ربما هى أكبر عملية أفصاح عن توجهات الحكومة فى المرحلة القادمة، هكذا جاءت تصريحات الرئيس البشير لصحيفة الأتحاد الأمارتية أبان زيارته لدولة الأمارات لحضور معرض ( ايدكس) ، الموقف الذى أعلنه الرئيس البشير من التنظيم الدولى لجماعة الأخوان المسلمين ليس جديدا تمامآ ، فقد حامت شكوك حول تصريحات مماثلة سابقة ، لعدم ( وقع الحافر على الحافر)، وعلى الأرجح فإن هذه التصريحات قد تم توقيتها بعناية ، ذلك أنها تأتى بعد زيارة السيد مساعد رئيس الجمهورية بروفسير غندور إلى أمريكا ، وقبل زيارة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى للسودان فى مطلع مارس المقبل ، الرئيس البشير أكد أن السودان يتفهم كل الظروف التى دفعت عددا من الدول الخليجية إلى إدراج جماعة الأخوان المسلمين ضمن الجماعات الأرهابية المحظورة وقال ( لايمكن لأى دولة أن تقبل تقسيم أبناءها لولاءاتهم بين الداخل والخارج )، وأكد على ( الرفض القاطع لظهور الطابع الدولى لجماعة الأخوان المسلمين وهو مايعرف بالتنظيم الدولى للأخوان المسلمين ) ، ذلك أن جماعة الأخوان المسلمين والتنظيم الدولى للجماعة متورطة فى زعزعة أمن الدول الخليجية ومصر وهى بلاشك تعبث فى ليبيا وتهدد الشمال الأفريقى ، فى ذات الوقت هذه الجماعة ضالعة ومشاركة لاسباب غير معروفة فى الحرب على المناطق السنية فى العراق متحالفة مع المليشيات الشيعية مما أصبح يشكل خطرا متزايدا على دول الخليج والأردن ، الحكومة وحزب المؤتمر الوطنى قادا عملية تمويه ضخمة تحت مسمى ( الحوار) فى محاولة لاحتواء وأستيعاب المؤتمر الشعبى بهدف أستبعاده من المعارضة ودمجه فى الحكومة بحيث لايرجى منه لامعارضا ولاحاكما ، ذلك فى إطار ترتيب البيت الداخلى من أجل أستحقاقات خارجية ملحة ، وذلك لأضفاء مسحة من المصداقية ضرورية بعد أبعاد الحرس القديم والنافذين من القيادات وإظهار أكبر قدر ممكن فى التملص من الفخاخ الأيرانية وذلك بعد أغلاق المركز الثقافى الأيراني والمدارس والحوزات الشيعية ، نقطة ضعف الحكومة فى هذه السياسة تتمثل فى أنها تنظر بعين وأحدة ، الثابت ان الأنفتاح الخارجى لا يمكن أن يحقق نتائج ايجابية دون اصلاحات داخلية ، ولاشك أن الحكومة وكما تفعل تدرك أن العالم عبارة عن أوانى مستطرقة تحكمه أجهزة المخابرات ، فاى مدخلات ذات قيمة فى أى حراك للحكومة يرصد فى عواصم عديدة بغرض الحصول على نفس القيمة، فمهما كان سقف ماحدث فى الأمارات يكون مساويا له فى الأرتفاع فى الرياض أو القاهرة أو وأشنطن ، المتابع للاوضاع لا يمكن الا ان يرصد ردود فعل داخلية ، معرقلة او ترسل رسائل محددة، ربما رد فعل المؤتمر الشعبى لن يتجاوز زيارة قام بها الدكتور الترابى للمركز العام للأخوان المسلمين ، فى كل الأحوال فإن مصالح البلاد العليا هى فى أى تقارب عربى وتحت أى مسمى أو بدون مسمى ،و لعله من نافلة القول ان الاهم يعلو درجة على المهم ، فالاصل فى استعادة البلاد لوضعها الاقليمى و الدولى و تحسين الاوضاع الاقتصادية المتدهورة هو فى حل المشكلات الداخلية ، ربما يساعد على هذا ان يعلن الرئيس البشير نأيه عن الشأن الحزبى ، لا سيما وقد تم ترشيحه من لجنة قومية فلا اقله ان يكون رئيسآ قوميآ لكل السودانيين ، بهذا ، و ان حدث هذا، فان الرئيس البشير يكون قد عبر بالبلاد اخطر محطاتها . [email protected]