من مفارقات هذه البلاد أن الخرطوم التي ترقد بين نيلين لا تنقطع عنها أزمة المياه التي تتجدد كل مرة بشكل أسوأ من قبل، حسب الزميل عوض صديق على صفحته في الفيسبوك تراوحت أسعار برميل المياه في أحياء الصحافات وجبرة والسلمة والأزهري والامتداد وعد حسين ما بين 35 - 55 جنيهاً للبرميل الواحد، بل هناك مناطق تنعدم فيها حتى براميل المياه، تجاوزت الأزمة اليوم الثاني في بعض المناطق، وهناك أحياء أخرى سبقتها في المعاناة حتى كادت أن تتكيف على هذا الوضع القاسي، هيئة المياه في ولاية الخرطوم لم تتكرم حتى بتوضيح كعادة أية مؤسسة حكومية، هي ذات الهيئة التي اتهمت المعارضة بقفل "البلوفة" حينما تفجرت أزمة مياه بري التي أحدثت احتجاجات واسعة، تلك الأزمة التي بان في أحد وجوهها ترف الوزير السيادي في المياه، الذي يقطن ذات المنطقة، اللا مبالاة التي تتعامل بها السلطات مع المواطن- وحدها- كافية لانفجار الغضب أكثر مما تسببه الأزمة ذاتها، حتى الآن لا أحد يملك معلومة عن سبب الأزمة، وكأنها لُغز، كما لم تتكرم الهيئة بأن ترمي بأي توضيح ولا ينبغي أن نقول اعتذار بالتأكيد ولا مجال لذلك، لكن يبدو أن السلطات استكانت لطريقة اللا مبالاة في التعامل مع واجباتها تجاه المواطن، واستكنا نحن كذلك، البلاد تسير على أعتاب انتخابات بينما "الأصوات" بحت من النداء المتكرر لتوفير أبسط خدمة، والتي جُعل منها كل شيء، هل باتت الخرطوم التي تحتضن النيلين منطقة قصية عن مصدر المياه، هل بات جلب الماء من النيل مباشرة أفضل وأقرب وسيلة لتوفير المياه مدفوعة القيمة العالية، يحدث هذا ولم يشتد الصيف الذي تكاد تنعدم فيه المياه فكيف يكون الحال إذا بلغنا منتصف الصيف، بل إن كل هذه الأسئلة تبدو بسيطة حينما نطرح التساؤل الأكبر بعيدا عن دور الهيئة المتواضع أو عجز حكومة الولاية عن توفير خدمة مياه على مدار العام، إذا ما نظرنا إلى الأزمة في كلياتها، تتزامن أزمة مياه مناطق جنوبالخرطوم وغيرها مع التوقيع على وثيقة تأريخية بشأن سد النهضة الإثيوبي أُحيطت بسرية بالغة بالكاد اطلع عليها الموقعون- فقط- سد النهضة الذي من المقرر أن يختزن نحو 73 مليار متر مكعب من المياه عند اكتماله 2017م، كيف يكون الحال بعد ذلك، بالمنطق كيف يكون؟. [email protected]