محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    لماذا دائماً نصعد الطائرة من الجهة اليسرى؟    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    البرهان يشارك في القمة العربية العادية التي تستضيفها البحرين    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    الأحمر يتدرب بجدية وابراهومة يركز على التهديف    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"داعش" وتبرع "مستر مو" للشيوعيين بين فِضَيْل ودَلِيل (3 من 3)
نشر في الراكوبة يوم 16 - 01 - 2015


فرقنا انقلاب.. يجمعنا واتساب:
في داخل كل مسلم "داعش" صغير، اما ان يكبر أو يلجم بالعقل والمنطق والتفسير السليم للدين وتعاليمه وحكمته
في الحلقتين السابقتين جرت مساجلات بين احد أصدقائي، اطلقت عليه اسم فِضَيْل، وقريب له سميته دَلِيل، حول ثلاث قضايا. وقف في إحداها صديقي مع حق السعوديين والخليجيين عموما في الدفاع عن دولهم ردا على اتهامات صاغها قريبه منطلقا من تحامل الصحفي عبد الباري عطوان. وفي الثانية حذر فِضَيْل من تغلغل "داعش" وأشباهه في المجتمع السوداني، فيما انصرف دَلِيل يغرف من ذات الماعون ليربط "داعش" بالسعودية مرددا ذات عبارات التخوين. القضية الثالثة التي تبادلا السجال حولها قامت على جائزة الملياردير السوداني محمد فتحي ابراهيم، الشهير بمستر مو، وما يقال بانه أحد المتبرعين للحزب الشيوعي السوداني لمقابلة احتياجاته المالية.
وفي هذه الحلقة، يستمر سجال "خد وهات" بين الاثنين، وكأنهما يستعملان ساحة الحوار لا لتبادل الإقناع والاقتناع، فهما كما يتضح على نقيضين، وانما لتصل الرسالة والفكرة مغلفة في معلومة، للمشاركين والمتواصلين في حساب القروب الاسري المشترك في "الواتساب".
فلماذا وصف فِضَيْل قريبه دَلِيل بانه "بما يطرح يلوث البيئة"؟ وأية بيئة يقصد؟ هذا ما سنعرفه ادناه في الحلقة الثالثة والأخيرة.
؛؛؛
مضى وقت وعاد دَلِيل وبدأ منذ منتصف النهار يكتب في رسائله الرباعية حتى غربت شمس ذاك اليوم، فجاء في الأولى: بالنسبة لكلام جيمس بيكر يا فِضَيْل انا ذكرت في مشاركتي السابقة اكثر من مرة انني سمعته بنفسي في برنامج وثائقي، فلا ادري كيف وصلت الى نتيجة انني سمعته من شخص اخر؟ لو حدث مثلما قلت لكنت ذكرت ذلك، ولكنني اكرر انني سمعت من لسان بيكر شخصيا كل الكلام الذي ذكرته انا سابقا. واعتقد ان لغتي الانجليزية تسمح لي بفهم كل كلمة قالها حرفيا بدون ترك اي شيء. كون انه قالها، فهو قالها والمرجع للتحقق من هذا فهو مصداقية قولي من عدمه. وأنا اقول انني سمعته يقولها شخصيا عبر التلفاز فلك ان تصدق ولك ان تكذب قولي هذا، ولكنني اقول ما رأيته وسمعته ومن يعرفني يعرف اني لا اكذب ولا افترى الكذب على لسان احد. اما الغرض من القصة "دي" فهو اظهار ان حكام الخليج يخضعون للاملاءات الامريكية وليس الغرض مهاجمة وسيلتهم في الدفاع عن الكويت أو السعودية فلكل الحق في الدفاع عن وطنه، لكن القصة تظهر مدى الذل الذي يتعرض له الحكام العرب عند التعامل مع الامريكي الآمر الناهي. وما قلته على لسان بيكر قاله بالحرف الواحد بس بالانجليزية الامريكية وانا ترجمته وأوصلته اليك بالعربية. وانت تعرف ان الملفات السريه بعد فترة من الزمان تصبح متوفرة للجميع وهكذا تصلنا القصص من الارشيف البريطاني والأمريكي الخ الخ.
