"المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، يتكلم عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون    الدوري الخيار الامثل    عائشة الماجدي تكتب: (جودات)    اشادة من وزارة الخارجية بتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش    القوات المسلحة تصدر بيانا يفند أكاذيب المليشيا بالفاشر    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    الجيش السوداني يتصدى لهجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر    المريخ يعود للتدريبات وابراهومة يركز على التهديف    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    مخرجو السينما المصرية    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مايو الشاهد والضحية الحلقة الثالثة
نشر في السوداني يوم 21 - 12 - 2012

منصور كان مغرضا و عبدالخالق رفض المصادرة حتى إتهمه النميرى بالرجعية
تناول ابن عمى وصديقى رحمة الله عليه زين العابدين فى مذكراته احداثا كثيرة عايشها من العمق وهو بالطبع ملم بتفاصيلها وكان من بين ماتناوله ضرب الجزيرة ابا والتأميم والمصادرات وانقلاب 19يوليو ولقد أثار ما اورده من وقائع حول هذه الامور جدلا مبررا لما شاب تناوله بعض الضبابية كانت السبب فى ما وجهه الاستاذ مصطفى عبدالعزيز البطل من تصحيح و انتقاد لبعضها والحق يقال ان البطل تناول الامر بموضوعية وشفافية ليتها تسود كل من يطرق هذا الباب اذا كان الهدف فى النهاية توثيق التاريخ الذى لا يملكه شخص واحد بعينه وان كان زين العابدين افضل من تناولها بتجرد من بين المعنيين بها اذا ما قارناه بما سجله كل من الدكتور منصور خالد والرئيس جعفر نميرى حيث غلب على ما وثقا له الذاتية التى كان لها تأثير سالب على ما تعرضا له فى مطبوعات حملت اسمائهما.
من معايشتى اللصيقة لزين العابدين ولمجموعة مايو والحزب الشيوعى بقيادة الشهيد عبدالخالق محجوب اقول ان زين العابدين لم يغير من الوقائع ولكن لانه لم يفرق بين الحزب الشيوعى الذى ارتبط بمايو بمجموعتين متنافرتين ولانه لم يضع فى الاعتبار انه عندما يشير للحزب الشيوعى فى اي وقائع انما يذهب الامر لمجموعةعبدالخالق وهذا ما احاط بعض الوقائع بضبابية ساهمت فى بعض الاحيان لتلوين الحقيقة بغير واقعها ولا ادري ان كان هذ الخلط هو حقا ماسطره قلمه ام ان هناك ايادي اختلط عليها الامر عند مراجعة المذكرات فى صياغتها النهائية قبل الطباعة لاننى اعلم ان زين العابدين لم تكن لتغيب عنه هذه الوقائع وهو مرتب الذهن كما انه فى بعض الوقائع اعتمد على اطراف اخرى قد لاتكون نقلت له الحقيقة كما اتضح من مراجعة البطل لواقعة ذهاب الشهيد بابكر النور لمنزل صلاح ابراهيم احمد صبيحة الانقلاب والتى اورد البطل انه التقى صلاح المعنى بالواقعة فنفى له حدوثها لهذا لابد ان يكون الخطأ الذى وقع فيه زين العابدين كان بسبب ثقة غير مبررة فى المصدر الذى نقل له المعلومة ربما لحاجة فى نفسه لان زين العابدين لم يكن حضورا ليشهد على الواقعة وهو ليس فى المكان فى ذلك الوقت لهذا وفى تقديرى ان مثل هذه الوقائع التى يكون مصدرها طرفا ثانيا لابد ان تشير المذكرات الى انها من مصدر حتى لو لم يذكر اسم المصدر طالما انها معلومة لايمكن لصاحب المذكرات ايا كانت ان يطرحها بصفة واقعة تحت مسئوليته وهو ليس شاهدا عليها فربما لايكون مصدرها دقيقا فى نقلها او لحاجة فى نفسه كما هى فى حالة المقدم بابكر التى لم يكم زين العابدين شاهدا عليها ولابد انه كان ضحية المصدر ولكنها حسبت عليه رغم ذلك.
