الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد الامين وآله وصحبه وسلم. كل نفس ذائقة الموت. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون. اللهم اغفر وارحم لعبدك التوم محمد التوم الذي كان من المناضلين الافذاذ الصابرين على المكاره الصادحين بقول الحق وواحد من جيل القادة العظماء بالحزب الاتحادي الديمقراطي والسودان الذين فتحوا قلوبهم وبيوتهم للناس دون النظر الى انتماءآتهم او أماكنهم فقد كان يرحمه الله ممن حمل هموم اهله الذين شرفهم بتمثيلهم نيابيا وهموم وطنه الذي شرفه بان كان من اشهر واكفأ وزراء اعلامه في عهد الديمقراطية الثالثة وقد وقف بالمرصاد في تلك الحقبة ضد هيمنة وسيطرة الهوس الديني والعقائدية المتطرفة على مفاصل الحياة السياسية في ذلك الوقت ،وقدمثل هو والراحل ابو حريرة رموزا من رموز العفة والطهر والنقاء والوقوف جانب الحق فكانوا مبعث فخر واعزاز للحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يمثل الوطنية الوسطية دون تعصب فكانوا امتداد لذلك الرعيل من جيل الشرفاء الهندي وأبو حسبو ورفاقائهم من القادة الصادقين . فلا غرو وهو الذي تخرج من مدرسة الشريف حسين وكان بجانبه في فترة النضال الشرس ضد ديكتاتورية مايو حتى توج ذلك بالنصر المؤزر يوم ان نشر اعلام الحزب في مثل هذه الايام من شهر مارس 1985م فامتلأت الخرطوم بشباب الانتفاضة الذين انطلقوا من بيت التوم ببحرى المذاد يرددون (عائد عائد يا اكتوبر مبادئ الازهري لن تنهار فوق فوق سودانا فوق )وما علموا ان اياما كهذه التي نعيشها الان ستمر على السودان ينتقل فيها الشرفاء من حزن الى حزن بفقد مثل هؤلاء وتنكس فيها اعلام الوطن فيدور في فلك التبعية والانكسار وتتقطع به الأسباب و ينتقص من اطرافه ويشرد شبابه فيهيمون في المنافي. ان موت مثل هؤلاء القادة الصابرين يعلمنا ان هذه الحياة لا تدوم وتبقى الذكرى الحسنة فصمود وعزيمة الرجال على مبادئهم درس بليغ لكل الاجيال ونبراس يهتدى به فقد خرج هذا الرجل من السودان يرفع بيده راية النضال والتصدي ضد من تأمروا على الديمقراطية والوطن منذ ما يقارب سبعة وعشرون عاما فلم تسقط هذه الراية ولم ترتجف اليد التي رفعتها منذ ذلك الأمد حتى سقط دونها بين طعن القنا وخفق البنود . لقد عرفت الرجل طوال هذه السنين مناضلا عف اليد واللسان فلم يذكر انسان بسوء مهما كانت درجات الاختلاف معه وساعد كثيرا من الشرفاء الذين إضهدوا في وطنهم فخرجوا منه مجبرين مقهورين فاجارهم و وجد لهم الملاذ الامن والعيش الكريم بما كان له من جاه وعلاقات واسعة مع البريطانيين . عرف يرحمه الله بتواضعه وبساطته فجسد شخصية ابن البلد الاصيل فكان بيته مفتوح في المزاد وان كان في لندن والعكس فبيته في لندن يزدحم بالزوار والضيوف واصحاب الحاجات ،كان بارا بأهله في القرير التي احبها فابدله اهلها حبا بحب ونهل من تراثها فاكسبته الحكمة والحنكة والصبر والتواضع الا رحم الله أبا زياد وعوض الوطن بفقده خيرا. فقدنا برحيلك المحزن واحدا من فلتات الزمان النادرة ونموذجا من جيل الاخيار الذين كان همهم الوطن فلم يبيعوا ولم يرهنوا وثبتوا حتى لقوا الله أوفياء. اللهم جازه احسانا باحسانه يوم يجزى الله الصادقين بصدقهم ،اللهم انزله منازل الصديقين والشهداء وافرش قبره بالسندس والاطلس كما كان يفرش دروب الناس بالورود والرياحيين والحب إنك جواد أفضال كريم. [email protected]