لعل أبلغ ما قيل تهكماً في مهزلة التنصيب المصيبة .. كان ذلك المقطع التمثيلي الأحادي التصوير الذي نشر للفنان الموهوب محمد تروس .. في شكل محادثة أجراها متقمصاً شخصية الحاجة المؤتمر الوطني وهي تتحدث بالهاتف مع السيدة الأولى مكرر حرم رئيس الجمهورية الجديدة .. وهما تناقشان ترتيبات الحفل وكيفية تصنيف الضيوف وفقاً لأهميتهم من حيث شكل بطاقات الدعوة و ترتيب أماكن جلوسهم ..وكانت بلاغة الرجل قد تجلت فيها موهبته على تصوير الموقف و كان مبهراً في ذكائه السياسي بالقدر الذي قد يغني الناس عن عشرات المقالات ! وهو لعمري عمل ساخر وعميق المعاني جدير بالمشاهدة والتمعن ! ولان الشيء بالشي يذكر .. فقد كان من الملفت في تلك الزفة الماسخة ..أن مستوى تمثيل بعض الدول لاسيما الخليجية كان من قبيل رفع الحرج وفي إطار عمل تعاطي العلاقات العامة لاسيما تلك الدول التي كانت علاقاتها مع دولة الإنقاذ قد لا مست خط الصفر ..وليس من المتوقع أن تندفع في إعادة الثقة بالسرعة التي يسعى لها في خطل وتعجل ذات التفكير القاصر في تقييم المواقف التي أدت الى تأكل تلك الصلات على مدى الفترة الفاصلة مابين اليوم وحرب تحرير الكويت ! بيد أن الموقف الذي كان لا فتاً أكثر هو مستوى تمثيل دولة قطر التي كان أميرها السابق و حتى الحالي حضوراً في مناسبات هي اقل اهمية بالنسبة لآهل الإنقاذ من هذه وقد كانوا يعولون على حضور الأمير تميم شخصياً الذي كان سيكون أمراً طبيعياً لولا التحول الذي استدار فيه رئيس النظام بعيداً عن إيران وما أدلى به من تصريحات حول نكرانه لعلاقة نظامه بالتنظيم العالمي للأخوان المسلمين .. وما صاحب ذلك من قبلات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ذات الوقت الذي ينصب فيه المشانق لحابيب قطر و زملاء الشيخ القرضاوي في الأحكام المعلقة على حبال كل الإحتمالات ! فهل قلبت الدوحة بالفعل ظهر المجن للبشير ونظامه .. وسيسير قطارها متجاوزاً محطة ولايته الجديدة ..! وتقتصر شعرة معاوية من جانبها على مواصلة مابدأته في دارفور من عمل إنساني وتنموي ..يقوم عليه نائب رئيس الوزراء الشيخ المحمود الذي كان تمثيله لدولة قطر في حفل التنصيب قد لا يتجاوز حدود علاقاته الخاصة بنظام الإنقاذ لكونه المسئؤل الدائم عن ملف مفاوضات الترضيات الذاتية و المحاصصات التي لم تلامس شفاه العطاشى ولم تسكت مصارين الجوعى ..ولم تجمع شتات النازحين أو تعيد جموع اللاجئين ولم تخمد حريق الآزمة !