ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل اثنين من سائقيه وإصابة ثلاثة من موظفيه في السودان    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوسيولوجيا الكتابة في "بطولات وملامح من الأدب الإفريقي"*
نشر في الراكوبة يوم 08 - 02 - 2015

(استعراضٌ عامٌّ لكتاب د. عمر مصطفى شُركِيَّان المُسمَّى "بطولات وملامح من الأدب الإفريقي")
ينتهجُ د. عمر مصطفى شُركِيَّان، في كتابه المُسمَّى "بطولات وملامح من الأدب الإفريقي"، أسلوباً وصفيَّاً سيوسيولوجيَّاً تَتَّسِمُ لُغتُهُ ببلاغةِ الجزالة العربيَّة الكلاسيكيَّة الخالية من التعقيدات التركيبيَّة الموشومة بها، عموماً، "مغامرات" الكتابة الآنيَّة الحداثيَّة، أو الجَّديدة، إبداعيَّةً كانت تلك الكتابة أم أكاديميَّةً موصوفةً بالدِّقَّةِ و"الموضُوعيَّة" الجافَّة، النَّاشِفَة، بغالبِ الضرورةِ والمُتاحِ من ضُروبِهَا. وذلك يُصيِّرُ الكتابَ المعنيَّ، في تقديري الخاص، مُناسبَاً، لا أقلَّ ولا أكثَرَ، للإيفاءِ بالقصدِ العام الرئيس الكائنِ، أصلاً، وراءَ جُهْدِ تأليفِ مقالاتِهِ المختلفةِ، ومن ثَمَّ تجميعها، لاحقَاً، بين دفَّتَي هذا السِّفْرِ الذي بين أيدينا؛ ذلك القصد المتمثِّل، على وجه التعيين، في تمكين القارئ العام، وغير المُتخصِّص، في السياسة أو في الأدب، من تمثُّلِ، أو استيعابِ، صورة وصفيَّة عامَّة لما يَتوسَّم فيه المؤلِّف، د. عمر مصطفى شُركِيَّان، في مؤلَّفِهِ المعنِي، من "ملامح" تشي ب"تمجيدِ فعل البطولة"، مبثُوثَة في مُخْتَلفٍ من توصيفاتٍ أدبيَّةٍ/فنيَّة خطَّتْهَا، شعراً أم سرداً نثريَّاً خالصَاً، أقلامُ من شاءَ انتقائهم، من الكُتَّاب الأفارقَة، لغرضي التعريف والإشادة الوصفيَّة في كتابه الذي يُعنى هذا الاستعراض الحالي بتقديمه لعموم قرائه المُمكِنِين. ذلكُم سيَّمَا وأنَّ المُؤَلَّفَ إيَّاهُ يجمعُ (بَدَاهةً)، في مُجَرَّدِ معنى عنوانِهِذاتِهِ، أولاً، ثُمَّ في تفاصيل محتواه وتأليفه المُتَّصِفَ بالاستطراد المُسْهِبَ، ثانيَاً، فيما بين شؤون السياسة وشؤون الأدب بأفريقيا كما تتبدَّى عليه، في الغالب، ملامح، وتفاصيل، تلك الشؤون في عموم الممارسات السياسيَّة والأدبيَّة لدى ثُلَّة، اختارها الكاتب، من بين المشتغلين، على أوجهٍ ما أو أخرى، بالسياسة والأدب، معاً، في أفريقيا.
ولئن ننتقل، في حديثنا عن كتاب د. عمر مصطفى شُركيَّان المسمى "بطولات وملامح من الأدب الإفريقي"، من عِنْدَ موقف "كَبْسَلَتْنَا" النقديَّة المُكَثَّفَة الآنِفَة، إلى موقفِ الوصف الاستعراضي، المُجْمَل والضَّروري، للهيئة العامَّة التي رُتِّبَتْ عليها فصول الكتابِ إيَّاه، مع التلخيص، الشديد الإيجازِ، طبعاً، لمحتويات تلك الفصول، فصلاً ففصلا، كما والتعقيب النَّقدي-التَّفاعُلِي عليها، ضمنَ طيَّاتِ ذاك الوصف الاستعراضي (المجمل والضروري)، متى ما يكن ذلك مُواتيَاً، أو مُناسِبَاً، نرى أن مُؤَلَّفَ د. شُركِيَّان المعني قد تَرَكَّبَ، فضلاً عن خاتمته (بعنوان "هل نُوقفُ قرع الطِّبُول؟")، وثبت مصادره وإحالاته وتمهيده وشكره وتقديره وإهدائه، من أربعة فصولٍ، عناوينُها، على التَّوالي، كالآتِي: الفصل الأول: رجلٌ يسعى العالم إلى الالتقاء به؛ الفصل الثاني: إيقاعاتُ طبُولٍ في الليل؛ الفصل الثالث: وقائعُ استبسالات منسية؛ الفصل الرّابع: شذرات من إبداعات الأفارقة.