وفي رسالة ثانية كتب دَلِيل: طبعا يا فِضَيْل الشيء الغريب انك متخيل انني انتمي لما يسمى بالإسلام السياسي ومرات تتهمني بالإرهاب ومرات داعشي. "بتشوف اللي عاوز تشوفه" فقط، وتسمع ما تريد سماعه، وكل من يأتي برأي اخر فهو "كوز" تبع الحكومة أو ارهابي أو داعشي. كده تبقى مندفع جدا في تصنيفك للناس.
يبدو ان دَلِيل تلقى اتصالا هاتفيا أو رسالة في حسابه الخاص تطلب منه وقف الحوار الذي يدور بينه وفِضَيْل، وربما اطلق من تواصل معه في الخاص على الحوار لفظ "الجدال" بأخف العبارات، أو "الشكلة القايمة" بعبارة أشد، وقد يكون وصف الحوار بالمناطحة. فكتب دَلِيل: اهلين خالو.... يا جماعة "معليش قديناكم" انا وفِضَيْل ببرنامجنا بتاع فيصل القاسمي الاتجاه المعاكس نسخة الاسرة. لكن ما تفتكروا اننا بنزعل من بعض، فنحن اخوان دم ولحم وفِضَيْل حبيبي واخوي الكبير له كل الاحترام والتقدير من اخوه الشافع الصغير، بس لكل زول رأيه وهذه طبيعة الحياة. مش يا فِضَيْل؟ عشان كده نبشركم بان الاتجاه المعاكس نسخة الاسرة سيستمر بكل حب وإثارة.
واصل دَلِيل في رده وكتب بعد الرسالة السابقة الإعتراضية: انا دائما اقول ان "داعش" هو فهم خاطئ للإسلام ولا يمثل الإسلام، ولم اغير قولي هذا. اما من كان خلف إنشاء وتمويل "داعش" وإطلاق يده في سوريا لتغيير النظام، فانا ثابت على قولي ان السعودية، وهذه المرة أزيد، السعودية الرسمية هي من أنشأ "داعش" وبعض المجتمع السعودي من الشباب هم من يحارب في صفوف "داعش" حتى الان. بندر بن سلطان هو الذي مول "داعش" ومدها بالسلاح وهو يمثل قلب السعودية الرسمية، وكذلك فَتَحَ سجون السعودية وأطلق سراح المعتقلين المتطرفين ووجههم وسهل لهم السفر للجهاد في سوريا قبل 4 سنين. انها السعودية الرسمية وليس عامة الناس من السعوديين.
وأردف دَلِيل في رسالة ثالثة: للمفارقة العجيبة يا فِضَيْل، انت تتهمني باني "كوز" مع الحكومة وفكري ارهابي وداعشي، بينما هناك احد الاطباء الفلسطينيين زميل دراسة ممن يقتنعون بفكر داعش، سمح لنفسه انه يكفرني عبر (الواتساب) صراحة لأنني اهاجم "داعش" والفكر الوهابي في قروب الاطباء زملائي. اهاااا يا فِضَيْل انا كده هسه موقعي شنو من الإعراب؟ "كوز" تبع ناس الحكومة وإرهابي داعشي على رأيك، ام كافر على رأي الطبيب الفلسطيني؟! الحمد لله انا عارف موقعي، وأعوذ بالله من ان اكون هذا أو ذاك.
