يحتدم الجدال والنقاش هذه الايام حول زيادة تعرفة الكهرباء والمياه، فقد ذهب وزير الكهرباء إلي القول بضرورة زيادة تعرفة الكهرباء وقدم مقترحه هذا للجنة المختصة بالمجلس الوطني والتي رفضت هذه الزيادة جملة وتفصيلاً بل وجهت الوزارة بالبحث عن بدائل أخري مثل ترشيد الاستهلاك .... ولكن الوزير مضي في مقترحه وهو يعلم علم اليقين أن لا اللجنة ولا حتى المجلس الوطني نفسه يملك القدرة والسلطة علي رفض هذه الزيادات وفي خطوة استباقية قابل الوزير السيد/رئيس الجمهورية وعرض عليه مقترحه أي الزيادة ولا ندري علي وجه اليقين قرار الرئيس في هذا الأمر مع أن الصحف نشرت علي لسان الرئيس إن الزيادة خط احمر ولكن الوزير مضي يحدثنا عن الزيادات وأنها قادمة لا محالة ولكنها لا تمس الفئات الضعيفة هذه الفرية ما عاد يصدقها احد وواقع الحال يكذبها فالزيادات تنسحب علي كل شئ السلع الضرورية وعلي الخدمات فالزيادة علي القطاع الصناعي مثلا يظهر أثره علي المنتوجات وهكذا فأن أي زيادة في تعرفة الكهرباء تعني الزيادات في كل شئ والوزير يعلم ذلك , ولكن الفاشلين من المسئولين قد تعودوا علي ركوب السهل لافتقارهم للابداع ولا يهمهم ما يصيب المواطن من رهق علي رهق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، لم يحدثنا الوزير أن كانت هذه الزيادات تسري بعد استقرار الكهرباء ووصوله إلي كل مواطن في هذه البلاد أم أنه في عجلة من أمره في تحصيل هذا الرسوم غصبا, فأن كان الأمر يتعلق بخطة واضحة المعالم بحيث تنداح خدمات الكهرباء وبصورة جيدة علي كل البلاد فلا مانع من الحديث عن الزيادة بهدف التجويد , ولكن علمتنا التجارب في ظل هذه الحكومة أنها بارعة في تحصيل الرسوم بكل الطرق متفوقة في ذلك حتي علي الترك الذين أشتهروا بالقساوة في تحصيل الرسوم والضرائب ولكن الذي لا يعلمه الناس هو الي أين تذهب هذه الرسوم ؟ وبطبيعة الحال فأنها لا تذهب إلي موضعها وإلاّ لأستقام أمر الكهرباء والمياه والتعليم والصحة وهلمواجرا ، نقول للوزير الهمام أتق الله في هؤلاء المساكين وأصحاب الحاجات وابحث وأجتهد عن معالجات بعيداً عن الزيادات أطلب من حكومتك أن تعلن التقشف فمن غير المعقول أن تستورد حكومة ولاية الجزيرة عربات فارهات بقيمة تفوق خمسة عشر مليارا من الجنيهات في الوقت التي تعاني فيها البلاد من شح الموارد بحيث لا تستطيع توليد الكهرباء بالحجم المعقول وفي الوقت الذي يعاني فيه مستشفي الكلي في مدني من شح الموارد ولا يستطيع مواجهة أزمة الصرف الصحي فقط بضع عشرات من ألاف الجنيهات كافية لحل مشكلة الصرف الصحي ولكن؟ ، الأمر في غاية البؤس وينهض دليلاً علي افتقار الحكومة للتخطيط السليم وترتيب الاولويات فمهما بلغت الزيادات فأنها لا تعالج أي مشكلة مادامت الحكومة في سياساتها البائسة , لا تعرف حرمة لمال ولا تضع الأمور موضعها الصحيح ، هذه الزيادات سوف تصبح واقعاً مهما كانت الظروف لا المجلس الوطني يستطيع رفضها ولا يحزنون، والأعجب أن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل حزب سيدنا محمد الحسن الميرغني يهدد بالأنسحاب من الحكومة حال تمرير هذه الزيادات هذه صرخة في وادي كمن ينعق بما لا يسمع الا دعاء و نداء , ألم يدرك هذا الحزب العجوز أن المؤتمر الوطني ما تعود أن ياخذ برأي الأحزاب المشاركة في الحكومة , هي مجرد أحزاب تمومة جرتق لا يملكون لا همسا ولا ركزاً ، ليس هذا فحسب بل لا يكلف المؤتمر نفسه حتى في مشاورتهم في مثل هذه القضايا .... نذكر مولاناو سيدنا محمد الحسن أنه مضي كثير من الأيام خصماً علي مائة وثمانين يوماً الذي حدده لمعالجة مشاكل البلاد وحتى لا نستبق ألأحداث ولانبخس الناس أشياءهم فاننا في انتظار بركات سيدنا لحل مشاكلنا في المدة المضروبة!! أما مياه الخرطوم وما أدراك ما مياه الخرطوم هذه الهيئة التي فشلت علي مدى السنوات الطويلة في حل مشكلة المياه والتي ترقد علي نهرين عظيميين من أنهار الجنة في ظاهرة تعكس بؤسنا وقلة حيلتنا ويعلم الجميع أن مشكلة المياه في الخرطوم تكمن في سوء التخطيط وقدم شبكة التوزيع وتهالكها وانهيار محطات المياه والتي صرفت عليها أموال طائلة , فبدلاً من أن تجتهد الهيئة في إصلاح عطب هذه المحطات وتغيير شبكات التوزيع وتشغيل الابار الموجودة أصلا , ومن ثم تتحدث عن زيادة التعرفة بدلاً عن ذلك لجأت إلي الطريق السهل ولكنه مرهق للمواطن المسكين كل يريد أن يزيد خزائنه ليصرف منها علي البذخ , عربات ومكاتب ونثريات وما خفي أعظم ....... الوزير المختص قضي أمر زيادة رسوم المياه بليل وصرح في الصباح أن الزيادة بنسبة 100% وان حكومة الولاية وافقت علي ذلك وان القانون أمام المجلس التشريعي للاجازة كأمر شكلي هكذا قال الوزير بقوة عين يحسد عليها وحتى كتابة هذا المقال لم ينفي ما قال ولم يتراجع ولم يعتذر بعد ، والمجلس التشريعي المسكين يهدد ويتوعد علي الفاضيرحم الله أمري عرف قدر نفسه!! وفي نهاية المطاف بعد كل هذا الهرج والمرج فأن الزيادات واقعة واقعة وبالمقابل لا تحسين للخدمات ولا يحزنون وهكذا تمضي الأمور في هذه البلاد لا تخطيط ولا محاسبة ولا مراجعة كل يفعل ما يشاء والطامة تقع علي أم رأس المواطن الذي لا بواكي له ، أليس في الحكومة رجل رشيد يقول لا لهذا العبث!! ويقول كفي لهذه الخرمجة !! لو أن الحكومة جادة كما يدعي قادتها للجأت إلي التقشف المفضي إلي توفير أموال طائلة تكفي لدعم الكهرباء والمياه وتحسينهما وكذلك للتعليم والصحة ومحاربة الفقر ولكن لا حياة لمن تنادي ، مظاهر البذخ في البلاد لا تخطئها العين العربات الفارهات والبنايات الشاهقات والفلل المنتشرة في كل مكان وهي تطل برأسها ساخرة ومتحدية !! وكذلك الفرش الناعمة والمكاتب المذهبة التي لا تشبه حال البلاد .... ولله في خلقه شئون. بارود صندل رجب المحامي [email protected]