* اسمها "أم قسمة" واحدة من ملايين النساء، نزلن لشارع الله أكبر بعد أن ضاقت بهن وعليهن سبيل المعيشة- أرامل ومسنات طالبات علم ومطلقات- بحثا عن الرزق الطيب الحلال.. يجالسن ظلال الأشجار جوار المشافي والمدارس ومواقف الباصات يشعلن مواقد النار في الهجيرة لبيع الشاي "للغاشي والماشي"، وأم قسمة دونهن استحقت أن نطلق عليها الأسطورة لأن حكايتها أن شباب شارع الحوادث "الطوارئ" لمستشفى أم درمان بالسودان ردوا جمائلها وقدموها دون وزراء الصحة والولاءة لتقص شريط افتتاح عنبر عناية مكثفة للأطفال بنوه طوبة طوبة. * شباب "الطوارئ" منظمة مدنية طوعية بدأت بمبادرة أطباء شباب بمستشفى الخرطوم قبل حوالي العامين‘ استهدفوا الفقراء والمعدمين وأطفال مرضى السرطان. والفشل الكلوي، أشعلوا مشروعهم باستقطاع من رواتبهم المحدودة ليوفروا الأدوية وأمصال الدم والمعينات العلاجية قبل أن يدعمهم الخيرون وأم قسمة كانت ضمن محيط اهتمامهم حينما لازمت طفلتها المصابة بالفشل الكلوي. * شباب خرج من رحم الأم السودانية تواثقوا بحيوية وعقدوا العزم أن يخففوا عن الأطفال أوجاعهم.. مكاتبهم للعمل الخيري لم تكن أبراجا عاجية ومقاعد وثيرة بل بنابر "مقاعد" منسوجة بجريد النخيل والخوص هي كل ما تملكه الحاجة قسمة يتحلقون حولها يرسمون أحلامهم ويناقشون خططهم، وحينما أكملوا غرفة للعناية المكثفة للأطفال بكامل الأجهزة الطبية والمحاليل والأدوية وبتكلفة وصلت 2 مليار جنيه من تبرعات الخيرين والمغتربين وملاليم ملح الأرض الباعة المتجولين ومرافقي المرضى وبائعي الفول وعابري الطريق اختاروا "ست الشاي" لقص شريط الافتتاح بمستشفى محمد الأمين حامد بأم درمان لمنح الشفاء والعافية لمائتي طفل في الشهر مجانا شاملة التشخيص والدواء. * يا ترى من الأسطورة "قسمة أم شباب الحوادث" الذين ترجموا قول الشاعر محمود شريف (مكان السجن مستشفى ومكان المنفى كلية) هذه المبادرة الطوعية مدرسة متكاملة الأركان تقول للخيرين إن أموالهم يمكن تصل للمحتاجين الحقيقيين كعنبر العناية المركزة الذي تولى بناءه شباب الطوارئ وجهزوه لإنقاذ الطفولة البريئة ولم يقتطعوا من الصدقات والزكوات لرحلات مكوكية ومكاتب وسيارات بل خصصوا كل قرش أبيض وصلهم ومما اقتطعوه من رواتبهم لما خططوا ورسموا تفاصيله وهم جلوسا ببنابر.. ست الشاي. * إن كانت الأسطورة تعني الأفعال العجيبة الخارقة للعادة والمخالفة للمعهود وهي وقائع تاريخية تختزن في الذاكرة الجماعية الشعبية.. فإن ست الشاي دخلت موسوعة المعرفة "ويكيبيديا" لتقول إن الأعمال الإنسانية الخالصة ما زالت صفحاتها مفتوحة فيما عدا رئيس تحرير جريدة المجهر الذي أجرم في حق قلمه وخالف هذا المد الإنساني النبيل بمقال أطلق عليه "تراتيبية الاحترام" بخس فيه ست الشاي كعادة البعض ذر الرماد في العيون لحجب إنجازات تنفع العباد لحماية مقاعدهم البالونية التي يجلسون عليها على حساب الغلابة والغبش.. هي دعوة للخيرين الكثر هنا وهناك ليبذلوا أموالهم لتصل لمواطن العلل عبر حاملي الأمانات أمثال شباب شارع الحوادث.. ومن هنا أهديهم كتابي "أحب عطر أمي" والذي احتسبنا ريعه لوحدة الفشل الكلوي لأطفال السودان ولهم كامل الحرية في إعادة طباعته وتسويقه لصالح مراكز آخر. عواطف عبداللطيف [email protected] همسة : نعم اسطورة ثلاثية الابعاد نخوة شباب الحوادث ورفع مقام طالبة الرزق الطيب الحلال وبازلي الاموال للاعمال الانسانية كونوا معهم .