لم يترك دَلِيل موضوع مستر مو ينتهي فكتب في رسالة رابعة: بالمناسبة يا فِضَيْل، أول مرة اسمع عن مستر مو وعن جائزته، واسمه الاصلي هو محمد، كان قبل 5 أو ربما 6 سنين، لا اذكر بالضبط لطول المده. الغريبة انك افترضت انني لا اعرفه ولا افهم ما اراد قوله في الفيديو الذي انزلته انت في القروب امس. وعندما سالت عن زعمك تبرعه للحزب الشيوعي، كنت اريد منك ان تأتينا بالمصدر والمرجع الموثوق بهما، "مِشْ" تقول الصحافة السودانية وتثير استفهامات. اذا كان المهندس محمد فعلها وتبرع للحزب الشيوعي فهو حر في ماله وربنا يزيده. اما نقل الاشاعات بدون دَلِيل فهو لا يليق بالاحترافية لكن ممكن يليق بالصحافة السودانية الصفراء أو ممن يتوهمون الاحترافية في السودان. باشمهندس محمد رجل نوبي حلفاوي خريج هندسة الاسكندرية، انعم الله عليه وفتح عليه من رزقه باكتشافه في مجال الموبايل بعد حصوله على الدكتوراه في بريطانيا واكتشافاته في امريكا. لقد كنت أتابع اخباره ومؤسسته والجائزة منذ 6 سنين تقريبا. لذلك لا تتسرع يا فِضَيْل في ان تحكم بعدم فهمي لما اراد قوله في هذا الفيديو القصير بما يظهره من خفة دم ومداعبة لكلينتون والأمريكيين. الرجل نيته طيبة وجائزته البالغ قدرها 5 ملايين دولار لم يفز بها اي رئيس افريقي حتى الان. ربما فاز بها شخص واحد على حسب علمي ولا اذكره. المهم اثبت لي تبرعه للحزب الشيوعي اذا كان هناك تصريح منه شخصيا في هذا الشأن، اما اذا كان غير هذا فذلك يدخلنا في باب الترويج لإشاعات لا اساس لها من صحة. اما اذا فعلها وصرح بذلك بنفسه فهو حر في ماله يفعل به ما يشاء. بالمناسبة زوجة مستر مو وشقيقها اصدقاء ل (....) الذي استضافهما في (....) قبل عدة سنين عندما كانت تَرَوِّج لمستشفى سرطان الثدي الذي تملكه في الخرطوم مقابل عفراء مول.
صباح اليوم التالي بدأ فِضَيْل تعليقه برسالة مختصرة كتب فيها: اثمن واثني قول اخي دَلِيل بشأن الحوار الذي يدور بيننا مع ثقتي بأنه، لا هو ولا أنا، محتاجان لتأكيد ما كتب إلاَّ شرحا اذا اراد احد ذلك.
ثم زَفَّ ثلاثة رسائل، واحدة تلو الأخرى، مما يكشف انه كان قد اعدها مسبقا، فكتب في الأولى: لا اظنك يا دَلِيل بقولك "ان الملفات السرية بعد فترة من الزمان تصبح متوفرة" تقصد بها العبارات التي لصقتها على لسان جيمس بيكر. فالفترة من الزمن المقصودة يا حبيب تعني مرور 30 سنة على الاقل بل ان بعض الاسرار التي لا زال موضوع فعلها فاعلا لا تُكْشَف. ومع ذلك، منطق الاشياء يقف حائلا امام عقلي ليأخذ تلك العبارات على لسان رجل دولة مثل جيمس بيكر. ولأنني اصدقك ومحال ان أكذبك، قلت انك ربما استمعت لتلك العبارة بتلك الصيغة من احد ما، فسكنت عقلك وتقاطعت مع حديث بيكر الذي كان حول تكلفة حرب الخليج وتحدث بما يشي بان دول الخليج اشتركت فيها أو ساهمت فيها أو أي شيء، ولكن بعبارات رجل دولة يا دَلِيل وليس كالذين في غفلة اتوا الينا وحكمونا في للسودان. القصد بالمسألة هو انك تتهم دول الخليج بالعمالة وتلك كلمة عاجزة مستهلكة تقال للغوغاء "لأكل عقولهم" الفارغة بحكم الجهل، وأرجو ان تخرج من هذا الاكليشيه. ثم انك تأتي وتؤكد على حق حكام دول الخليج في الدفاع عن بلادهم ولكنك تتبرع برخيص الكلام بانهم خاضعون للاملاءات، وانك تريد ان تكشف الذل الذي يتعرضون له مِنْ مَنْ هم عملاء لهم. يا اخي عصر تلك الكلمات المفخخة مضى.. هنالك عبارات اكثر حداثة في هذا الامر لشيطنة الغرب وفي نفس الوقت اسقاط اية صفة طيبة عن الذين تضعهم في كراسي الاتهام وأنت المدعي العام وتريد ان تكون القاضي ايضا. لا يفعل ذلك في هذا العصر إلاَّ اهل الإسلام السياسي. فلا تتقاطع معهم. حسنا يا دَلِيل انك تجاوزت مسألة عطوان عبد الباري. فقد منحناها بالفعل ما تستحق خاصة وان الدفاع عما كتبه مثل وضع الريشة على الرأس.