وفي توطئته للكتاب، التي وضعها المؤلف تحت عنوان، "على سبيل التمهيد"، قدم الكاتبُ عرضاً بانوراميَّاً عاماً لمجمل اهتمامات وموضوعات مُؤلَّفِهِ تساءل، في بدئه، عن تلك "المُشْتَرَكات" التي بوسعها الجمع، كما تبدّى من عنوان المُؤلَّف المعني، فيما بين ذاك الذي قد يُوصفُ، اجتماعياً و/أو سياسيَّاً، بأنه "بطل" وذاك الذي قد يُوصف، على مستوى ما أو آخر، أو بمعنى ما أو آخر، بأنه "أديب".
بيد أنه مما يُؤسفُ له، في تقديري، أن المؤلِّف لم يشأ، في كتابه ذاك، أن يَتَّخِذَ، على سبيل توصيفه لتلك "المشتركات"، نهجاً معرفيَّاً-تحليليَّاً يُعَرِّف فيه، بإجمالٍ مُوجَزٍ، أو بليغٍ، "البطولة"، كثيمة أسطورية، أولاً، وكمعنى اجتماعي وسياسي، ثانياً، ثم يَعُوجُ، من بعدِ ذلكَ، إلى "الأدب" فيشتغل على تعريفٍ وتوصيفٍ عام لما يراه على أنه "فلسفةً للأدب ووظائف اجتماعية وسياسية، أخلاقية وإنسانية، وتثقيفية/معرفيَّة، ممكنة له"، على غرارٍ معرفيٍّ وتحليليٍّ موازٍ لذاك الغِرَار الذي جرى عليه، مثلاً، (وأنا هنا أتحدّثُ على سبيل التمثيل، فحسب، بأنموذجٍ كتابٍ معاصرٍ في تاريخ الفلسفة والأدب معروفٍ وجهيْرَ الصَّوتِ خطر لي الآن اسمه، وللآخرين، طبعاً، تصور نماذج لكتب أخرى موازية له، في اهتمامه، إن يشاؤوا) الفيلسوف الوجودي الفرنسي جان بول سارتر (1905م-م1985) في كتابه المعاصر الشهير المسمَّى "ما الأدب؟".
إن يكن هو (أي مؤلِّف الكتاب المعني) قد فعل ذلك لكان، بقدر ما يُمكن لي أن أرى الآنَ، قد ابتنى لنفسه، أولاً، هيكل رؤية معرفيّة صلدة وراسخة لكتابه الذي يحاول هو فيه الجمع بين ثيمتي "البطولة" والأدب" في أفريقيا المعاصرة، كما ولاستطاعَ هو، كذلكَ، ومن بَعدِ ذلكَ - ووفق ما قد يُؤْمَلُ منه، في تلك الحالة، من ابتكارٍ لنسج فنِّيٍّ لكتَابِهِ، عضويَّ الوحدةِ ومتناغم الصَّوت والانسياب- "تدعيم" و"تجسيد"، بل و"تجسير"، هيكل رؤيته تلك، وفق ما يقتضيه عنوانُ مُؤَلَّفِهِ، بنماذجٍ عينيَّةٍ، وسرديَّةٍ حيَّةٍّ، من "ملامح" تلكَ ال"بطولات" التي عناها في الأدب الأفريقي. وأضيف هنا ملاحظة نقديّة موجزة أراها مهمة، وهي أنني قد فهمتُ، من عنوان الكتاب، الذي هو "بطولات وملامح من الأدب الأفريقي"، ما رجَّحته أعلاه ومن ثَّم رتَّبْتُ عليه جِماعَ ما بذلتُهُ آنفَاً- وما قد أبذله لاحقاً في هذا الاستعراض، طبعاً، من خاطرات نقديّة بشأنه، غير أني لاحظتُ، من عِنْدَ نَاصِيَةٍ أُخرى، أنَّ طريقة تركيب جُملة عنوانه تلك قد تُودي، بقارئه، إلى التباس في فهم مقصدها فيظن أن المؤلف قد عنى، ضمناً، بذاك العنوان، ليس "الاشتراك" فيه بين ثيمتي "البطولة" و"الأدب" فيه، كما أقترحتُ/"أفترضتُ" أنا- بحُسنِ أخذِ لمقتضى تأليفِ المُؤَلِّف للمؤَلَّفِ إيَّاهُ - في هذا الاستعراض الحاضر له، وإنما، على خلاف ذلك، هو عنى أن يكتب مؤلفاً في شقَّين، أو، بالأحرى، أن يجمع ما ينبغي لهما، في رأيي، أن يكونا مؤلَّفين في مُؤَلَّف واحدٍ، أحدهما عن "البطولة"والآخر عن "ملامح" (غير محدَّدة الطبيعة) من الأدب الأفريقي. على كُلِّ حالٍ، أقولُ هنا إنه حتى إن، أو حتَّى ولو، يكن المعنى الأخير قد كان وارداً، بأيَّة صورةٍ ما أو أخرى، في بالِ مؤلّف الكتاب عند انتقائه لعنوانه الذي انتقاه له يظلُّ جِماعُ ما قلته آنفاً، وما سأقوله لاحقاً، عن الكتاب إيَّاهُ، في هذا الاستعراض الآنيِّ له، قائماً، بل مُستَقِيمَاً، عندي، على الأقل.
