جاء في الاخبار ان الحكومة تفكر في استجلاب اطباء من بنغلادش لسد النقص بعد ان هاجر حوالي 60% من من العدد المسجل والبالغ 22 الف طبيب. ومن قبل كشف جهاز تنظيم شئون السودانين العاملين بالخارج عن هجرة (50) الف سوداني خلال النصف الاول من العام الماضي 2014، بينهم (2) الف من الاطباء وأستاذة الجامعات.وحسب احصائية وزارة العمل فان فان معدل الهجرة السنوي هو في حدود المائة الف . وان الوزارة علي سبيل المثال عندما حصلت علي وظائف معلمين في دولة قطر تقدم لها خمسة الف معلم استوفي الفان منهم الشروط المطلوبة .كذلك فقد أقر الامين العام للجهازحاج ماجد سوار لدى لقائه رئيس المجلس الوطني السوداني في اغسطس الماضي أن جهاز المغتربين يستقبل يومياً حوالي (8) آلاف معاملة منها (6) آلاف تأشيرة خروج. وفي هذا السياق فان صورة الالاف من الشباب التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي و الذين احتشدوا واصطفوا امام السفارة القطرية للتقديم لاربع وظائف كفنيين في الجيش القطري كانت كافية لعكس احوال واوضاع شباب السودان ولهي ابلغ تعبير عن رغبة اهل السودان لترك ومغادرة البلاد الي اي مكان في العالم بما في ذلك اسرائيل . ومع ارتفاع عدد المهاجرين المسجلين حذر خبراء وطنيون من خطورة الوضع الذي وصفوه بالمخيف. خاصة وان المهن كالطب والتعليم والهندسة تقف في أعلى سلم الهجرة، فقد بلغ عدد المهاجرين من الأطباء خلال الفترة الأخيرة نحو 5028، بينما بلغ عدد المهاجرين من المهن التعليمية خلال العام الماضي نحو 1002. وفي هذا الصدد كشف جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج عن هجرة (270) ألف سوداني ، أغلبهم أطباء ومهندسون وأساتذة جامعات ، في ال (3) أعوام الأخيرة . هذا ودون أن يتعمق في الأسباب التي تدفع بهذه الكفاءات النادرة إلى مغادرة البلاد حذر حاج ماجد سوار الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج من مخاطر هجرة العقول والكفاءات النادرة . وقال في حديثه أمام ملتقى المرأة المهاجرة بالخرطوم : (يمكن أن يطلق على هذه الهجرة هجرة العقول والكفاءات النادرة فأعداد كبيرة من المهاجرين هم أطباء ومهندسين وأساتذة جامعات وغيرهم من المهنيين ).والتي يفترض ان يطلق عليها استنزاف العقول السودانية . هجرة الكوادر والكفاءات السودانية لا تشكل فقط هاجسا للمخططين الاقتصاديين والخبراء الاستراتيجيين وكافة المؤسسات الرسمية والخاصة وانما تصبح مصدر قلق وخوف لكل من اؤتي نصيب من العقل وقليل من ملكة التفكير السليم خاصة وان اثارها وووطاتها يحسها المواطن العادي في تدني وتدهورالاداء في كل مناحي الحياة . الموجة العاتية الاولي للهجرة بشكل جماعي قد تزامنت مع سيطرة الاسلام السياسي علي الحكم في السودان وما صحب ذلك من فصل وتشريد وكبت للحريات واعتقال وتعذيب وانتشار العطالة والتمييز في الوظائف والتوظيف . اما الموجة الثانية للهجرة الجماعية فتؤرخ بانفصال الجنوب وتردي الاوضاع الاقتصادية وحيث ارتفع عدد المهاجرين المسجلين إلى أكثر من 94230 سودانيا خلال العام 2012 مقابل 10032 عام 2008، وفي هذا الصدد حذر خبراء وطنيون من خطورة الوضع الذي وصفوه بالمخيف. وفي راي أستاذ الدراسات الاجتماعية مثلا د.عبد الرحيم بلال ان هجرة الكوادر السودانية هي انعكاس ا للأوضاع الداخلية والسياسات الاجتماعية والاقتصادية "الطاردة". وفي حديثه للجزيرة نت قال إن الانهيار الاقتصادي الذي تعانيه البلاد "فتح، ويفتح الباب لهجرة كافة الطامعين في إصلاح أوضاعهم الاقتصادية,عازيا هجرة الكوادر المدربة والمؤهلة "لتدمير البني التحتية للمشاريع القومية الرئيسية".واتفق الخبير الاقتصادي د.التجاني الطيب مع من اتهموا الحكومة بالتقصير، مشيرا إلى وجود بطالة بين الخريجين والشباب قدرت رسميا بنحو 26%.ورأى أن تردي الأوضاع المعيشية والضغط الأسري أفضى لمحاولة إيجاد بدائل تعين على مواجهة ظروف مفروضة على الجميع.