أثار خبر مثول الرئيس الكيني أوهورو كينياتا أمام المحكمة الجنائية الدولية موجة من الفرحة العارمة وسط السودانيين قبل الكينيين ، إنتابهم شعور رائع عندما سمعوا خطاب كينياتا لشعبه مبررا ومدافعا عن القرار الذي اتخذه بمحض إرادته بالذهاب الي لاهاي مقر المحكمة الجنائية الدولية لدفاع عن التهم الموجهة اليه ، قال كينياتا بضعة كلمات توزن ذهب .. لا اريد أن ادخل البلاد في مواجهة دولية بسبب اتهام شخصي موجه لي ، لا اريد اجرح كرامة الانسان الكيني ، عدم الذهاب الي المحكمة يترتب عليه عقوبات إقتصادية كبيرة تعصف بالبلاد ، ثم نزل ورقص مع الجماهير رقصة المسافر والمودع ، هذا المشهد الذي وصفه الكثيرين بالبطولي أثار حفيظة السودانيين وبالطبع أنا من ضمنهم ، وأبت نفسهم إلا أن يشاركوا في هذا الحدث الفريد ، رئيس في سدة الحكم ويتمتع بشعبية هائلة في كينيا ويحرسه ألالاف الجنود غير السريين يضرب صدره ويقول لبيك يا لاهاي، لو راوغ وتزاوغ وناور بحجج انا الرئيس ولدي حصانة لبقي في كرسيه طول فترة حكمه وتحرسه عناية جنوده ، لكنه حطم مقولة ( الرئيس عنده حصانة ) وهبا ناهضا وقال انا قادم اليك يا محكمة الجنايات الدولية ، حقا مشهد بطولي رائع للغاية يستحق الدراسة والاحتفال به لإيام وشهور وسنين . ظاهرة كينياتا ياليتها تحدث في السودان تحديدا مع الرئيس البشير ، الذي صدر في حقه منذ زمن طويل امر بالقبض عليه او المثول امام المحكمة الجنائية بعد ارتكابه سلسلة من الجرائم الانسانية في السودانيون وظل يراوغ ويناور ويشتم في المحكمة بأقذر الالفاظ ( محكمتهم دي تحت جزمتي ، ومذكرتهم دي يبلوها ويشربوا مويتها ) كأنه الرجل الأوحد في العالم ، كأنه شمسون الجبار الذي لا يقهر ، عدم مثول الرئيس البشير امام المحكمة الجنائية الدولية وضع السودان في خانة الدول الراعية للإرهاب ، وخنقه .. خنقة إقتصادية قاتلة جعلت الدولة من أفقر فقراء العالم ، ومع ذلك الرئيس مازال يناور ويشتم في المحكمة ويهدد بقطع لسان كل من يتحدث في مسألة مثول البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية ، كأن المثول امام القانون يعتبر جريمة شرف ! كينياتا أثبت للجميع إنه فوق ذاته الشخصي ، فوق حبه لسلطة ، فوق كل طموحاته ، همه الاول والاخير شعبه الذي إنتخبه وحمله مسئولية الدولة ، ضمير كينياتا صاحي لم يموت بحب المال والشهوات والجاه والسلطان ، ضمير نادر في هذا الزمن ، حاكم يراعي مصالح شعبه قبل مصلحته الشخصية ، تجرد من الأنانية التي يتمتع بها الرئيس البشير ، تسلح بمصلحة الشعب اولا ثم رجولته ثانيا ثم توكل إلي لاهاي بكل فخر وزفة فرح من الكنيون وإصدقاء الكنيون ، نعم كينياتا راجل بمعني الكلمة ويستحق لقب راجل فوق كل الرجال خاصة رجال الانقاذ ، كينياتا ترجل وخطب في الناس وشرح الابعاد والإحتمالات في حالة عدم ذهابه الي المحكمة ، رجل قراء المشهد تمام وحلل الموقف جيد وبهنكة سياسية بارعة قرر المثول أمام قضاة المحكمة الجنائية ألا يستحق أن يكون سيد الرجال ؟! ويهتف بإسمه كل الناس في السودان و العالم .. فوق فوق .. كينياتا فوق . أ / ضحية سرير توتو / القاهرة [email protected]