وفي رسالة ثانية كتب فِضَيْل: دعني اثبت لك يا دَلِيل ما هو ثابت وأضيف اليه تقديرات عامة ليست مرتبطة بك لوحدك في نظري. قد لا تكون "كوز" وقد لا تكون منظم سياسيا وحتما لست داعشيا ولا ارهابيا ولا اتخيل ان لك اي شيء من ذلك. ولكن، لتعلم ان الإسلام السياسي "عباية" عريضة ومظلة واسعة اصبحت تضم أفرادا يشتركون مع المنظمين فيه، في بعض توجهات اساسية ورؤى هامة للطرفين، وربما لا يحبذون تلويث انفسهم بالانضمام التنظيمي للتشكيلات الدينية السياسية التي ارتكبت خطايا وليست أخطاء، وربما لا يروق لهم الالتزام التنظيمي المكبل، وربما ان ذات التشكيلات لا تحبذ انضمامهم فهي تستفيد منهم وهم خارج الهيكل، ومن تجربة اخرين نعرف ان توجيهات تصدر بان يترك شخص ما هكذا ولا ينظم. هؤلاء يا دَلِيل، ويبدو انك منهم، يؤثرون اشد الاثر على تطورات الغد. يؤثرون اكثر من المنظمين عدييييييل كده. وإنهم مثلك من الاشخاص الاذكياء الذين يتميزون بالذوق وباللطف وبالرشاقة في العبارة وبالعلم الوفير وبقدرات متميزة مواكبة للعصر في حاجياته المادية والتقنية، والأهم ايضا بالعيش في حضن الديمقراطيات والشفافية والقيم العليا التي وصلتها الانسانية بعد تجارب مريرة مع التطرف بكل اشكاله. مثل هؤلاء يسجلون انفسهم في سلوك مزدوج يشكل حياتهم اليومية مع شركائهم الغالبين في دول الغرب في ظل شعار مثل "الاسلام هو الحل" الذي يعملون اليه ويحرضون له احيانا بخجل؛ تفسير وفكرة الحجاب والأمثلة والترويج وكده، والدعوة للجهاد والتربص بالذين يظن انهم حجر عثر أمامه؛ علما بان المفارقة جاءت اخيرا من احد اهم قادة الاسلام السياسي في السودان، بقول الاستاذ علي عثمان محمد طه "يجب مراجعة شعار الاسلام هو الحل" وغير ذلك من التنصل ربما منطلقا من فقه التقية الذي اشتهروا به. لست وحدك يا دَلِيل، فقد قلتها من قبل، ان في داخل كل مسلم داعش صغير، اما ان يكبر أو يُلْجَم بالعقل والمنطق والتفسير السليم للدين وتعاليمه وحكمته. ودعني اكون معك صريحا يا دَلِيل.. انت لست ولن تكون داعشيا فربما تكون الوجه الاخر من العملة وأصبحت أو في الطريق لتصبح شيعيا. أعرف ان البعض من المسلمين في دول الشمال الأوربي بدأ ينتشر بينهم هذا المذهب. وحتى وان لم يكن ذلك صحيحا فالمجموعات التي تتحاور معها أو تتواصل معها بحكم الكثير من العلاقات، حتما لها اثر فيك مثل كل الاشياء الطبيعية. باختصار يا دَلِيل، ابصم بالعشرة بانك "ما "كوز" ولا داعشي ولا تمارس الارهاب، وحتى الناعم منه لا زالت عباراتك وجملك وتفسيراتك فيه تطرح بهدوء، كما انك لست عضوا في أية جماعة من جماعات الإسلام السياسي". أوكي اتفقنا؟...... ولكنك تروج لأفكار هي جزء من المشكلة لا الحل، وتلك مسألة مهمة تجعل محاورتك مسألة ضرورية وعدم تركك لترمي الاشياء امام الناس هكذا بكل سهولة في انتظار ان يلتقطوها أو لا، باعتبار انك "عملت العليك". وعليه، لا بد ان يأتي من يزيلها من الطرقات. اصحاح البيئة مسألة هامة يا دَلِيل.