اعود هنا لموضوع ضرب الجزيرة ابا وهنا اقول اننى لا املك ان انسب للمنقسمين عن الحزب اية مسئولية للمشاركة فى الاحداث وان كانوا هم فى قلب السلطة ولكن ما املك ان اقوله اننى كنت شاهد عيان فى واحد من اللقاءات التى كنت استضيفها بمنزلى بالخرطوم بحرى من حين لاخر وفى لقاء ضم زين العابدين والاخ ابوالقاسم محمد ابراهيم والشهيد عبدالخالق ومجموعة من الرفاق الشيوعيين اذكر منهم من الاحياء احمد خليل وخليل الياس ومصطفى احمد الشيخ وفى ذلك الوقت كان التوتر يتصاعد بين الثورة والانصار .
ففى هذا اللقاء كان الشهيد عبدالخالق ناصحا بكل قوة وموجها حديثه لاعضاء مجلس الثورة بان يتجنبوا الاستجابة لاستفزاز الانصار ومحاولتهم لجر الثورة لمواجهة مسلحة وطالبهم بضبط الاعصاب حتى لا تجر الثورة فى عمل مسلح وقتل وهى التى نجحت دون اراقة أي دماء مؤكدا لهم ان الانصار مهما بلغت استفزازاتهم لن يلحقوا بالثورة شيئا لماوجدته من تأييد شعبى
.هذا كان موقف الحزب كما اكده عبدالخالق فى ذلك اللقاء الذى كان ضد الدخول فى مواجهة مسلحة مع الانصار ولم تمض الا ايام معدودة الا وضربت الجزيرة ابا لهذا اذا كان هناك ثمة من شارك من الشيوعيين فى دفع الاحداث لهذا الاتجاه ان وجد لابد ان يكون من الانقساميين وليس مجموعة عبدالخالق وهذا ما لا املك ان انفيه او اؤيده.فان زين العابدين لم يكن دقيقا فى مذكراته وهو يعمم ويقول ان الشيوعيين كانوا اكثر حماسا لضرب الجزيرة ابا ويقينى انه لطول المدة ربما نسي ذلك النقاش الذى دار مع عبدالخالق بمنزلي فلم يفرق بين موقف عبدالخالق واخرين اذا كان من الانقساميين من كان متحمسا لضرب الجزيرة ابا لهذا ما ورد حول هذا الامر لم يكن دقيقا وليس صحيحا.
لان زين العابدين فى تناوله لهذه الاحداث كان يتعين عليه ان يوضح من يعنيهم من الشيوعيين ما دام هناك جسمان للحزب حتى لايحسب عليه وحتى لايفهم انه يحمل الامر للحزب الشيوعى فمجموعة عبدالخالق براء مما نسب لها فى هذا الامروانا شاهد عيان مع اخرين.كانوا حضورا للقاء..
الان اتناول موضوع التأميم والمصادرة الاكثر اثارة للجدل والذى تضاربت حوله الوقائع خاصة من الذين لم تكن لهم صلة به او من كان له الدور الرئيسى واراد ان يتهرب منه لما تغيرت وتبدلت مواقفه.وكما حدث فى ضرب الجزيرة ابا فلقد عمم زين العابدين حديثه عن الشيوعيين ان كان بينهم من ايد التأميم والمصادرة عندما اورد فى مذكراته ان قرارات التأميم والمصادرة جاءت تنفيذا للبرنامج الذى وضعته الكميونة الشيوعية) فعبدالخالق استنكر المصادرة علانية ولم يخف رفضه لها لدرجة ان النميرى الذى كان مزهوا بالمصادرة انتقد فى خطابه بنادى العمال موقف عبدالخالق منها وتفاخر امام العمال انه اكثر ثورية من عبدالخالق الذى اعتبره يومها خائنا لقضية الطبقة العاملة وكأنه يقول لهم(من هو الشيوعى فينا).
وهنا لابد ان اوضح حقيقة مهمة جدا وهى اننى الاكثر التصاقا بموضوع المصادرة وبعيدا كل البعد عن التأميم ذلك لان جهاز الرقابة نفسه لم تكن له علاقة بالتأميم ذلك لانه لم يكن هناك ما يجمع بين التأميم والمصادرة حيث تم كل منهما عبر قناة مختلفة فبينما كانت المصادرة تجرى مباشرة من القصر ومجلس الثورة وجهاز الرقابة كان موضوع التأميم شأنا خاصا بالقطاع الاقتصادى التابع لمجلس الوزراء لهذا لم يكن هناك ما يبرر الخلط بينهما .لهذا فاننى افصل فى الحديث بين التأميم والمصادرة والاخيرة هى التى اقف عليها باعتباري اكثر شاهد يملك الحقائق حولها.