بعباراتٍ أوضحَ تركيباً وأيسرَ، على نحوٍ ما، أو آخر، على فهمِ عموم القارئينَ، فيما أظنُّ، أنا أعني بِجْمَاعِ جُملِي التّي رُكِّبَ منها غالبُ كلامِيَ في الفقرتين السابقتين من مقالي الاستعراضيِّ هذا أن د. عمر مصطفى شُركِيَّان، صاحب الكتاب المُسمَّى "بطولات وملامح من الأدب الإفريقي"، قد نزع، في تمهيده لكتابه هذا، نحو الإنشائيَّة والتعميمات، الشيءُ الذي تَمَدَّدَ، بل تَوكَّد، في نهج وأسلوب صياغة وتوليف كل فصول وأجزاء الكتاب اللاحقة. وذلكم، على وجه ما أظُنُّ من التَّعيين، هو ما قد دفعَ بأوَّلٍ جملةٍ نقديَّةٍ مكثَّفَةٍ ("مُكَبْسَلَةِ") من هذا المقال الاستعراضي نحو جِهَةِ زعمٍ مؤدَّاه أن د. عمر مصطفى شُركِيَّان ينتهجُ، في كتابه المُسمَّى "بطولات وملامح من الأدب الإفريقي"، "أسلوباً وصفيَّاً سيوسيولوجيَّاً تَتَّسِمُ لُغتُهُ ببلاغةِ الجزالة العربيَّة الكلاسيكيَّة الخالية من التعقيدات التركيبيَّة الموشومة بها، عموماً، "مغامرات" الكتابة الآنيَّة الحداثيَّة، أو الجَّديدة، إبداعيَّةً كانت تلك الكتابة أم أكاديميَّةً موصوفةً بالدِّقَّةِ و"الموضُوعيَّة" الجافَّة، النَّاشِفَة، بغالبِ الضرورةِ والمُتاحِ من ضُروبِهَا".
وفي الفصل الأول، بعنوان "رجلٌ يسعى العالم إلى الالتقاء به"، الذي أعقب تلك التوطئة/التمهيد، استعرض مؤلف الكتاب، بصورة عمومية وإنشائيَّة كلاسيكيَّة وصحفية تفصيلية، سيرة الزعيم الأفريقي الراحل الشهير، نيلسون مانديلا، وذلك من حيث صورته عنده ك"فارس ظل يحمل هموم أهله وسوداويَّة عصره"، سيّمَا وأنه قد كان، عند الكاتبِ، وبحسب العبارات التي وصفه بها في مُؤَلَّفِه المعنِي، "ابن زمانه، وابن أحزان ذلك الزمان وضروب يأسه" الذي هو قد كان (على حد تعبير المؤلِّف) "كل إنسان جنوب أفريقي غيورٌ على شعبِهِ في ذلك الحين من الزمان". وأنا هُنَا أرى أن ذلك الاستعراض، رُغم ما وصفتُهُ به في آنفِ حديثي هذا من "عموميَّة" واتخاذ لغة "إنشائيَّة وصحفيَّة تفصيليَّة"، قد انطوى، في مُجْمَلِهِ، على جُهدٍ مُقدَّرٍ، من قِبَلِ مؤلِّف الكتاب، في تجميع وربط وكفكفة (إن يجُز التَّعبير)، وليس سبر وتحليل ومحاورة، أطراف وثنايا، بل ومُنعطفات، تلك السيّرة، والمسيرة، على نحوٍ تفاعلي ونقديِّ تحليليٍّ مثلما، على سبيل الاستحضار التمثيلي، فحسب، فعل، وحفَّزَ الفِكْرَ، الأديب والمُفكِّر السُّوداني قُصي هَمَرَور شيخ الدّين في مقالٍ نقديٍّ-تحليليٍّ له بعنوان "مانديلا: القصة الواقعية أجدى من الأسطورة" كان قد نشره في مُدوَّنته على الشبكة الإلكترونية الدولية التي شاء صاحبُنا قُصَيْ أن يُطلِقَ عليها اسم "سُرادق" (أنظر http://suraadiq.blogspot.co.uk/2013/12/blog-post.html.
