o في ظل التجاهل العام لدور الصحافة و الاعلام في التغيير، لا اندهش عندما لا نجد تفاعل من المجتمع والحريات الصحفية تنتهك، وعندما لا تحرك القوى الوطنية ساكنا لدعم الاعلام المهني، وهنا لافرق بين من ينتهك الحريات الصحفية وبين من لا يدعم أو يتفاعل جميعهم شركاء في الإنهزام الإعلامي الحاصل اليوم..!! o أشد ما ألمني عندما علمت بأن صحيفة ك (سودانايل الإلكترونية) توقفت بسبب شح الموارد المالية، ولم تجد من يدعمها، رغم شعبيتها الكبيرة في الداخل والخارج، ورغم مهنيتها التي لا تخطؤها العين، ولم استغرب عندما علمت ان الموارد البسيطة التي تجنيها الصحيفة كانت تاتي عن طريق الإعلانات المدفوعة القيمة، وانقطعت بسبب توقف الإعلانات، وهذا وضع طبيعي في الساحة الصحفية التي تفشت فيها (الرشوة) و(المحسوبية) عيانا بيانا، وأصبحت الاعلانات تقدم كرشوة للصحف الموالية وتمنع من الصحف المغضوب عليها من قبل السلطة بسبب حيادها الإعلامي ومهنيتها، والنماذج لا تحصى ولا تعد، وللأسف الشديد أصبحت الصحافة تتحرك عن طريق الرموت كنترول كيفما تشاء الاجهزة الحكومية، والا ستغلق عنها (بلف) الاعلانات المليارية وستعاني هذه الصحف من شح الموارد المالية، وربما تغلق ابوابها فقط لانها اختارت طريق (المهنية).. ونموذج (سودانايل) ماثل أمامنا، ولولا بعض الوطنيين الذين قاموا بدعم الصحيفة لما استطاعت العودة لقراءها مرة أخرى، ولكن لم ينتهى الخطر بعد، فالصحيفة مهددة بالتوقف والإحتجاب عن القراء في اي وقت بسبب قلة الموارد وعدم قدرتها تسديد الاشتراك السنوي للموقع، وسودانايل نموذج لعشرات الصحف التي توقفت لذات السبب.. وبدأ الإعلام السوداني المهني (الإلكتروني) و (الورقي) مهدد بالإنقراض والتلاشي، مقابل تطور المؤسسات الاعلامية الصحافية التابعة للنظام بكل انواعها (الالكترونية، الورقية، الاذاعية، الفضائية) وسيطرتها على الساحة وتلقيها الدعم المادي السخي والرعاية الرسمية دون قيود..!! o اذا كان واقعيا هذا هو حال الإعلام المهني والموضوعي، والذي يتمثل في صحيفتين او ثلاث (ورقية) ومثلها إلكترونية وعاجزة عن الاستمرار بسبب شح الموارد ومحاربة الحكومة لها، علينا ان لا نحلم بفضائيات حرة واذاعات (اف ام) مهنية لا داخلياً ولا خارجياً، ولننس الفكرة من اساسها فهذه المنابر الاعلامية عالية التكلفة وتقبع في آخر اهتمامات السودانيين في الخارج والداخل، واذا كانت (سودانايل) عاجزة عن الاستمرار بسبب (رسوم الاشتراك) فعلى الصحافة السودانية السلام.. وبدأت قناعتي تتشكل فعليا بان حتى القوى المعارضة ليس من مصلحتها وجود اعلام مهني ومحايد!! والا فلماذا لم نشهد بعد مرور ربع قرن كامل قناة فضائية (مهنية) واحدة مقابل عشرات الفضائيات (الموالية)..؟ وبهذا في تقديرنا العقبة ليست مالية بقدر ما هي عدم رغبة في الدعم وعدم دراية حقيقية بدور الاعلام وقوته وسلطته في التغيير وكشف الحقيقة، فالصحافة ليست (للتسلية وقتل الوقت) كما يريد لها البعض ان تكون.. وفي ظني الخاص آوان اصلاحها فات ولا أمل ولا ضوء في نهاية النفق، رغم تطور الوسائل والتكنولجيا ولكن لا فائدة من هذا التطور اذا لم تتطور العقول والافكار وتواكب الواقع..!! ودمتم بود الجريدة [email protected]