( عندما رجع عمال الخليفة عثمان من المدينةالمنورة لأقاليمهم بعد أن حضروا اجتماع دعاهم له الخليفة اثر الفتنة والتمرد الذي ساد في الأمصار , عندما رجعوا امتنع أهل الكوفة أن يدخل عليهم واليهم سعيد بن العاص وقال يومها الاشتر النخعي : والله لا يدخلها علينا ما حملنا سلاحنا ) يقول لك أهل الجزيرة : مرحبا بك في ودمدني درة الجزيرة وحاضرتها التاريخية مهد النضال والعمل الوطني , وأنت سياسي مخضرم تعرفهم أهل طاعة وتقدير للانجاز ولن يضيع صنيعك وجهدك سدى ... يحفظه لك التاريخ وأهل الجزيرة . أنت تعلم , قبل الانغاذ كان الذي يعين على رأس السلطة في الجزيرة يغبطه الآخرون ويهنئونه ويباركون له وذلك انه ذاهب لولاية هادئة متجانسة تكاد تخلو من مشاكل الجهويات والمناطقيات .... لا يسألون عن من هو الوالي الجديد ؟ ومن أي جهة ؟ ودون ترتيب منه يجد نفسه واحدا من أهلها مشاركا في أفراحهم وأتراحهم . حقائق : 1/ الجزيرة هي الولاية الثانية بعد العاصمة من حيث السكان (خمسة مليون نسمة ) ... أكثر من نصف سكان العاصمة .... تساوي عدد سكان دارفور بولاياتها الخمس ومحلياتها الأربع وستون ... هي خمسة أضعاف ولاية .... وأربعة أضعاف ولاية .... 2/ مشروع الجزيرة هو الذراع اليمنى لاقتصاد الجزيرة ( بل دعامة وجودها وسبب تماسكها وتمازجها وتحولها من مجتمع قبائل لمجتمع حديث مرتبط بنظم الإدارة الحديث من اتحادات وجعيات وهيئات ومجالس ) . لقد تم تدمير هذا المشروع ولست هنا بصدد التفصيل عن كيف دمر ؟ ومن فعل ؟ ومن تواطأ ؟ ومن ساعد ؟ وما هي الأهداف الخفية والعلنية للتدمير ؟ فقط نشير لقول تداوله الناس كثيرا منسوب للزبير بشير طه الوالي السابق للجزيرة . نسبوا له انه قال : أنا ممنوع عن الحديث عن مشاكل مشروع الجزيرة وكيفية إصلاحه وممنوع عن الحديث عن مشاكل الجزيرة . ... وبالنظر لمكانة البروف الزبير في ما يسمى بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ومنصبه كوالي وقبلها وزير للتعليم العالي ومن ثم الداخلية ...... رجل بهذه المواصفات لابد أن الجهة التي تخيفه جهة نافذة وبيدها مصير الدولة .... فان لم يكن الأول فلن يكن الثالث أو العاشر . 3/ الذراع اليسرى للجزيرة هي الصناعة في عاصمة الولاية ومحلياتها ولكن الصناعة الحقيقة هي في المناقل . كانت المناقل تكفي كل جنوب السودان بعدد كبير من السلع ( الزيوت – الصابون – الدقيق –الطحنية –البسكويتات – الشعيرية –الحلويات – بالاضافة للمنوجات الزراعية مثل الذرة والبصل ) كانت الصناعة في المناقل نشطة والمكينة تعمل والعمال يروحون ويأتون واللواري تحمل وتذهب والفول يرد يوميا للمصانع بمئات اللواري ... والقشارات لا تنام الليل و لا النهار ... والسوق رائجة ومنتعشة ) . فجأة توقف هذا الجسد عن الحركة ..... هل هؤلاء القوم الذين صنعوا كل هذه الأمجاد في زمن الناس فيه نيام أصبحوا سفهاء وأضاعوا كل هذا ..... اعتقد أن هناك أسباب لا تبعد كثيرا عن الذي حدث للمشروع . كان المشروع والصناعة هما عماد اقتصاد الجزيرة في عملية تبادلية خلقت دورة اقتصادية استطاعت أن توفر سبل وفرص العيش الكريم لأهل الجزيرة والقادم إليها من خارجها . # بعض التحديات أمامك سيدي الوالي : ( مع الاختصار الشديد ) . في التعليم : اعلم انك تواجه أكثر من ألف مدرسة أساس مابين منهارة ومتصدعة ومختلطة . وفي الثانوي أيضا مدارسك ليست بأحسن حالا من ناحية المباني والبيئة المدرسية ولكن المعضلة الكبيرة هي النقص المريع في المعلمين المتخصصين في المواد العلمية ( الفيزياء – الكيمياء – الأحياء – الرياضيات ) . حدثني معلم أن هناك محليه كاملة بها عدد ستة معلمين فيزياء . وفي الطرق أمامك مهمة شبه مستحيلة .... طرق متهالكة وتكاد لا ترى بعاصمة الولاية ومحلياتها .. أما الطرق المعبدة داخل الولاية تكاد تكون معدومة .... لا أظن أن المائتان كيلومتر تكفي لتحسين الحال . وفي التعليم الجامعي أليس من حق أهل الجزيرة أن يحلموا بإضافة أربع جامعات .... تقول الانغاذ : جامعة لكل ولاية .... لكن العدل يقول جامعة لكل مليون نسمة وهو السائد في السودان . .... تفتقر الولاية للمعاهد المهنية والتغنية . وفي مجال المياه أمامك مشاكل العطش في محلية المناقل ( غربها وجنوبها ) وإدارية ابوقوتة حيث الصخور الرسوبية وهذا هو الامتحان الحقيقي لسيادتك . وفي الصحة فلا نطالبك بالجديد لان الموجود لا يحمل من المستسقيات إلا الاسم . نلتمس منك تبني مشروع طموح ومتكامل لمقاومة أمراض المياه المرتبطة بالمشروع ( البلهارسيا ) علاجا ووقاية . نجن لم نفصل لك والحال بين والمهمة عسيرة وأنت نظن انك على قدر التحدي . نحن فقط نساعدك بوصفة تعينك على مطالبة المركز بحقوق الولاية : ولايتك ذات الخمسة ملايين نسمة توقر على الدولة أعباء مالية ضخمة ( ميزانية أربع ولايات بولاتها ووزرائها ومستشاريها ودستورييها ومعتمديها ) . وفي الختام .... نقول لك : مرحبا بك في الجزيرة وفي ود مدني وأنت تدخل حكومة الولاية مجاورا النيل رمز النماء والخصب . [email protected]