ثُمَّ إنِّي (من باب قول الأشياء صراحةً وتسميتها مباشرةً) أرى، بخلافِ، أو فوقَ، ذلك، أن تضمين ذاك الفصل، عن نيلسون مانديلا، في ذاك الكتاب، لم يكن، عِنْدِي، بالشيء المناسب أو المُوفَّق أو قُلْ هو(بتعبيرٍ آخرٍ قد يَنْزَعُ أكثرَ نحو الحياديَّةِ) قد بدا لي، ببساطةٍ، شيئاً "ليسَ في مَحلِّهِ". لِمَ؟ ذلك، أولاً، لأن نيلسون مانديلا، مع تقديرنا لشخصه الشهير، ليس هو، على الأدق، أو الأرجحِ، أديباً، أو كاتباً إبداعيَّاً، بالمعنى الحقيقي العميق للأديب، أو الكاتب الإبداعي، وإنما هو ناشطٌ سياسيٌّ، في الحُسبَانِ الأوَّلْ. وثانياً، لأنني أرى أنه كان من الأجدر بالكتابِ إيَّاهُ أن يُبَدَّلَ فيه الفصل عن نيلسون مانديلا بفصل أقرب، في سيماه ومحتواه، إلى ما كُنتُ قد أملتُ، آنفاً، أن يكون عليه الكتاب من اتخاذ نهجٍ معرفيٍّ –تحليليٍّ وذلك خَلَلَ تقديمه لنفسَهُ، بفصلٍ أوَّلٍ آخر بديل عن فصله الأول الحالي تُعرَّفُ فيه، كما ورد سابقاً في هذا المقال، بإجمالٍ مُوجَزٍ، أو بليغٍ، "البطولة"، كثيمة أسطورية، أولاً، وكمعنى اجتماعي وسياسي، ثانياً"، على أن يَعُوجُ الفصلُ إياَّهُ، من بعدِ ذلكَ، نحو "الأدب" حيثُ يشتغلُ "على تعريفٍ وتوصيفٍ عام لما يراه على أنه "فلسفةً للأدب ووظائف اجتماعية وسياسية، أخلاقية وإنسانية، وتثقيفية/معرفيَّة، ممكنة له"، وذلك، كما أشرتُ أعلاه، "على غرارٍ معرفيٍّ وتحليليٍّ موازٍ لذاك الغِرَار الذي جرى عليه، مثلاً، (وأنا هنا أتحدّثُ على سبيل التمثيل، فحسب، بأنموذجٍ كتابٍ معاصرٍ في تاريخ الفلسفة والأدب معروفٍ وجهيْرَ الصَّوتِ خطر لي الآن اسمه، وللآخرين، طبعاً، تصور نماذج لكتب أخرى موازية له، في اهتمامه، إن يشاؤوا) الفيلسوف الوجودي الفرنسي جان بول سارتر (1905م- 1980م) في كتابه المعاصر الشهير المسمَّى "ما الأدب؟"...".
ولئن يسألَنَّ سائلٌ هنا عمَّا يُمكن للمؤلِّف أن يفعلَهُ بفصل كتابه الأول عن نيلسون مانديلا، من بعد استبعاد الفصل إيّاهُ من كتابِهِ الحالي، سأُجيبُهُ، حينَها، بأني أقترح على د. عمر مصطفى شُرْكِيَّان هنا (إن تتبقَّى في العمر عافيةٌ ويَنْعَدِلُ مِزاجٌ) تضمينَ ذاتِ الفصلِ في كتابٍ آخرٍ جديد عن شخصيَّاتٍ أفريقيَّة تجسَّد فيها مفهوم البطولة، ببعديه الاجتماعي والسياسي، بحيث غدت رمُوزَاً مُوحيةً وفاعلةَ الأثرِ النفسي والرُّوحي في المخيَّلة الشعبيّة الأفريقية، وربّما، في بعضٍ الحالات، في المُخيّلة الشعبيَّة غير الأفريقية كذلك وذلك، عموماً، بمعنى الاستلهام الإنساني و"الثوريِّ" العام الذي ارتبط، على سبيلِ المثالِ، بسيرةِ كِفاح الزعيم الأفريقي الرَّاحل نيلسون مانديلا.
