أن تدلى برأي يمثل وجهة نظرك الشخصية حول أي حدث فهذا شان خاص بك لا تملك أي جهة أن تخطئك فيه وان اختلفت معك في الرأي ولكن إن تدلى بمعلومات ووقائع حول أي حدث وأنت لا تملك المعلومات الخاصة به فانك تخطئ إذن فيما تدلى به ولكن اللافت هنا إن ظاهرة إدلاء من لا يملك المعلومات الصحيحة حول أي حدث إنما يهدف من ذلك أن يدعم رأيه وتقويته بما يأتي به من وقائع لا تمت للحقيقة بصلة وان كانت تدعم رأيه والمعروف إن المعلومة الصحيحة حول أي حدث. لابد أن يكون مصدرها من عاصروا الحدث نفسه أو وشاركوا فيه حتى تثق في صحة المعلومة دفعني لتناول هذا الموضوع إن الجدل حول قرارات التأميم والمصادرة التي صدرت في عهد الحكم العسكري المايوى لم تنقطع منذ رحيل النظام وظلت الروايات والمغالطات حولها تتعدد بشكل لافت حول هذه القضية بالرغم من انه ليس هناك أي صلة تجمع بين التأميم والمصادرة وان صدر تحت ظل نفس النظام إلا إن لكل منهما حيثيات مختلفة لا تقف وراءها جهة رسمية واحدة غير إنها تمت تحت نفس العهد وفى تاريخ منفصل وبقرار مختلف فالمصادرة صدر قرارها من مجلس قيادة الثورة وأعلن يوم 14 مايو عام 70 وقرار التأميم صدر بعد احد عشر يوما في الخامس والعشرين من مايو في احتفال الثورة بعامها الأول وكان الرئيس جمال عبد الناصر حضورا في الاحتفال وذلك إنفاذا لتوصية لجنة كلفت بالتأميم. لهذا ظل الخلط بين القرارين مصدرا لتضارب في الروايات مما غيب حقيقة كل منها وجعلها مسرحا للتأويلات كل على حسب هواه ولقد لفت نظري بصفة خاصة الجدل بين بعض الإخوة اخص منهم الأخ مصطفى البطل مع الدكتور احمد الأسد وان لم أقف على روية الأخ البطل ألا من خلال تعقيب الأسد. والأسد حقيقة له ارتباط مباشر بقرار التأميم ولكنه لم تكن له أي صلة بقرار المصادرة والذي احسبه جاء مفاجئا له لهذا فلقد صدق في عدم علاقته به ولقد تعددت الروايات وتباينت ومنها بل وأهمها رواية الدكتور منصور خالد بعد أن انقلب على مايو التي كان على رأس قيادتها ومستشاريها والذي استهدف عن قصد مصر والرئيس عبد الناصر –رحمة الله عليه- لكراهيته المبدئية لمصر وولائه المطلق لأمريكا العدو الأول له فأورد في إحدى مؤلفاته إن الرئيس المصري هو الذي يقف خلف القرار مع انه برئ منها براءة الذئب من دم سيدنا يوسف. وأما الرئيس الراحل جعفر نميرى والذي كان على رأس من صنعوا المصادرة إلا انه وبسبب ردود الفعل السياسية نعمد في مؤلفاته أن يخفى الحقيقة وان يعزى مسؤولية قرار المصادرة للحزب الشيوعي مستغلا في ذلك ارتباط الحزب بالتأميم وهو فلسفة تقوم عليها النظرية الشيوعية والحزب برئ تماما من المصادرة ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالقرار بل وللأمانة والتاريخ فان الشهيد عبدالخالق محجوب تحفظ على حدثين هامين شهدتهما مايو عندما اعترض على ردة فعل النظام تجاه الجزيرة أبا كما عبر عن عدم رضائه على قرار المصادرة . وهكذا كان رحمة الله عليه احمد سليمان بعيدا عن أي صلة بقرار المصادرة ولكنه كان شريكا في اللجنة التي وقفت وراء قرار التأميم بجانب الدكتور الأسد ورفاقهم باللجنة والتأميم إن جينا للحق فلقد كان مطروحا كمطلب وفكرة قبل انقلاب مايو وداخل البرلمان لهذا لم تكن خطوته غريبة ومفاجئة ولأني لم يكن لي أي ارتباط به كحدث فإنني لا املك أي تفصيل حوله واحسب إن الأسد هو المصدر ولكنى أقول إنني سأتناول المصادرة بتفصيل دقيق لأنني كنت أهم مصدر له علاقة مباشرة بها بتفاصيلها الدقيقة وهذا ما سأكشف عن حقيقته في المقال التالي ولقد سبق أن أوردت وقائعها بالتفصيل في كتاب أصدرته عام 90 بالقاهرة تحت عنوان(خمسة وعشرين مايو وانهيار السودان) والى المقال القادم