المتمعن في حال بلادنا بصفة عامة لايملك أن تعقد الدهشة لسانه بسبب سؤ ما آلت اليه من جميع النواحي ، أما المتفحص بصفة خاصة في الزحمة والاختناق المروري وحركة السيروكثرة المركبات وحال قائدي المركبات في وطننا مقارنة بغيرنا من الدول الأخرى ومايوجد بها من طرقات وشوارع وثقافة مرورية ووعي ويقظة وانتباه اثناء القيادة فسيصاب بالحسرة والحزن والالم ، أما اذا ما قدر لك قيادة مركبة في طرق وشوارع ولاية الخرطوم فينبغي ان تكون حاملا لأدوية ارتفاع ضغط الدم وازدياد معدلات العصبية وسؤ المزاج الى اقصى درجاته معك، واذا ماحانت منك التفاتة لإشارات المرور الحمراء وقائدي المركبات يتجاوزونها وكأن لاشئ يحدث رغم أن هناك فتاوي قد صدرت بتحريمها واعتبارها من المخالفات الخطيرة جدا فلن تملك سوى التحسر على هذه الأمة التي طشت شبكتها وضربت أخماسا باسداس وصار لايعنيها اي شئ. نعم اختلط الحابل بالنابل بالنسبة لحركة السير في بلادنا ، وقد امتلأت واكتظت شوارع العاصمة المثلثة بالسيارات من نوع آكسنت وكورولا والنترا الأمر الذي يجعلك تخال نفسك كأنك في اليابان أو سيول مع القياس والفارق بالطبع كالبعد بين السماء والارض ، الشوارع رديئة وسيئة ومتسخة وممتلئة بالحفر والمطبات والاتربة ،الناس وقائدي المركبات يشتمون ويسبون بعضهم بعضا في الطرقات ويتطور الامر احيانا الى مشادة ومضاربة بالايدي ، لا أحد يسمح لك بالمرور اطلاقا او التجاوز بل يسعى جاهدا لغلقك وحجبك ، عبارة الشارع حقي لا زالت للاسف هي المسيطرة على ثقافتنا المرورية ( اقفله احجزه امنعه من تجاوزك أو المرور) هي العقلية السائدة لدينا ، اقطع الاشارة وهي حمراء لايوجد شرطي مرور عبارة تتردد كثيرا وتتم الممارسة بالفعل بلا خوف ولاوجل من ارتكاب حادث او التسبب بمجزرة ،بعض الشوارع مظلمة تنعدم فيها الانارة تماما بعض المركبات تفتقد لابسط معايير السلامة كالفرامل ، وبعضها يسير بلا اضاءة وبلا مصابيح خلفية حتى ، لايوجد خوف من رجال المرور ، ولا من القانون المنظم له بالعبارة السائدة (ادفع لشرطي المرور وسيخلي سبيلك ) الامجاد والركشات وحافلات نقل الركاب الصغيرة تأتيك من حيث لاتدري وتزاحم قائدي المركبات في الطرقات ، وتاتي وتنطلق من اي مكان وبلا حسيب أو رقيب وبكامل الفوضى والعشوائية الضاربة أطنابها ، رجال المرور رغم وقفتهم تحت الشمس الحارة ومع التقدير لجهدهم ودورهم الا انه لايزال دون مستوى الطموح ،شبه انعدام كامل لعلامات المرور الارشادية في كافة الطرقات رغم الامكانيات الكبيرة لهذه الادارة ،عدم وجود اي ثقافة مرورية او برامج ثابتة تتناول هذا الموضوع الهام ، ثقافة مرورية في خانة الصفر الكبير،زحمة سير وفوضى خانقة في الطرق والكباري ومداخل ومخارج العاصمة في اوقات الذروة ، أن كنت تريد الوصول لمكان ما او لديك موعد هام فانت بالغه بشق الانفس ، وبعد ان تكون رتبت امرك على الخروج قبل ثلاثة ساعات على الاقل من الموعد المحدد او المكان المقصود ،اعتقاد البعض أن المضايقة وعدم احترام حركة السير من نوع الفهلوة والشطارة ،القيادة في بلادنا من اصعب المهام وأعقدها ، طرقاتنا لايوجد مثلها في العالم من حيث الضيق،عدم التفكير بصفة جادة في وضع حلول جذرية للخروج من هذا النفق المظلم ، معاناة ثم معاناة ثم معاناة فقط ، الحوادث المرورية ظاهرة تتكرر كل يوم وفي ازدياد متواصل، هذه الفوضى المرورية الضاربة اطنابها وعدم اللاكتراث واللامبالاة المتناهية حصدت الالاف من ارواح شبابنا وبناتنا وذهب ضحيتها الكثيرين ولازالت الاعداد في ارتفاع ومالذلك من اثر في تعطيل دولاب التنمية على الرغم من كثرة انتشار رجال المرور في المداخل والمخارج وعند الكباري والدوارات الا ان دورهم في تنظيم حركة السير لايزال واقفا في مربع الصفر الاول ، ونخشى ان يأتي اليوم الذي لايستطيع فيه المواطن السوداني الذهاب لعمله أو أخذ طفله أو والدته للعلاج بسبب هذه الزحمة الخانقة القاتلة ، والمطلوب إحداث ثورة عارمة تقتلع فوضى وزحمة وعشوائية المرور في بلادنا الى الابد ، وتعلم الناس كيفية احترام اشارات المرور الحمراء وعدم قطعها ، وتثقفهم وتوعيهم بثقافة مرورية راشدة ، وذلك لن يتأتى سوى بتحسين الشوارع والطرق وسفلتها وتعبيدها وردم الحفر والمطبات الموجودة بها ونظافتها من الاتربة حيث ان الانسان في بلدي يحتاج لتغيير ملابسه في اليوم خمس مرات بسبب الاتربة والمخلفات المنبعثة من الطرق، ولن يتم كذلك بغير العمل بنظام الحاسب الالي وربط مخالفا ت المرور بالمعاملات الرسمية للمواطن السوداني كاستخراج رقم وطني او ادخال كهرباء او مياه ، مع وضع اللوحات الارشادية وعلامات المرور في كافة الطرق، وتثقيف المواطن وزيادة وعيه وحصيلته المرورية ، ووقف ترخيص المركبات غير المصرح بها ، وان تكون عقوبة تجاوز الاشارة وهي حمراء السجن (24) ساعة والغرامة (1000) ج، مع اغلاق الكباري وقت الذروة في وقت محدد معلوم للكافة ، مع ضرورة التفكير في وانطلاق مشاريع مرورية تنموية هائلة تتمثل في اقامة الكباري المعلقة والانفاق ليحصد ثمارها الجيل القادم –على سبيل المثال لا الحصر—اللهم قد بلغت فاشهد [email protected]