وفي فصل الكتاب الثاني، "إيقاعاتُ طبُولٍ في الليل"، عرض المؤلف، بحسب توصيفه الموجز في "على سبيل التمهيد"، أطراف من سير بعض رواد الفن والموسيقى الأفريقيين فيما في الفصل الثالث، "وقائع استبسالات منسيَّة"، أورد المؤلف، وفق عبارات ذات "التمهيد"، "نماذج من شخصيات أفريقية ناضلت وكافحت في سبيل الحرية، ومن أجل الانعتاق من ربقة العبودية" (على سبيل التمهيد، ص. 31). أما الفصل الرابع، والأخير، من الكتاب، فقد شاء له المؤلف، كما قال، أن يكن ضاماً لما سماه المؤلِّف- كما في عنوان الكتاب- "ملامح" أو- كما سمَّاه، ممَّا ليس في عنوان الكتاب- "شذرات من إبداعات الأفارقة في المجالات الأدبيّة المختلفة" (على سبيل التَّمهيد، ص. 21).
دعنا، الآن، نُمضي على سبيل مواصلةِ ما قد رأيناه في شأن الكتاب، عامَّة، وفي شأنِ تمهيدِه وفصله الأوَّل، خاصَّةً، فنُفصِّلُ، من باب التَّتِمَّةِ والعطفِ على الكلام الرئيس الذي سبق، قليلاً من القول النقدي في خصوصِ فصول الكتاب الأخرى، الثاني والثالث والرَّابع الأخير. ثم نعوجُ، قُبيلَ خَتْمِ هذا المقالِ بجُملةٍ عامَّةٍ مُوجزةٍ عن الكتاب الذي يستَعرِضُهُ، إلى نثرِ قِلَّةٍ ممَّا فاتنا من الملاحظات الأخرى الممكنة عنه.
إن أول ما نُثبتُهُ (أو، على الأدقِّ، نُعيدُ إثبَاتَهُ)، على ذاك السّبيل، هو أن كُلَّ ما ذكرناه آنفاً، في هذا المقال، عن نهجِ تأليف ولغة كتاب د. عمر مصطفى شُركيَّان هذا، وعن غياب ما وصفناه ب"النَّهجِ المعرفيِّ-التّحليلي" عنه وغَلبَة اللُّغة الكلاسكيَّة الإنشائيَّة الوصفيَّة عليه، مع الإقرار هنا بجزالة تلك اللغة وطرافة استخدامها وتطويعها لأغراض التأليف من قِبَلِ المؤلِّف في مواضع ليست بالقليلة من سِفرِه الكبيرَ الحجم، ينسحبُ، في جُملتِه، على فصول الكتاب الثاني والثالث والرابع بذاتِ جِمَاعِ (وقُوَّةِ) القَدْرِ الذي ينسحبُ به على الفصل الأول، وما قبلَهُ، من الكتاب. وثاني ما نراه، ونُعْجَبُ منهُ، على ذاتِ السَّبيلِ، هو أن ما سَمَّاهُ المؤلِّف "الملمح الأول" من الفصل الثاني من الكتاب، "إيقاعاتُ طبُولٍ في الليل"، وجاء تحت عنوان ""أهازيج الحرب الأهليَّة" لديبي غراف: النُّوبة في زمن الغناء من أجل البقاء"، لا نكاد نجد فيه صلة بارزة ومتَّصِلَة بين العنوان إيَّاهُ ومحتوى ما فُصِّلَ تحتَهُ من أحاديثٍ سوى في الصفحة الأولى والثانية والأخيرة ممَّا يلي العنوان المعني (الصفحات 179 و180 و186 من الكتاب). والشيء الثالث، سأقوله في شكل سؤال بسيط يشمل شأنه الفصل الثاني كله، في الحقيقة: هل يسمح إطار العنوان، الذي وُضعَ كدالٍّ موجزٍ على المحتوى العام للكتاب مدار الحديث، والذي هو"بطولات وملامح من الأدب الإفريقي"، من حيثُ المبدأ، بإيلاج أية حديث عن الموسيقى والغناء في أفريقيا في الكتاب إيَّاه، حتى في حالة ارتباط تلك الموسيقى، وذاك الغناء، بمعنى "البطولة"؟ أعتقد لا، وذلك، ببساطة، لأن الموسيقى والغناء يُعدان، كإبداعين صوتِيَّين، في الأساس، من الفنون وليسا من الأدب أو، بالأحرى، الآداب. نعم، أفهمُ أنه ينبغي عليَّ أن أستدرُكُ، على سبيل الدِّقَّةِ، ما قلته قبل وهلة وأقرُّ هنا بأن هنالك كتابات داخلةً في شأن الموسيقى والغناء (وهي، ابتساراً، الكلمات التي يُغنّيها المغنى وتُدغَمُ مع الموسيقى أو تُدغَمُ الموسيقى معها)، ذات حروف وكلمات مُنسوجة على نحو مُخالفٍ، على هيئة ما، أو أخرى، لنحو الكلام النفعي التقريري اليومي العام، لذا هي تُعدُّ، بصورةٍ عامَّةٍ، أدباً، كما وهي قد تُعدُّ،على تفاوتٍ في تقدير القيمة الجمالية لكلٍّ كتابةٍ بعينها منها،إبداعات أدبيَّة، كذلك. وذلك، فيما هو واضحٌ، يستدعي، بالترابط، إقراري، أيضاً، بأن لمؤلِّفِ "بطولات وملامح من الأدب الإفريقي"كامل الحقَّ، بحسب إطار عنوان كتابه الذي ألزمَ نفسه بهِ، أن يُولِجَفي مجالَ دراستِهِ في الكتاب إيَّاه، إن يشاءَ،الأفريقيَّاتِ من أمثال تلك الكتابات/الأشعار ذات الصلة بالموسيقى والغناء، كما وشخصيات مؤلِّفيها، متى ما يستشفُّ صلاتٍ ما، أو أخرى، للكتابات/الأشعار إيَّاها، كما ولشخصيّاتِ مؤلِّفيها، بثيمة البطولة.
أظن هنا أن جُمْلَةَ ما أثبتَّهُ، ورأيتَهُ، أعلاه، عن الفصل الثاني من الكتاب،تُغنيني عن الحديث عن بقية أجزاء ذاك الفصل التي وسمها المؤلف، اتِّبَاعاً لمَجْرَى الجزء الأول من ذاتِ الفصل، بسمت "الملامح" ورتَّبَها كالآتي: "الملمح الثاني: أصدح إنَّك لفي أفريقيا"؛ "الملمح الثالث: على هامش المقارنة: فيلاكوتي وجون لينون"؛ "الملمح الرابع: ثيساريا إيبورا.. مغنية الرأس الأخضر الشهيرة في باليه "مورنا".."؛ "الملمح الخامس: بوب مارلي.. حياة الرجل الشُّجاع على الحافة السياسية".
ولئن نعوجُ على الفصل الثالث من الكتاب نلقَى أنَّ المؤلّْفَ، د. عمر مصطفى شُركِيَّانَ قد وشَّحَهُ باسم "وقائع استبسالات منسية" وطواهُ على سِتَّةِ ملامحٍ متواليةَ العناوينِ كالآتي: "الملمح الأول: "النَّهر الإله" لويلبر اسمث.. عبوديَّة الرَّجل وجلالة مواهبه"؛ "الملمح الثاني: الأفارقة في التمرّد الهندي: الأبطال في حومة الحرب وغمراتها"؛ "الملمح الثالث: هارييت توبمان.. حينما يكون الجنرال امرأة سوداء"؛ "الملمح الرابع: "أميستاد" لسبيلبيرق: أعطونا الحريَّة! أعطونا الحرية!"؛ "الملمح الخامس: "سولارا" للفيتوري: أحزان إفريقيا في مسرحيَّة مأساويَّةَّ"؛ "الملمح السادس: "قلب الظَّلام" لجوزيف كونراد.. عنصريَّة الرَّجُل الأبيض في رواية".