وفي الرسالة الثالثة أكمل تعليقاته على كل ردود قريبه، فكتب فِضَيْل: تبقى يا دَلِيل موضوع مستر مو والذي ليس موضوعا لخلاف أصلا.. ولا ادري لم تطالبني بان اثبت لك تبرعه للحزب الشيوعي ولم تثبت لي كلام جيمس بيكر على لسانه. تلك واحدة والثانية هي ان الشخص الذي تقصده بانه قد يكون من قدمت اليه الجائزة، فهو رئيس موزمبيق السابق جواكيم شيسانو. والثالثة ان موضوع التبرع كتبه في صحيفة سودانية صديقي مصطفى البطل وأثار نقاشا، ومستر مو لم ينف ولم يؤكد. وكتب البطل ايضا ان قريبه الحلفاوي مستر مو، طلق زوجته السودانية، شريكة حياته لما يقرب من أربعين عاماً، ثم تزوج من سكرتيرته الانجليزية التي هي في سن اولاده. وقال البطل ان تلك الأخبار مبذولة في صحف الفرنجة، وقبل أشهر قلائل أنجبت له الاخيرة طفلاً. اخشى ان يكون اثارتك للموضوع مرتبطا بإشارتي حول مساعدته الشرفاء، بان الحزب الشيوعي يستحق؟
وأردف فِضَيْل برسالة اخرى يبدو انها وضعت حدا للحوار، فكتب: اتمنى يا دَلِيل ان أكون قد اخطأت في بعض تقديراتي. وعلى العموم مسألة المذاهب انا نفسي انظر اليها بمنظار غير، وباسلوب أخر، ولا أدينها، فلست حكما على الاخرين.
وبالفعل توقف دَلِيل عن السجال غير ان فِضَيْل عاد بعد وقت من الانتظار كان كافيا ليتأكد من ان قريبه أنهى من جانبه الحوار، فكتب: دعني يا حبيب ان أعود لمسألة لدي ما أضيفه حولها. كيف تقول يا دَلِيل ان السعودية الرسمية أنشأت "داعش"؟ إليك بعض الحقائق والمعلومات المتوفرة لمن يبحث وما عليك إلا تجميعها في مشاهد مترابطة لتعلم ان السعودية بعيدة كل البعد عن ما يقال عنها في هذا الموضوع بالذات، والمنطق والأحداث والتطورات قبل 11 سبتمبر نفسها تثبت ذلك. كيف؟ ان "القاعدة" التي خرجت منها "داعش" قد ضربت اول ما ضربت السعودية.. لا امريكا ولا الغرب ولا ايران بالطبع، دعك عن اسرائيل. أليست تلك حقيقة اولى ثابتة؟ حسنا، دعنا من ذلك الان، وتابعني مع بث المشاهد التالية واستعراضها: بعد جريمة الحادي عشر من سبتمبر 2001 جرت معاقبة تنظيم "القاعدة" وإمارة أفغانستان الإسلامية الحاضنة له. قيادات من القاعدة ومن عائلة أسامة بن لادن، دخلوا إيران التي وفرت لهم إقامة آمنة بعلم مخابراتها، وبعضهم لا زالت الحكومة الإيرانية تحميه حتى وقتنا الحاضر. دخل اليها سيف العدل وهو من القادة العسكريين الكبار في القاعدة، اضافة الى صالح القرعاوي زعيم كتائب عبد الله عزام، وقد تسلمته لاحقا السعودية من باكستان. تلك مرحلة يجب الا تغيب عن الذهن للحديث عن من انشأ "داعش". لماذا؟
الاجابة تتطلب قراءة ومتابعة المشهد العراقي. الشاهد انه بعد تدمير المؤسسات الحكومية العراقية، بالاخص الجيش والأمن، اثر حرب عام 2003، سمحت إيران، ان لم نقل اوعزت، لقادة وعناصر القاعدة الذين يقيمون فيها متمتعين بضيافتها، لدخول العراق فقد كان المسرح جاهزا لعملهم، فسمعنا عن "القاعدة في بلاد الرافدين"، التي احتضنت أبو مصعب الزرقاوي ومحسن الفضلي مؤسس «كتائب خراسان»، علما بانه من عائلة شيعية كويتية معروفة، والمفارقة التي يجب تسجيلها لفهم الكثير من المسائل ان ايران دفعته بعد سنين للانتقال إلى سوريا بعد اندلاع ثورتها الراهنة. هنالك فصل من ذات المشهد يصور افواج القادمين للعراق التي مرَّت بسوريا بعلم وتحت بصر بشار الأسد وأجهزته، فانتقل او نُقل أبو محمد الجولاني "جبهة النصرة" والعدناني الذي صار متحدثا باسم "داعش". هذا الفصل بالتحديد، يتطلب التوقف عنده بأسئلة يَجُر الواحد منها الأخر: لماذا تم ايقاف نوري المالكي رئيس وزراء العراق حينها، من تقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد سوريا، لسماحها بتسلل اولئك إلى العراق؟ ومن أوقفه؟ هل هي إيران؟ ولِمَ حدث ذلك؟ هل الامر انصب على تقوية وبناء تنظيم القاعدة؟ لأجل ماذا.. هل ليحارب القوات الأمريكية؟ الشاهد ان عشائر السُنة في العراق أبلوا بلاء حسنا وساهموا في دحر القاعدة التي انزوت وتقوقعت وان لم تختف، وقبض على قياديين، من بينهم البغدادي، وأدخلوا السجن حيث كان مكانا مناسبا لتواصلهم فتم منح التنظيم فرصة الاستمرارية بإعادة تشكيله وتجميع خلاياه.
