الاعتذار ثقافة يفتقدها الكثيرون لأنهم يعتبرونها تقليل من القدر أو أنها نوع من الضعف وفي الجانب الآخر لا يقبل الكثيرون الاعتذار بنفس المفهوم مهما كان الخطأ فلو أن هنالك اريحية ومودة فأنها سوف تجعلنا نرى محاسن بعضنا كما نرى الخطأ بجوارها أو على أقل تقدير نتعامل معه على أنه خطأ بشري طبيعي من طبيعة البشر كما جاء في الحديث الذي أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وابن ماجة (كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون) فالاعتذار هو تقويم لسلوك سلبي يظهر فيه الفرد شجاعة ولكن اذا نظرنا لواقعنا في مجتمعاتنا العربية يعتبر الاعتذار تقليل من شأن المعتذر بينما العكس هو الصحيح اذ يشير الاعتذار الى قوة الشخصية والتفكير السليم والقدرة على المواجهة فالاعتذار قيمة انسانية وأخلاقية نحن في حاجتها وذلك لارتباطها بالخطأ والذي هو جزء من التركيبة السلوكية للبشر فلا يعتذر إلا من كان ذو ثقة في نفسه لذا نجد من يفقد الثقة في نفسه حتى لو شعر في قرارة نفسه بالخطأ فانه يلجأ لتبرير ذلك والمكابرة وذلك مرده لضعف بنيته الثقافية والسلوكية ولهذا قيل ان كل احمق يستطيع ان يدافع عن اخطائه اما الاعتراف بالأخطاء فهو ما يقود للإحساس بالرقي والسمو وكذلك ورد انه اذا كان الاعتذار ثقيلا على نفسك فالإساءة كذلك ثقيلة على نفوس الآخرين لذا نجد ثقافة الاعتذار من سمات العقلاء وان الاعتذار يمثل مظهرا من مظاهر الحضارة ولكن للأسف على الرغم من ثقافتنا الاسلامية التي تحث على ذلك إلا انها تغيب ممارستها في مجتمعنا. فالسؤال لماذا تغيب هذه الثقافة عن مجتمعاتنا على الرغم من نبلها بينما نجدها امر طبيعي في المجتمعات الآخرى شرقية او غربية فنجد الياباني ينحني عدة مرات حتى لو اراد ان يقدم لك خدمة والغربي يكرر الاعتذار عدة مرات بينما نحن نخاصم بعضنا ونتكبر ان نقدم كلمة طيبة ويصل ذلك لدرجة انه يحدث داخل الاسرة الواحدة فالرجوع للحق والاعتراف بالخطأ والاعتذار من ضرورية الحياة الاجتماعية وهو من الاساليب التي تقوي أواصر المحبة والتآخي بين الافراد فعلينا ان نتعلم ذلك ونعلمه اولادنا. ولو نظرنا حتى في العبادات مثل الصلاة فحينما يحدث خطأ او نسيان بالزيادة او النقصان في غير الاركان فان الانسان يجبره بسجود السهو وهو نوع من الاعتذار كذلك عندما يرتكب الانسان حادث يؤدي للقتل الخطأ فقد شرع في ذلك الاسلام الدية وهي نوع من الاعتذار فقد قال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ۖ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء 92( فمجتمعاتنا تحتاج كثيرا لنشر ثقافة الاعتذار فهو من الشجاعة الادبية والسلوك النبيل وهو حصانة للابتعاد عن اللامبالاة بمشاعر الآخرين فجميل ان تسود هذه الثقافة بين الكبار والصغار بحيث لا نكتفي بالاعتذار لمن يفوقنا قوة بل يجب ان يكون الاعتذار كذلك لمن هو دوننا بحيث يكون ذلك وفق احترام الآخر وليس وفق الخوف من الآخر. كذلك نتمنى على مؤسساتنا التعليمية ان تعلم أبناءنا وبناتنا هذه الثقافة عبر ممارسة القدوة ممن يلقنونهم العلوم والدراسات فالاعتذار قيمة اخلاقية وإنسانية. سلم مداد قلمك أستاذنا الشامي الصديق آدم فيما ذهبت إليه من توضيح فى مسألة الإعتذار !!! [email protected]