وقال إن السياسة الاجتماعية والاقتصادية الخاطئة أصبحت لا تتماشى مع طموحات الشباب وتطلعاتهم خاصة في مجالات الحرية والاندماج مع التطور.ونبه إلي تأثير الكفاءات المهنية من الأطباء والمهندسين والعمال المهرة في تطور الاقتصاد، مشيرا في الوقت ذاته إلي معاناة الاقتصاد السوداني من عدم وجود الكوادر المؤهلة. ويضيف أن هجرة آخرين تعني مزيدا من التدهور الاقتصادي ومزيدا من التضخم. ما قيل اعلاه هو مجرد حلقة من حلقات مسلسل التمكين وبطولة القوي الامين وصفحة حديثة من يوميات تدهور احوال الاوطان وانحطاطها في كل المجالات كنتاج طبيعي لفشل المشروع الحضاري .وسقوط شعارات ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع ؟!. واول حلقة في المسلسل واول صفحة في دفتر اليوميات ترجع الي ليلة الثلاثين من يونيو 1989 حيث تحركت بليل مليشيات الجبهة القومية الاسلامية وعناصرها داخل القوات المسلحة منهية الممارسة الديمقراطية الوليدة بالغاء الدستور وتجميدالاحزاب وتعطيل الصحف وحل البرلمان ومصادرة حريات الراي وحقوق التعبير والتنظيم والاعتماد علي الامن والتجسس في تسيير الحياة وادارة العمل وعن طريق بث الرعب والخوف . و الانقاذ لم تكتف فقط بالاعتقال والتعذيب للمناوئين والنشطاء السياسيين والنقابيين بل قامت باكبر مجزرة في تاريخ البلاد تحت مسمي الاحالة للصالح العام كمقدمة لتنصيب القوي الامين وتحقيق التمكين . والتي طالت معظم العاملين من رجال ونساء وشباب وشيوخ والزوج وزوجته في جهاز الدولة الا من رحم ربي او عصمه الولاء , وبتركيز شديد علي القيادات ذات المؤهلات العا لية والخبرات المتراكمة في الخدمة مدنية والمؤسسات التعليمية والقوات النظامية تحت شعار من ليس منا ليس فقط ضدنا اوعدونا وانما هو من خارج الملة ولا يستحق حتي حق الحياة ناهيك عن الحقوق الاخري. هذا وباسم الاية :(( الذين ان مكانهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة ونهوا عن المنكر )) تم بجرة قلم فصل حوالي 300 الف رجل وامراة بينهم اكثر من 36000 من العسكريين حسب افادةعضو اللجنة العليا للمفصولين كمال حسين. ومن لم يمت بسيف الصالح العام والفصل والتشريد بالغاء الوظائف في وزارات الاشغال والحكومات المحلية والصناعة وبتصفية النقل الميكانيكي والمخازن والمهمات وهيئة الزراعة الالية ومؤسسة الرهد والسوكي وغيرها اصيب بهاء السكت بسبب الاقصاء والاهمال والاذراء والاحتقاربالارسال للدفاع الشعبي وبالتخطي في الترقيات والتمييز في شغل الوظائف في الداخل والخارج . وبعد المذبحة اعلنت المحرقة متخذة شكل الجهاد والتجنيد الاجباري بمطاردة الشباب والطلاب لتجييش الكتائب والتي كان ضحيتها الكثير من الكادر المؤهل والمدرب من الجماعة مثل د. محمود شريف ود.محمد احمد عمر واخرون من الفطايس كما قال شيخ الترابي .ثم تلي ذلك المقبرة والتي تمثلت في التوسع العشوائي في الجامعات علي حساب نوعية التعليم العالي والفني والوسيط وشملت ايضا تغيير المناهج بتعريب العلوم والكليات واضعاف اللغة الانجليزية والتركيز علي المواد الدينية واللغة العربية وازدراء المعارف الاخري والفنون وغير ذلك .وباختطاف الدولة واحتكار السلطة وتفريغ الخدمة من الكوادر المجربة والمعروفة واخونة الوظائف تحت شعار الولاء قبل الكفاءة والاداء دان حكم البلاد لحزب الجراد وعم الفساد المالي والاداري. وبسبب الادارة من وراء الجدر والعمل من خلف الكواليس والتحرك بالليل بطريقة الخفافيش وهيمنة الامن في شكل امراء وامانات وومنظمات وجمعيات بدات عملية الهروب العظيم لما بقي من الشعب الفضل الي اي مكان في العالم وبطريقة انجو سعد فقد هلك سعيد , مما يعتبر بمثابة التصويت بالارجل علي شرعية النظام من قبل الفئات الحية والمستنيرة من المجتمع ومن كل مناطق وبقاع وقطاعات وفئات الشعب . وبسبب الفصل والتشريد والاغتراب والهروب والترقي والتوظيف علي اساس