الجهاز الذي يدير الدولة والمصنف بالحكم ومؤسسته بعد أن لم يعد بعد الاستقلال أداة لخدمة صاحب الحق الأصيل وهو المواطن وبعد أن صنف نفسه كيانا مستقلا ليس هو الذي يتولى أمره بالوكالة منه ويخضع لمحاسبته وإلا لما أصبح كياناً قائما كأي سلعة يحتاجها ويشتريها من السوق. ولم تعد الدولة الجهاز الذي تعود عليه وعرفه في عهد الاستعمار خادماً له يوفر له كافة احتياجاته مجانا أو بتكلفة رمزية لأنه كان يعترف للمواطن أنه هو السيد والمالك والجهاز هو الخادم له إلا انه أصبح تحت ظل الحكم الوطني عميلا من عملاء الجهاز كأي زبون عادى يملك استغلاله وفق ما يشاء كأي تاجر في السوق وان كان المواطن كعميل للتاجر بيده الخيار في أن يختار من يبيعه سلعة حتى يختار السلعة الأفضل وبالسعر الأقل بينما اختلف وضعه كزبون للدولة التي تفرض عليه سعر بيعها له وفق هوى مسئوليها ويضاعفوه متى يريدون والمواطن الزبون ليس له خيار أخر حتى يشترى من تاجر غيره ليستفيد من نظرية التنافس في السوق والمواطن أو الزبون لا يملك أن يسترد حقه منه كما يفعل مع التاجر لو أن التاجر فشل في أن يفي بما باعه له أو الحق به ضرراً نوعياً أو مادياً فهو يملك القنوات التي يسترد بها حقه من التاجر وهو ما لا يملكه مع جهاز الدولة الذي أصبح تاجر محتكراً له. فكيف يكون حال الدولة أو جهاز الحكم بمختلف مكوناته لو أن المواطن يملك أن يسترد حقه من جهاز الدولة التاجر إذا لم يفي بما باعه له أو لحق به ضررا منه طالما انه أصبح مجرد عميل أو زبون مشترى له الحق أن يسترد ما دفعه مقابل السلعة أو التعويض عن أي ضرر يقع عليه من سلعته. فالدولة التاجر اليوم أولاً حرمته مما كان يتمتع به مجانا في عهد الاستعمار وحولتها سلع تجارية في السوق وعلى رئسها كما أوضحت من قبل التعليم والعلاج وان كنت اليوم معنى بما حولته الدولة من حقوقه وخدماته لسلع تجارية تحتكرها وتبيعها له هي ولكنها لا تخضع لما يخضع له التاجر إذا اخل وعجز عن الوفاء بالسلعة أو الخدمة التي (يقبض) سعرها الذي بفرضه هو ولا بملك المواطن أن يفاوض فيه كما يفعل مع التاجر لعدم وجود منافسا له يقدم نفس السلعة التي يحتكرها. والأغرب في هذا إن بعض هذه السلع بل واهما هي في الأصل ملك للمواطن نزعها وصادرها منه ثم حولها نفسه لسلعة يبيعها له وعلى رأس هذه السلع (الأرض) فارض المليون مربع منذ نشأتها هي ملك خالص للمواطن الذي استوطنها قبل أن تصبح هناك دولة فكل راضى السودان ملك خالص لمن استوطنوا هذه المناطق سواقي ومراعى لهم يقطنونها ويتعيشون من عائدها بجهدهم وعرقهم الخاص دون مساعدة من أي جهة فينعمون بمعيشة رضية حتى وان حسبها البعض بدائية لهذا كان المواطن اسبق في امتلاك الأرض من الدولة بعد أن ارتضى المواطن. أن يتجمع تحت ظلها ولكن جهاز الدولة في أول واخطر مردوداته انتزع هذه الأراضي من المواطن ثم سخرها سلعة يبيعها له وعائدها لا يعود له في أي خدمة تهمه بل والأخطر من ذلك إنها أصبحت تمنح لغير ملاكها بالمجان لذوى الجاه والسلطان والمال تحت مظلة استثمار مزعوم بينما يدفع المواطن العادي ثمنا لها ليأوي نفسه بأسعار تفرضها الدولة ظلت تتصاعد على نحو غير مسبوق حتى أصبحت بلد المليون ميل مربع الأعلى سعراً عن كل أراضي العالم ولعلني أعود في مقالة خاصة لوقفة مع بدعة الاستثمار والاستيلاء على الأراضي