قيل أن نيفا وستين شابا في ظهيرة من ظهاري سنار قد خرجوا عن الاسلام بتأثير من الجمعيات التبشيرية التي استغلت تقصير ديوان الزكاة وبقية المءسسات الخدمية ( لا حظ أنه لم يقل سياسات الحكومة أو تركيبة الدولة, كأن به خوفٌ وإلا لما تحوط بنسبة الاخفاق إلى المرافق وكأنما هي خارجة عن تنفيذ سياسات الدولة وأنها لن تؤد الواجبات المناطة بها. يعني يا حكومة نحن نشكو إليك موظفيك. عجباً: ولِم لا يكون إخفاقُ المؤسسات هو نتيجة لسوء سياسات النظام بقصدٍ أو بغير قصدٍ, واحتمال هذا الاخير ضعيف جدا لأنها دولة لها من الأجهزة التنصتية والاعين الإخبارية ما يستشعرون به دبيب النمل. كثر من الكتاب والصحافيين يلقون بأكبر اللوم على المتنفذين واتباع المتنفذين, وهو أمر حسن لأنه يكشف للناس مكامن الداء الذي اصاب البلاد. ولكن الاكثر حُسناً هو ان يربطوا ذلك بالسياسات التي أدت لهذه التداعيات التي يعتبرها المجتمع سالبة . والحق ان نتلمس للناس الأعذار ونراجع حالة مجتمعنا لما نراهم ينكصون عن المقدسات أو التقاليد المحمودة جماعاتٍ جماعات. إذ لا يعقل أن يجتمع ستون شخصا من قرية واحدة تربطهم وشائج القرابة والصداقة , أن يجتمعوا للالتفاف حول باطل. لا بد أن هناك سببا وجيهاً من منظورهم هم. ولن نصدق بسهولة أن مرد ذلك هو الفقر والعوز. فثقافتنا – وإن بدأت في التضعضع – لا أظنها بلغت من الهشاشة ما يجعل المرء يبيع معتقداته. والفرق كبير بين بيع الذات وتغيير الذات تغيرت نظرة هؤلاء الشباب للدين الاسلامي بسبب ما يرون من ممارسات تخالف ما يعرفون ما صح من الدين بالتعلم وبالفطرة. ولو كان هذا الشباب قد مرق عن الدين كله والحد لكان ذلك نتيجة ربط الدين عموما بالمفاسد والتقصير والاستغلال, وهذا ما لم يحصل لأن هءلاء الشباب شرعوا في تبديل دينهم للدين الي يرون فيه متسعا لأسباب المساواة بين الناس في أمور المعيشة وأساسيات الحياة. ومثل هذا التبديل منكر وغير مقبول ويعد من ابشع ما يمكن ان يستشري في المجتمع. ولكن أي مجتمع؟ مجتمع الحكم الراشد. ولكنهم تلفتوا يمنة ويسرة فلم يروا حكما سديدا ولا رجلا رشيد. فبحثوا عن الرشد بوسيلة أولية وهي المقارنة. قارنوا بين المجتمعات الراقية التي تكرم الانسان وبين مجتمعات أخرى حيث يُهان الإنسان, فاختاروا الأخيرة اختاروها لأنهم ظنوا بأن الدين هو سبب العدل هناك وسبب الظلم هنا. والحقيقة غير ذلك: فالدين القيم انحرف منذ وقت طويل في الشرق وفي الغرب وصار وسيلة للغش والتخدير والتعمية. حدثت الردة السلطانية وادخلت في الدين ما هو ليس أصلا فيه وفصلته على مقاسات السطان ومعاونيه ورؤوس المنتفعين من بقاء حكمه واستمراريته. [email protected]