ولكن وقبل ان اخوض فى تفاصيل المصادرة وتداعياتها لابد من كلمة عن التأميم.
فاعلان مايو تأميم الشركات والبنوك الاجنبية كان من صنع القطاع الاقتصادى وهو واحد من القطاعات الستة للحكومة وكان رئيسه المقدم بابكر النور ويضم كل وزراء القطاع الاقتصادى بمن فيهم الوزراء المنقسمون من وزراء القطاع..
الامر الثانى والمهم التأميم وان اعلنته حكومة مايو فليست هى صاحبته والمبادرة به فلقد كانت المطالبة بتأميم الشركات والبنوك الاجنبية مطلبا عاما حتى انه كان متناولا فى البرلمان قبل الانقلاب وفى عهد الديمقراطية وتم تكوين لجنة لدراسته اما بالنسبة للحزب الشيوعى فهو واحد من مطالبه وبرنامجه حيث انه فى بداية اعلان الاستقلال كان يعيب عليه انه استقلال سياسى وتجاهل الاستقلال الاقتصادى او ما كان يسميه بتحرير الاقتصاد من الشركات الاستعمارية التى كانت تهيمن على اقتصاد السودان لهذا كان التأميم امتدادا لقضية لم تكن مايو هى التى طرقتها وهو ليس مرفوضا من الحزب الشيوعى الذى كان على رأس من نادى به وتقوم عليه الماركسية نفسها التى تحتم ملكية القطاع العام لهذه المؤسسات الاقتصادية اذ لايمكن لاقتصاد دولة ان يكون تحت يد شركات اجنبية مملوكة للمستعمر نفسه.بحيث يغادر الاستعمار وتبقى شركاته قابضة على مفاتيح الاقتصاد لهذا فان المؤسسات التى طالها التأميم هى شركات مملوكة للاجانب وللبلد المستعمر وكانت فروعا تتبع رئاسة الشركات الاجنبية بعكس المصادرة التى طالت شركات سودانية حتى لوكانت مملوكة لاجانب مقيمين من حملة جنسيتين واننى اذ اقول هذا اؤكد اننى شخصيا لم اكن طرفا فى التأميم ومع ذلك اقول انه كان لابد منه وانه ربما يكون تاخر كثيرا كعادة حكوماتنا فى (عهود الديمقراطية) تكثر من الحديث ويغيب الفعل
ولكن يبقى الحديث عن المصادرة هو موضوعى لما املك حوله من وقائع كنت اول واكثر من عاصرها وشارك فيها عن قرب لهذا ساقدم هنا سردا تفصيليا للمصادرة كيف كانت.