يبدو أن هذا الفصل قد اقترب، أكثر من سابقيْهِ، من الولوج في لب، أو مركز، ثيمتي الكتاب المتمثِّلتَين في "البطولة" و"الأدب" أو، على الأدقِّ، في تجسُّدات وتمثُّلات مختلف معاني وقيم البطولة، السياسية والاجتماعية، في الأدب الأفريقي، سواءً يكن ذلك على نحوٍعصريٍّ واقعي وملحمي أو مستلهمَاً للتراث والأدب الشعبي الأفريقي الفولكوري والأسطوري، سيَّمَا وأنَّهُ قد أُدْخِلَتْ فيه- لحُسنِ التَّوفيق- الأربعة "ملامح" عن رواية ويلبر اسمث، "النَّهر الإله"، هارييت توبمان وسيرتها التي ألفتها- أدبياً- في كتابٍ باسمِ "مشاهد في حياة هارييت توبمان"، مسرحيَّة محمد مفتاح الفيتوري الشِّعريَّة، "سولارا"، ورواية جوزيف كونراد، "قلب الظَّلام"، من جِهَةِ كونها روايةً مُجسِّدَةً، من حيثُ منظُورِ مؤلِّفِ الكتاب، ل"عُنصريَّة الرَّجُلِ الأبيض" (وذلكم اتِّهامٌ طالما رُدِّدَ وقُذِفَ به، من قبل ناقدين أدبيين من ذوي "الوعي الأسود Black Consciousness"، جُملتُهُم من الأفارقة والأفارقة الكاريبيِّين والأفارقة الأمريكان، في وجه رواية "قلب الظلام" لجوزيف كونراد).بيد أن ذاك الفصل، معكل ذلك الذي قد قِيْلَ و"فُعِلَ" من قِبَلِي في هذا المقال آنفَاً، ما يزال، في تصوُّرِي، بعيداً، بعض الشيء، أو دعنا نقُلْ بمقدارٍ أقلَّ من الفصلين اللذين سبقاه، عن الانطواء على جُملَةِ ما قد أملناه، في جِمَاعِ سَابِقِ كتابة هذا المقال الاستعراضي، منه في أن يكن عليه.
وفي باب حديثنا ما قبلِ الأخير، بقليلٍ، عن مُؤَلَّفِ د. عمر مصطفى شُركِيَّان هذا، سنقُل شيئاً جَدَّ مُوجَزٍ عنفصلِهِ الرَّابع والأخيروهو، جُمْلَةً، أن ما بذلناهُ آنفاً من حديثٍ عن الفصل الثالث من الكتاب إيَّاهُ ينطبقُ،بذات نوعِ ومقدار الدقِّةِ والتعيين، على الفصل الرابع، والأخير، منه. بلي، إننا نقرُّ هُنَا بأنَّ ذاك الفصل، من ذاك الكتاب، والذي شاء المؤَلِّفُ أن يختار لهُ اسم "شذراتٌ من إبداعات الأفارقة"، قد افتُتِحَ بجُملةٍ ذكيَّةٍ ومنسجمةً، بل ومتناغمةً، تماماً مع موضوع الكتاب المأمول عِنْدَنَا، وفق رؤيتنا له، إذ جاء في الجُّملةِ إيَّاها، التي ألَّفتْهَا ماري القُصيبي (ونُشِرَت، كما أورد مُؤَلِّفُ الكتاب، بصحيفة "الحياة" اللندنيَّة في يوم الخميس، 7/6/2012م، وبالعدد 17961)، أنَّ "بعضَ الكتابةِ جلدٌ ذاتيٌّ، وبعضها ثأرٌ من حياةٍ تركت تلك الجِّرَاح التي تنزُّ أسىً ومرارةً، وبعضها ولادة من رحم المعاناة". بيد أننا نعودُ فنقولُ، في ذاتِ المُتَّصَلِ، أن "ملامح" الفصل المعني الثالث، "عثمان سمبين.. الروائي والأب الرُّوحي للسينما الإفريقيَّة"، والرابع، "تشنوا أشيبي.. الأب الرُّوحي للأدب الإفريقي"، والخامس، ""رجل الشّعب" لأشيبي: الفجر الكاذب في نيجيريا ما بعد الاستقلال"، والسادس، ""النفط على الماء" لهيلون هبيلا: الفساد والكارثة البيئيَّة في دلتا النيجر"، قد كانت هي الأدخَلَ منه في معنى تلك الجُّملة الذكيَّة، كما وفي الاقتراب أكثر "من الولوج في لب، أو مركز، ثيمتي الكتاب المتمثِّلتَين في "البطولة" و"الأدب" أو، على الأدقِّ، في تجسُّدات وتمثُّلات مختلف معاني وقيم البطولة، السياسية والاجتماعية، في الأدب الأفريقي، سواءً يكن ذلك على نحوٍ عصريٍّ واقعي وملحمي أو مستلهمَاً للتراث والأدب الشعبي الأفريقي الفولكوري والأسطوري".
ومن بعدِ وضع خاتمة مُؤَلَّفِ د. عمر مصطفى شُرْكِيَّانِ هذا جانباً (بحُسبَانِ أنَّه في الغالبِ لن يكن هنالك، بخلافِ كل ما سبقَ بذلَهُ أعلاه من جُمْلَةِ كلامٍ بشأنِ الكتابِ، المزيدُ الجَّدِيْر قولُهُ بشأنها) تَتَبَقَّى، لهذا الاستعراض، بضعة ملاحظات صغيرة أخرى، قبل كَفكَفَةِ أطرافِهِ بجُملتِهِ الموجزة الخاتِمَة.