المنزوعة من ملاكها وسوف تندهشون لحقيقة بدعة الاستثمار. والمفارقة هنا إن الاستعمار لما أراد أن تستثمر الدولة في اكبر مشروع زراعي عاد خيره للمواطن علاج وتعليم مجاني فانه لم ينزع أراضي الجزيرة من ملاكها المواطنين بل استأجرتها الدولة بالمقابل منهم بعقود رسمية واحتفظ لملاكها بحقهم كملاك فانظروا اليوم ما لحق بأراضي الجزيرة وما تشهده من منازعات بين الملاك والحكم الوطني الذي أراد أن ينزعها ليخصصها استثمار للمحاسيب من داخل وخارج السودان وهو نفس ما شهدته ولايات السودان المختلفة حيث وضع الولاة أياديهم على أراضي الملاك يشهد على ذلك. ما يشهده السودان من مشكلات بين المواطنين الملاك وأجهزة الدولة منذ عرفنا الحكم الوطني أما السلع التي تبيعها الدولة للمواطن وتفرض عليه أسعاراً فوق طاقته وتضاعفها كل سنة فأهمها سلعتي الكهرباء والمياه فانظروا لو أجرينا مقارنة بين توفير هذه السلع في عهد الانجليز الإنجليز لتروا كيف أصبحت تحت الحكم الوطني. فالمواطن الذي تبيعه الحكومة سلعة الكهربا لم يكن يدفع قيمة العداد وما يدفعه شهرياً مقابل خدمات هذه السلعة الهامة لا يزيد عن أربعة جنيه في الشهر أما اليوم فجهاز الدولة يبيعه العداد بملايين الجنيهات ويتقاضى منه بالمقابل شهريا إذا حسبناها 50 جنيها فقط هي في الواقع خمسين ألف جنيه فما بالك إذا كان الفاتورة الشهرية تدمج حتى تصل ألف جنيه شهريا مليون جنيه وان هذا المبالغ تتضاعف كل عام والمفارقة الأكبر وقد عايشت تجربتها شخصيا عندما سكنت مربع جديدا فألزمونا أن نوفر الأعمدة والسلك وقيمة العداد والمفاجأة إننا أجبرنا لسداد قسط شهري مقابل العداد الذي توفر من حر مالنا ويومها أثرت هذا الأمر في الإعلام فجاء الرد إن الهيئة تتولى تقبض هذا المبلغ لأنها مسؤولة عن الصيانة وهكذا الحال اليوم مع المياه وفاتورة المياه. الفاجعة الكبرى التي تسدد مع الكهرباء جبرا حتى لو لم تتوفر المياه طوال الشهر وانظروا ما يسببه قطع الكهرباء المتصل طوال الشهر بالساعات الطوال وما يسببه من ضرر للمواطن حيث تفسد كل أطعمته في الثلاجات بل اخطر من هذا كله ما يسببه عود التيار من إتلاف للأجهزة الكهربائية مما يجبر المواطن لشراء أجهزة جديدة فلماذا لا تلتزم هيئة الكهرباء بعد أن أصبحت تاجراً على هذا النحو في أن تلتزم بتعويض المواطن الخسارة التي يسببونها وهذا ما كان سيستر المواطن لو انه اشترى الكهرباء من تاجر في السوق. ولكم ضحكت وأنا اهاتف4848 عن انقطاع طال ستة ساعات عندما علمت انه ليس بسبب عطل فني وإنما برمجة وهذا يعنى إن بعض خطوط إمداد الكهرباء تحمل فوق طاقتها وهذا يحقق مزيد من الدخل للهيئة ولكنه خصما على المواطن لمل يسببه من قطع للكهرباء وبالمناسبة حتى رحيل الانجليز لم نسمع مواطن سدد قيمة عمود أو عداد كهرباء ( استقلال ايه دة اللجايين تقولوا عليه) وأما مآسي المياه فالمواطن بجانب ما يدفعه مقابل هذه السلعة مع الكهرباء لمياه غير متوفرة وما يفرضه عليه هذا الوضع لان يشترى موتور يساعده لتوفير المياه التي تحمل كل وسائل المرض وتكلفه كهرباء فإنها رغم ذلك لا تتوفر له وتظل تشخر في نوم عميق اغلب الشهر. (هل تروا إن هناك ما يستحق الإضافة لاشك إنكم اعلم منى بالمزيد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم لطفك يا رب. [email protected]