والمؤسف له ان اثنين من الشخصيات المهمة اولهما الدكتور منصور خالد الذى لم يكن طرفا فى الامر وغير ملم بحيثياته اراد لحاجة فى نفسه وخدمة لاجندته او لجهات معادية لمصر يرتبط معها ان يحمل القرارات للزعيم جمال عبدالناصر ولمصركما ذكر فى كتابه(السودان والنفق المظلم)
كان هذا مسلك الدكتورمنصور الذى لم يكن قريبا من الامراو طرفا فيه وبالتالى غير ملم بحيثياته
فلقد كتب منصورفى صفحة 137من كتابه هذا معلقا على ما اورده النميرى فى كتابه عن التأميم والمصادرة قائلا:
(يكاد النميرى يظن ان الناس لايقرأون فخطابه باعلان التأميمات وسعادته لاغتباط عبدالناصر بها وكان ضيف الشرف فى عيد الثورة الاول الذى اعلنت فيه القرارات امران مسجلان ومشهودان اما الادعاء بان التأميم قد استهدف به الحزب عبر انصاره فى مجلس الثورة والحد من مشاركة القطاع الخاص ادعاء يكذبه انه واحد من الاصوات العالية التى ارتفعت ضد مصادرة عثمان صالح.. كان صوت بابكر النور الذى قال آنذاك بان ضرب واحد من كبار رجال الاعمال فى السودان لا يؤدى الا لاحجام رجال الاعمال السودانيين فى وقت احوج ما نكون الى الاستثمار)ثم يواصل دكتورمنضور ويقول:
(وتقول الوقائع بان كل ما ورد من معلومات حول تعامل شركة عثمان صالح مع جهات ذات صلة مع اسرائيل –وكان هذا هو المبرر المزعوم للمصادرة- جاء عبر منافسيه فى مصر-شركة النصر- عن طريق جهاز الرقابة العامة وليس الحزب الشيوعي)
ولعل المفارقة الغريبة انه اتهم شركة النصر المصرية بانها وقفت وراء مصادرة شركة عثمان صالح حتى يخلو لها الجو بتصفية منافس قوي لها يقول منصور هذا فى وقت العامة يعرفون انه ليس هناك ما يتنافس عليه الشركتان فشركة عثمان صالح مصدرة للصمغ العربى والحبوب الزيتية والكركدى وهى محاصيل لا تزرعها مصر بل هى مشترية لبعضها مما يؤكد الغرض كما ان خطاب النميرى امام عبدالناصر فى الاحتفال لم يتضمن مصادرة شركة عثمان صالح التى تمت قبل الاحتفال بعشرة ايام حيث تم اعلان مصادرتها يوم 14مايو كما ان شركة عثمان صالح لم تكن بين الشركات المؤممة وانما هى شركة سودانية تمت مصادرتها كما حمل منصور على احمد سليمان ومعاوية سورج المسئولية مع انهما لم تكن لهما ادنى علاقة بالمصادرة بينما كانت لاحمد سليمان علاقة بالتأميم بحكم عضويته فى القطاع الاقتصادى اما المصادرة فلقد استمعوا اليها فى البيان الذى بثته الاذاعة كأي مواطن.وكما استمع اليه منصور نفسه كما ان منصور اقحم التعامل مع اسرائيل فى قرار مصادرة عثمان صالح بينما المصادرة اساسا لم ترتبط عند اعلانها بنشاط الشركة الخارجى وانما بسبب شكوى خاصة بشأن داخلى تمثل فى مطاحن الدقيق وكلما ورد حول علاقات خارجية كان بعد ان تمت المصادرة ولم يكن واحد من مبرراتها. كما ان بابكر النور شارك فى اتخاذ قرار المصادرة وهذا ما سيأتى تفصيله
لهذا فان ما ورد على لسان الدكتور منصور لايخلو من الغرض لاستهدافه مصر وقادتها لما بينهم وامريكا التى يعتبر منصور واحدا من اهم رجالاتها ليس فى السودان وحده وانما على مستوى العالم العربى
لكن بالمقابل للدكتور منصور الذى حشر نفسه فيما لاعلاقة له به لحاجة فى نفسه كان الرئيس جعفر نميرى الذى حاول ان ينفى أية علاقة له بها وهو بطل المصادرة الاول يتنصل من مسئوليته فيها وينسبها لمن ليس لهم علاقة بها .فلقد جاء على لسانه فى كتابه –النهج الاسلامى لماذا-فى صفحة 103 حتى صفحة105 مايلى بالحرف(ثم صدرت قرارات التأميم والمصادرة وجرى اعلانها فى شكل قرارات وبصورة متعجلة وكان لا مفر من تنفيذ قرارات اعلنت)ثم يواصل ليقول انه لم يكن راضيا عن قرارات اخرى صدرت منها مصادرة منازل ومطاعم. ثم اشار فى كتابه صراحة لاتهام من اسماهم المثلث الشيوعى فى مجلس الثورة بانهم وراء هذه الاجراءات وقد تناول زين العابدين موقف النميرى من المصادرة فى صفحة 103 وقال عنه:
(قلت ان جعفر نميرى كان من اكثر المتحمسين لقرارات المصادرة ولكنه حين اعاد الممتلكات لاصحابها فعل ذلك وكأنه لم يكن شريكا فى القرار وكأن المصادرة تمت من خلف ظهره) .
