء الاعتداء عليه خصوصاً اذا كان يعاني من امراض مثل ضغط الدم او السكري او خلافه، نعم كان من الممكن ان يفارقنا، لكنه الآن حي ليواصل مسيرته ويكون اكثر قوتاً من ذي قبل واكثر لهفة لحرية القلم، فهو مهما كان سبب الاعتداء عليه إنما هو نتيجة رأي كتبه وسطره على صفحات التيار، فهو لم يضرب أحداً ولم يعتدي على احد، فكان من الممكن مقارعته الحجة بالحجة والرأي بالرأي بدلاً من الرأي مقابل الدماء، والحرف مقابل الجراح والكلمات مقابل العنف، وها قد خرج من المسشتفى امس سالماً معافاً يلوح باقلامه التي يقاتل وليس بغيرها. في الحالتين كان لون الدماء أحمراً يسيل من شرايين عزل لا يملكون غير القلم وللمفارقة احدهم في منزله والاخر في مكتبه، وقد تم الاعتداء على عدد من الصحفيين في الشارع ايضاً، إذاً كل المطالبات بتأمين مقار الصحف لا تفي بالغرض انما نشر ثقافة ان يتم مواجهة الرأي بالرأي وليس الدماء. ليت القلم يتحول لمدفع حينها كان شيهدنا محمد طه محمد احمد وجريحنا عثمان ميرغني يستطيعان ان يدافعان عن نفسيهما، لكنهما حتما يسختاران ان يظل القلم قلماً ويمضيان في سبيل ان يظل حراً أبياً صامداً. مهاجمي التيار نهبوا كمبيويرات الصحفيين المحمولة وهواتفهم النقالة، لا أدري هل يعتبرونها غنائم، هل حقاً يعتبرون هذه المنهوبات غنائم لتلك الغارة غير المتكافئة، المهم تبقى المشكلة ان اعتبروها غنائم والمشكلة الاكبر ان اعتبروها مسروقات ومنهوبات. منحنيات/عمود للصحفي محمد الننقة [email protected]