خلال الأسبوع الماضي وفي عالم (الواتساب) انتشرت مقاطع فيديو نالت أعلى مشاهدة مع أكبر تأثير.. المقاطع لبعض النسوة في ريف الخرطوم بحري.. يحاورهن مصور المقاطع ويسألهن عن اسم الرسول صلى الله عليه وسلم.. فيفشلن فشلاً ذريعاً في معرفة الاسم.. ثم يطلب منهن قراءة بعض قصار السور المعروفة.. وأيضاً لا يفتح الله عليهن بجزء من آية.. المقاطع المصورة جذبت اهتماماً ممزوجاً بالألم في قطاعات واسعة خاصة الشباب.. لكون المنطقة التي صُورت فيها المقاطع هنا في تخوم العاصمة.. بما يشي أن الأقاصي في الولايات البعيدة أسوأ حالاً. أليس من الحكمة أن نحاول تشخيص الحالة أعمق.. الفيديو عرض أكثر من جيل.. نساء كبيرات في السن وشابات وصبايا مراهقات.. العامل المشترك بينهن الجهل والإظلام الكامل.. وبسهولة يمكن استنتاج أن هذه الحالة متمددة حتى آخر جيل.. إلى الأطفال في سن الرضاعة.. وبعبارة أخرى غياب كامل لأي إشعاع للمعرفة على مستوى كل الأعمار.. ولو صورنا هذه المقاطع بعد عشرين عاماً سنحصل على نفس النتيجة.. لأن البذور القادمة تعاني من ذات الإظلام المعرفي.. تمنيت لو كان في بلدنا مراكز أبحاث حقيقية.. تدرس هذه الحالة.. تطرح استبياناً لعينة مختارة من الذين شاهدوا الفيديو.. لماذا تحسروا على حال هذا المجتمع الواقع خارج نطاق المعرفة بينما هو في قلب المنطقة الأكثر إشعاعاً في البلاد.. سؤال الاستبيان.. هل تتحسر لإحساسك بمسؤولية تقصيرية من مجتمعك الحضري هنا تجاه مجتمع ريفي قريب منك؟ أم تتحسر لأن هؤلاء المواطنين يفتقدون خدمة التعليم لدرجة (الصفر) التي تحجب عنهم الحد الأدنى من المعرفة الدينية.. المطلوبة حتى على المستوى الشخصي لأداء العبادات الفرض. ويتمدد الاستبيان أكثر.. لماذا يبدو على مظهر النساء ملابس عادية كتلك المتوفرة في أسواق المدن.. رغم أن (المعرفة) الدينية في أدنى حالاتها.. أهمية السؤال الأخير في كونه يسبر حالة (الدين) في المجتمع.. هل هو من المطلوب بالضرورة لتكوين الشخصية النفسية للمواطن.. أم أنه من ضرورات نظام التعليم لا أكثر.. بعبارة أخرى أكثر صراحة.. ما هو الفرق بين متعلم حاز على درجة الدكتوراه.. يقرأ لافتة مكتوب عليها (ممنوع التدخين) ومع ذلك يشعل سيجارته.. ورجل أمي لا يقرأ ولا يكتب.. ارتكب نفس الفعل أشعل السيجارة وأمامه لافتة تمنع التدخين.. أيهما أكثر جهلاً؟؟ ما قيمة المعرفة هنا؟؟؟ التيار