ما ذهب اليه كل من منصور والنميرى لا يمت للحقيقة فمنصور اختلق روايته لغرض فى نفس يعقوب ومشاركة للغرب فى كراهيته لمصر وعبدالناصروهو هنا يسدد فاتورته تجاه امريكا المتربصة بالزعيم عبدالناصر، اما النميرى فهو بطل المصادرة وهذا ما سأكشف عنه بالتفصيل فى الحلقة القادمة عندما اتناول الوقائع بصورة تفصيلية دقيقة ويكفى هنا ان اقول لكم ان النميرى هو شخصيا هو صاحب قرار مصادرة شركة عثمان صالح وانه هو نفسه الذى اذاع بيان المصادرة من الاذاعة وانا شخصيا الذى كتبت له البيان بيدى بمنزل نائب الرقيب العام محمد عبدالحليم محجوب وهو نفسه الذى واصل اذاعة كل بيانات المصادرة التى تلاحقت.وياليت الاذاعة تعيد بث المصادرات اذا لم يتم اعدامها
ولكن لابد لى ان اقف على ما اورده زين العابدين فى مذكراته حول هذا الموضوع، ولقد كان هوالمسئول الاكثر ارتباطا بالحدث ومعاصرا له، ولقد جاء ما اورده حول هذا الامر شاملا وجامعا ولكن هذا لايمنع من ان اقول هناك جوانب مما تناوله تستحق التوضيح وبعضها يستوجب التصحيح خاصة الجزء الخاص بتحميل الحزب الشيوعى المسئولية وهو براء من المصادرة، كما ان بعض الوقائع التى اوردها تداخلت بسبب ما حدث من تشابك بين التأميم والمصادرة لتزامن بعضهما فى توقيت واحد مما يثير بعض الضبابية حولها ولكن مااورده الزين فى مجموعة وهو شاهد عيان تناول الامر بمصداقية وان حجب فيها التفاصيل التى شككت فى مصداقيتها وذلك يرجع فى رأيي لان الاحداث نفسها لم تكن مصحوبة بمستندات فى كل جوانبها كما سترون من تداعياتها فالمصادرة لم تتم نتيجة مذكرات تم تبادلها مكتوبة وتوصيات لجهات تحسب عليها حتى تشكل ملفات يمكن الرجوع اليها فسترون كيف جاءت.
ففى صفحة 102 مذكرات زين العابدين جاء مايلى:
(ذات يوم وردت الينا شكوى حول مطاحن عثمان صالح للدقيق بالخرطوم بحرى تفيد بان هناك ممارسات غير مشروعة تمارس فى مجال بيع الردة بوجه خاص والمتاجرة بها فى السوق السوداء. كانت الشكوى عادية تم تحويلها للاخ النعمان حسن احمد خوجلى للتحقيق فيها بحكم معرفته بالسوق والمعاملات التجارية)
قبل ان استرسل فى نشر ما اورده الزين فى مذكراته لابد من العودة لما ادعاه دكتورمنصور بالباطل حول ان المصادرة كانت بسبب اتهام عثمان صالح بالتعامل مع اسرائيل وان شركة النصر قصدت التخلص من منافسها ما اورده الزين هو عين الحقيقة فالقضية كما قلت كانت تتعلق بمطاحن الدقيق بالمنطقة الصناعية بحرى وانه لم يكن هناك أي اتهام للشركة التجارية بالخرطوم التى لم تخضع لأي تحقيق او مساءلة حتى فوجئت بالمصادرة وليس هناك من وطأت اقدامه مقر الشركة الا بعد اعلان المصادرة فلقد كان قرار المصادرة بسبب المطاحن ولم يكن نتيجة تحقيق فى معاملات الشركة الخارجية مما يفضح افتراءات منصور.
يواصل الزين ويقول:
(كون النعمان فريقا للتحقيق وباشر زيارة المصنع والاطلاع على المستندات واكتشف وجود مخالفات وتهرب واسع من الضرائب تمارسه ادارة المصنع اثارت هذه المعلومات مجلس الثورة وذهب بعض الاعضاء الى انه بصرف النظر عن حجم المخالفات فانها ترقى لمستوى التخريب الاقتصادي وان شركات اخرى قد تكون ضالعة هى الاخرى فى مثل هذه الممارسات.