التعاون مع الامن اوالانتماء للجماعة والولاء للتنظيم لا علي اساس المؤهلات والخبرة واحتكار التاهيل والتدريب الخارجي لهؤلاء واولئك , مضافا لذلك الهيمنة الامنية وانعدام الشفافية , انهارت الخدمة المدنية وتدني الاداء وعمت الفوضي الادارية وساد التسيب والبيروقراطية وتدنت الكفاية الانتاجية . وما انهيار المشاريع الانتاجية وتدهور المؤسسات الادارية والخدمية من مشروع جزيرة ورهد وسوكي وسكة حديد وخطوط جوية وبحرية وطيران مدني ومرافق مياه وكهرباء وصحة بيئة ونظافة ومواصلات ومؤسسات تعليمية وصحية الا امثلة وتيجة منطقية لتطبيق تلك المناهج والمفاهيم وطغيان تلك السياسات والممارسات . من المعلوم ان اي تنمية او نهضة تحتاج بالضرورة وقبل الموارد المادية والاموال العينية والتكنولوجيا تحتاج توفر القوي البشرية والقدرات الادارية والتنظيمية .هذا ومقولة ان الانسان هو اغلي راسمال تعني ان شرط نجاح اي عمل انتاجي او تنظيمي بسيط ناهيك عني التنمية المستدامة او النهضة الشاملة يعتمد علي كم ونوع العنصر البشري وما يختزن من معارف وخبرات وتجارب .وعموما فان التاريخ يحكي ويبين ان نهضة اي بلد ورخائه وتنمية اي مجتمع وازدهاره اعتمد علي القوي البشرية التي استجلبت من الخارج اواستعبدت وقهرت علي العمل ولاحقا عن طريق توحيد الشعوب وتعيئتها وشحنها بالحماس والطموح المطلوب . وكمثال من التاريخ الحديث فان سر تطور ونهضة العديد من الدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا والصين واندونيسيا كسبيل المثال لا الحصر هو انها اعتمدت علي عموم افراد شعبها والعناية بهم ,وعلي تعليم مواطنها وتاهيله وتوفير المناخ المناسب له ليعمل وينتج ويبحث لا بالدس بين الناس وبث الفرقة بين الجماعات وتشتيت الشعب ايدي سبأ. وكمثال اخرفمن المعروف ان شعوب العديد من دول الخليج تدين بنهضة بلادها وتقدمها للايدي والخبرات السودانية في شتي المجالات وتحفظ لهم هذا الجميل ولا تنسب تقدمها وتطورها باي شكل من الاشكال لما تملك من ثروات واموال .وفي الوقت الذي ينبهرون فيه بنجاح السوداني ايما نجاح في تطوير بلاد الغير وتنمية مجتمعات البعيد والغريب , الا انهم يفشلون في فهم فزورة الكوادر السودانية هذه والتي فشلت في تنمية وتطوير دولة المليون ميل مربع بالرغم مما حباها الله بها من موارد وثروات يسيل لها اللعاب ولا تخطر علي عقل بشر . اما اللغز الذي يستعصي علي فهم العالم اجمع هو انه وبينما تتطور وتتقدم الدول وكل الدول وان بخطوات متباطئة حسب اوضاعها وظروفها وامكانياتها بما في ذلك الصومال والتي لا تصنف كدولة , الا ان سودان الالفية الجديدة ليس فقط يتخلف ويتقهقر الي الخلف ولكن يسرع الخطي الي القاع بوتائر سريعة ومتسارعة والي درجة انه صار يتبؤا وبجدارة المقاعد الخلفية والمواقع المتاخرة وفي كل المجالات وفقا للعديد من المؤشرات الدولية والتصنيفات العالمية .ولانني لا رايد الاسترسال وان شعب السودان اللماح قد عرفها طايرة وان كتله الحرجة ونخبه الحية قد لخصت رايها و الانقاذ في بداياتها :.(( ناس الانقاذ ديل لو فعلا عايزين ينقذونا اللي يرجعونا لمحل ما لقونا)) ؟!. وبكلمات اصبحت بمثابة القول الماثور الذي سارت عليه الركبان. احد الشباب سافر شهر عسل مع عروسه ولما عاد اعطي مظروفا مغلغا افتكرانه هدية زواح نقدية من الوزارة فاكتشف انه خطاب احالة للصالح العام فعلقت العروس: ( يا دي الخيبة العريس طلع من ارباب المعاشات !!) اما د.محمد احمد عمر اول زوير صناعة انقاذي والاقرب الي الصوفية منه للاسلام السياسي كان في غاية الحرج من تبليغ احد الكوادر الذي كان يتعامل معه في الوزارة بقرار الفصل فقال لموظفه بعد تردد وبتاثر شديد : ( شوف يا اخي اذا اتقفل ليك باب رزق لا تيأس لانو ربنا حيفتح ليك الف باب ؟ ؟) وكان رد المفصول له :(خليك من الابواب الجديدة ,الباب المفتوح القديم ده قافلينوا مالكم !!) [email protected]