بدأت فترة ثالثة مهمة يجب وضع المجهر فوقها وتجميع المتاح من المعلومات لإعمال التحليل الصحيح. شهدت مشاهد تلك الفترة في فصول مختلفة تهميش السُنَّة وتصاعد الاحتقان بينهم ورئيس الوزراء المالكي، واستمر غبن العناصر التي كانت في جيش ومخابرات وامن صدام، فاستغل التنظيم الجديد القديم كل ذلك. وبانسحاب القوات الامريكية وإدارة حكومة المالكي للسجون، تم الاُفراج عن البغدادي ورفاقه، ليبدأ التنظيم مرحلة انطلاقة ثانية وهو اكثر جاهزية مستغلا الظروف التي استجدت لتدفع برياح في اشرعته المفتوحة للإبحار ومقاومة تلاطم الامواج مستفيدا من انتفاضة السنة ضد المالكي فاحتضنته الانبار وصَوَّب نحو الموصل ومَدَّ جسوره نحو الطريقة النقشبندية التي تحمي عزت إبراهيم الدوري النائب السابق لصدام. تزامن ذلك مع تصاعد وتيرة الثورة السلمية ضد بشار الاسد ونظامه وفشله في اخضاعها، فتحولت الى ثورة مسلحة، وعندها لجأ الاسد لورقة خبيثة بيده بجعلها نزاعا وصراعا وبالتالي قتالا وإرهابا طائفيا وغَذَّاها بما يزيد رقعتها كما فعل المالكي. فأطلق بشار سراح من تحت يده في السجون مثل أبو خالد السوري، الذي أنشأ كتائب أحرار الشام، وأصبح للتوجه للعراق بابا مفتوحا وللعودة لسوريا ذات الباب المفتوح فتلاشت الحدود ووجدت كلمة الشام مكانا لها ايذانا بجعل الاسم "دولة اسلامية في عراق وشام" علما بان "ألف لام" التعريف في الكلمات الاربعة تشترك في وضعها ايران وعراق المالكي وسوريا الأسد بشار، وبقية القصة لا تحتاج لسرد ولا الى تجميع معلومات فالمسرحية في فصلها الدموي تجري امام ناظرينا.
تلك هي يا دَلِيل قصة تكوين ورعاية "داعش" في مشاهدها المتوالية منذ ميلاده حتى شب عن الطوق وأصبح وحشا. انها معلومات متاحة تثبت ان المملكة العربية السعودية بعيدة كل البعد عما رميتها به، بل ان اول من حذر من تمدد "داعش" كان جلالة الملك عبد الله. فمالكم كيف تحكمون، ولِمَ نَرْم السعودية بقول يطلق على عواهنه؟ لا اريد اجابة إلا تلك الخالية من الغرض، وعليه لن تأتيك من "يور ادول" عطوان. وإذا اردت ان يكون لك تعليق على سرد حكاية داعش "من طقطق لحذافيرها"، ارجو ان يكون من بنات أفكارك، فلا زلت اثق في قدرتك على التمييز لولا التشويش الذي يحدثه لك عطوان وأمثاله من أهل الاسلام السياسي. تحياتي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.