استدعى المجلس السيد عبدالكريم ميرغنى وكان وزيرا للتخطيط وتربطه باسرة عثمان صالح صلة قربى وطرحنا عليه المعلومات التى توافرت وتأثر الرجل.. ذهبت انا شخصيا مع عبدالكريم ميرغنى الى ادارة المصنع وقابلنا توفيق عثمان صالح المدير العام الذى اعترف بالخطأ وقال انه لم يكن ملما بتفاصيل ما يدور و.تبع نشر موضوع المطاحن فى الصحف ورود المزيد من الشكاوى حول ممارسات الشركات الاخرى غير انه وحتى ذلك الحين لم يكن واردا امر المصادرة او التأميم واقصى ما كنا نفكر فيه تقديم المخالفين لمحاكمات.
تركزت الشكاوى على الشركات المملوكة للاجانب او الاشخاص من اصول أجنبية مثل شركة سودان مركنتايل وازمرليان وبيطار ومتشل كوتش وغيرها ) الى ان يقول(تجمعت لدينا معلومات بصورة مكثفة فعرضناها على مجلس الثورة فوردت فكرة المصادرة من مستشار المجلس الاقتصادى الدكتور احمد محمد سعيد الاسد)
اذا كان الدكتور منصور اختلق رواية عن المصادرة لحاجة فى نفسه والنميرى اراد ان يغالط الحقيقة ويدعى انه لم يكن طرفا فيها فان زين العابدين يختلف عنهما انه قدم مجمل الحقائق حولها بشفافية الا انه اختزل احداثها بصورة جعلت حديثه يحيد عن بعض وقائعها مما يثير بعض الضبابية ويقود لاستنتاجات غير موفقة.بسبب ماشاب الحيثيات التى قدمها من تداخل وخلل فى الترتيب كان سببا فى ان يغيب التداخل بعض الحقائق المهمة حولها. كما ان ترتيب الاحداث تداخل عليه من حيث التوقيت كما تداخلت مع التأميم لهذا استوجبت التصحيح واعادة الترتيب ويرجع هذا الى طول الوقت وعدم وجود مرجعية مكتوبة كما ان زين العابدين ظل مرتبطا باحداث كثيرة تواصلت لاربعة عشر عاما بعد المصادرة لهذا خانته الذاكرة فى بعضها حتى انه لم يفرق بين بعض الشركات التى أممت والاخرى التى صودرت فشركة متشل كوتش لم تكن بين الشركات المصادرة وانما أممت بحكم انها شركة انجليزية استعمارية ولم تكن لزين العابدين صلة بالتأميم
وفى الحلقة القادمة سأتناول هذه القضايا بتفصيل دقيق بهدف اعادة ترتيب للوقائع منعا لأي تداخل ربما يشوه الحقيقة خاصة واننى كما قلت ليس هناك من ارتبط بالمصادرة مباشرة كما ارتبط بها شخصي واعلم كل صغيرة حولها ولا احد يعلم عنها اكثر مما اعلمه باعتباري الاكثر ارتباطا بالحدث نفسه
ملحوظة: كنت قد اشرت فى الحلقة الثانية الى ان الملحق العسكرى فى موسكو والذى رفض للسفير احمد سليمان ان يقود مفاوضات تسليح القوات المسلحة هو محمد عثمان هاشم ولكنى تلقيت تصحيحا من الاستاذين حاج احمد الحسن الملحق الاداري بالسفارة السودانية فى ذلك الوقت وعبدالغفار اكدا فيه ان الملحق العسكرى كان مبارك عثمان رحمة وان محمد عثمان هاشم كان موجودا فى موسكو وقتها بصفته عضو فى الوفد الفنى للقوات المسلحة وأشكرهما على هذا التوضيح ولهذا فان الذى اعترض احمد سليمان هو محمد عثمان هاشم كما اوردت ولكنه كان عضوا فى الوفد الفنى وليس الملحق العسكرى والشكر اجزله للاخوة لهذا التصحيح
ثانيا سقط سهوا اسم الشهيد مصطفى ارتشى احد ضحايا بيت الضيافة حيث كان فى سكرتارية مجلس الثورة بجانب ابوبكر بشارة وعمر محقر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.