من تلك الملاحظات أن الكتاب لم يُخصص "ملمحاً" منه للكاتب والناشط المدني المدافع عن حقوق شعب الأوغوني بدلتا النيجر بنيجيريا، في ذات الوقت، الشهيد كين سارو-ويوا Ken Saro-Wiwa الذي اغتاله نظام ساني أباشا العسكري في نيجيريا في العام 1995م، سيّما وأنه تتجسّدُ فيه، وفي أدبه المكتوب (مثلُ حكاية ليمونة Lemona's Tale، على سبيل المثال)، ثيمة "البطولة" وتمثُّلات مختلف معانيها وقيمها الاجتماعية والسياسيّة. أيضاً كان من الممكن للكتاب أن يشمل شيئاً من الحديثِ عن نماذجٍ من الأدب السوداني-الأفريقي جُسِّدت فيها معاني وقيم البطولة الاجتماعية والسياسية كما تمثَّلت في شخصيات تاريخية سودانية-أفريقية كلاسيكيَّة (كسلطان المساليت تاج الدين الذي أبدى بطولةً فذة في مواجهة الفرنسيين بحدود السودان الغربية وكتب عنه، على ما أذكر، الشاعر السوداني المعاصر عالم عبّاس محمّد نور قصيدةً رائعة) أو معاصرة (مثل القائد يُوسف كُوَّة والدكتور جون قرنق دي مبيور ود. خليل إبراهيم مُحمَّد، على سبيل المثال). ومن الملاحظات الأخرى لي عن الكتاب أنه، كذلك، لم يشتمل على استعراضٍ تحليلي لنماذج أدبية جُسّدت فيها بطولة الزعيم الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا، سيّما وأن الكتاب كان معنيَّاً كثيراً به، بسيرته، ومسيرته، كأحد الأبطال الأفريقيين الرواد في مكافحة نظام التمييز العنصري بدولة جنوب أفريقيا. (وألفت نظر المُؤَلِّف د. عمر مصطفى شُركِيَّان، في هذا السِّياق، إلى أن لدي الكاتب النيجيري وُولِيسوينكا Wole Soyinka مجموعة شعريَّة بعنوان "أرض مانديلا وقصائد أخرىMandela's Earth and other poems (1988)").
وعلى سبيلِ إثباتِ الجُّملَةِ الخَاتمَةِ المُكَفْكِفَة لأطرَافِ هذا الإستعراض، والمُكَبْسِلَةَ لجِمَاعُ خاطراتي الآنِفَةَ البَسْطِ، عن مُؤَلَّفِ د. عمر مصطفى شُرْكِيَّان هذا، يُغْنِيْنِي، فحسب، تكرارُ جُمْلَةً قلتها عِنْدَ استهلالِيَ لهذا الاستعراض وهي أن النَّهج الذي جَرَى عليه د. عمر مصطفى شُركِيَّان في تأليفِ كتابه المعني يُصيِّرُهُ، في حُسبَانِيَ الخاص، "مُناسبَاً، لا أقلَّ ولا أكثَرَ، للإيفاءِ بالقصدِ العام الرئيس الكائنِ، أصلاً، وراءَ جُهْدِ تأليفِ مقالاتِهِ المختلفةِ، ومن ثَمَّ تجميعها، لاحقَاً، بين دفَّتَي هذا السِّفْرِ الذي بين أيدينا؛ ذلك القصد المتمثِّل، على وجه التعيين، في تمكين القارئ العام، وغير المُتخصِّص، في السياسة أو في الأدب، من تمثُّلِ، أو استيعابِ، صورة وصفيَّة عامَّة لما يَتوسَّم فيه المؤلِّف، د. عمر مصطفى شُركِيَّان، في مؤلَّفِهِ المعنِي، من "ملامح" تشي ب"تمجيدِ فعل البطولة"، مبثُوثَةً في مُخْتَلفٍ من توصيفاتٍ أدبيَّةٍ/فنيَّة خطَّتْهَا، شعراً أم سرداً نثريَّاً خالصَاً، أقلامُ من شاءَ انتقائهم، من الكُتَّاب الأفارقَة، لغرضي التعريف والإشادة الوصفيَّة في كتابه الذي يُعنى هذا الاستعراض الحالي بتقديمه لعموم قرائه المُمكِنِين".
إبراهيم جعفر
* صدرت الطبعة الأولى للكتاب المعني عن مطابع شركة أيم بي جي العالمية MBG (INT) Ltd، بلندن، المملكة المتحدة، وفي العام 2014م. صمم غلاف الكتاب حامد آدم حلُّوف وتكفَّلت الشركة الطابعة بإخراجه، فَنِّيَّاً.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.