ويعلو مكبر الصوت داخل حافلة الثورة بالنص عند مدخل شارع بنك السودان - المبنى الجديد ويؤكد المطرب المصري عبر أغنيته «زحمة يا دنيا زحمة» التي أصر سائقنا أن تكون استهلاليته لدخول جحيم الزحام من (طرف) الخرطوم بأننا شعب متشبع ويموت في الزحمة، وبعد 25 دقيقة استطاعت الحافلة أن تشق طريقها وتنعطف يميناً عند جامعة النيلين، فاستحق سائقها (وسام الإنجاز) إذ تجاوز كيلو متيرين في أقل من نصف ساعة. وبدأت المعاناة و(الأهرام اليوم) ترصدها مرة أخرى من داخل حافلة كوبر وهي تشق طريقها عبر شارع الجمهورية، أحد الركاب قال إنه الشارع الوحيد الذي استحق اسمه، وأضاف أن أكثر من ثلاثة ملايين مواطن يمرون عبره ونصفهم يظل في المحال التجارية حوله وطالب بأن تضاف كلمة السودان إليه ليصبح شارع «جمهورية السودان». راكب آخر هاجم بصات الولاية وقال إن والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر دون أن يوسع الشارع أو يبني (كباري طائرة) أدخل في العاصمة أكثر من 500 (فيل) يعني بص ومعها تصعب الحركة، وذلك مع وجود آلاف الحافلات الكبيرة المعروفة لدى العامة باسم (البقر). وزاد بأنه لا شارع الجمهورية ولا الشوارع الأمريكية يمكنها أن تتحمل أزير محركات 500 فيل وآلاف (البقر). قاطعته معلمة أساس تنوى النزول في الوزارة بقولها:«أنا من ثمانية صباحاً بحاول أصل الوزارة والخرطوم بقت زحمة شديدة، وبعدين كلو زول عمل ليهو عربية خاصة)..! السائق عمر الشايقي رد عليها بقوله «يا خالة الزمن إتغير لكن ناس الطرق ما شايفين شغلهم والإستوبات عملت الشوارع زي بيت العرس كلو أحمر أخضر أصفر». ثم حدث ما لم يكن في الحسبان، فقذ توقفت الحافلة وظهر جندي المرور وقال للسائق أنزل، وبعد أربع دقائق عاد وهو يحمل إيصالاً مالياً من فئة كبيرة دون أن يعلمنا بالقيمة لكنه بادر الكمساري «إنت سارح وين؟ كلو يومين تشفط إيرادنا والزحمة تكمل الجاز».. وبعد ساعتين هاتف (الأهرام اليوم) رائد صديق بالقوات النظامية وقال إن كثيراً من الصحف لا تقوم بدورها وتتناول قضايا لا تهم المواطن، وطالب بأن تبرز الصحف مشكلة الازدحام المروري حتى تقوم جهات الاختصاص بدورها عبر إنشاء الجسور الطائرة وتوسعة الطرق القديمة وإعادة النظر في نظرية الاتجاه الواحد ومنع المركبات القديمة والمتهالكة من دخول وسط البلد، لأنها بأعطالها المتكررة تتسبب في خلق الزحمة خاصة في الجسور الاستراتيجية مثل كوبري أم درمان القديم، الإنقاذ، المك نمر وبحري القديم. انتهت المكالمة ومازال صدى الأغنية (زحمة يا دنيا زحمة.. زحمة وما فيش أي رحمة) يتردد صداه.